محمد عبد الله صالح
🌹🌹
اِرتجَلتُها ذاتَ مساءٍ حميمِيٍّ
ـــــــــــــــــــــ
(1)
أمَّا بعدُ
أنَا فارغٌ تماماً
تماماً بلا حقيقةٍ واحدةٍ ،
أُحاولُ النُّهوضَ بأَكاذيبِي
وٱلسّيرَ بها علَى الحِبالِ
لأنَّ ٱلأرض لا تُرَحِّب بِي
ولا تُغلِق فَمها عن مصَائبي المتَكررَةِ
انا ضيِّقٌ وخافِت
أَتحرَّش بالفتيَاتِ في مُنتصَف الليلِ
رغمَ أنِّي لا أُجيدُ السِّباحةَ في حكايتِهم
ٱلممْتدةِ
أُحاول أن أخبِّئَ لعنةَ القبيلةِ النَّافذةِ
لرأسِي
بقبَّعاتِ المَهزومِين والحَانقِين
وأَختبئُ كمصيبةٍ تحتَ ضفائرِ ريفِيَّةٍ
كانت تفشلُ دائماً في ٱلتَّعاملِ مع صِبيِة ٱلحقْل
وربَّما تنجحُ في جمْع المَحصولِ
(2)
أعرفُ أني ساذَجٌ جِداً
حينما يتعلق الأمر بٱمرأةٍ أُحبُّها
وأَعرفُ أيضاً
أنَّ نصوصَ الحُبِّ التِي
أَكتبُها على أسوارِ الحدائق ِ
فارغةٌ
منِّي تماماً
وأنِّي ربَّما أَكون بلا هويَّةٍ صادقةٍ
وبلا مشاعرَ نبيلةٍ
أَكتفي بقصيدةٍ
ٱرتجلتُها ذاتَ مساءٍ حميميٍّ نِكايةً بإبْلِيسَ
فلم يعُدْ يهتَم لهَا أحدٌ..
أَنا لم أَكن في المَكانِ الَّذي تراهُ أنتَ
وهذا دليلٌ آخرُ على غَبائِك
فأنت تخرجُ عن النَّص دوماً
وتنْسى أقدامَك تحت طاولةِ الحقيقةِ المؤكَّدَةِ
وتركضُ بساقِك العَرجاءِ بين أرصفَةِ المدينةِ
وأشجارِ ٱلحيِّ ٱلمُثقلةِ بالنِّساءِ والأطفالِ
مثلَ مجذوبٍ يشدُّ رِجليهِ
(3)
أنا لستُ بشريّاً خالِصاً كما يظنُّ البعضُ
العاطفةُ خانَت أبِي ذاتَ مساءٍ
وٱستغْفَلتْ أُمِّي وهي في حالةِ سُكرٍ
فكنتُ أَنا...
الحقيقةُ أنَّ الشيطانَ يمتَلكُ نصفَ جسدِي
إحدى يديَّ لي والأخرى لهُ
لكنَّني أدركُ تماماً أنَّه ليسَ أنَا
الّذِي يكتبُ ٱلحماقاتِ دائماً..
(4)
أعرِفُ أنَّ الأمرَ لا يتوقَّفُ على كوني أبْلهَ
فحسب
بل أشدُّ خيبةً وكارثيةً
بشكلٍ يجعَلُني أتحمَّل تبِعاتها
فتتَفاقَم بداخلي دفعةً واحدةً
أَشقُّ الشارعَ
فلا أرى غير نكبةٍ تُحَاوِل أنْ تُعيد ٱتِّزانَها
لتُحدثَ ضجيجاً أحمقاً
المُرتَمون على طاولةِ الٱنتِظار كاذبُون
بل أشدُّ كذباً من أحاديثِهم الملفَّقة
يدسُّون كوارثَهم في كُّم جاريةٍ
تفشَل عندَ أوَّل قُبلةٍ
كما تفشلُ تماماً عندَ أوَّل خطيئَةٍ
(5)
أَفِرُّ هارباً من شَوارعَ تأخُذ وظيفةَ ذئبٍ
يجُزُّ أسنَانَهُ لفَريسةٍ قادمةٍ
ربّما أَكون أوَّلَ من يريدُ اللَّحاقَ به
حظِّي سيِّئٌ كٱلعادةِ
هكذا كانت تقولُ جدَّتي
رغم أَني لم أصَدقها
ولم أَلتفتْ لحديثِها ولو لمرةٍ واحدةٍ
فأنا عاجزٌ تماماً عن عَنْوَنةِ ٱلأَشياءِ
وعاجزٌ عن إخراجِ ما بداخلِي
سقُوطي لا يمثِّلُ صراعاً قويّاً
يديرُ حرباً بين هَذا وذَاك
بلْ سأرتَمي هادئاً دونَ صوتٍ
فلنْ يشعُرَ بِي أحَدٌ ......
من ديوان ( يركض خلف توابيته القديمة )