هل عرفت الاغريق نموذجا للدولة الفاشلة
العقيد بن دحو
رغم أن مصطلح الدولة الفاشلة مصطلحا حديثا ، لا
سباب ميكيافلية و ماكلوهانية ؛ الغاية فيها تبرر الوسيلة او الغاية بحد ذاتها هي
الوسيلة. كالذي يكرهك او لا يحب أن يحلم
عليك دائما احلام كوابيس او كما يقول المثل الشعبي الجزائري.
ورغم ما يتفق عليه الكبار دوما و قبل العلماء -
السيف يسبق القلم و العدل احيانا - يتفق
على ان الدولة الفاشلة هي الدولة التي لا تحسن مقدراتها التحتية و الفوقية ،
المادية منها و المعنوية. و بالتالي تفقد سلطاتها على جميع ربوعها و لا سيما الحدود
منها وتفقد بريقها السياسي و الدبلوماسي
وازدهارها المحلي و الوطني و العالمي.
الدولة الفاشلة التي لها اسم و شعار وحكم وعلم
وقسم ككل الدول غير انها لا توظف واحدة من تلك القيم في مكانها الصحيح.
الدول الفاشلة عندما لا تعتبر الحكم في حد ذاته
ثروة وطنية قومية يجب الحفاظ عليه- الحكم
كنز - لا ان يوضع ويرهن مصير أمة في يد
شخص واحد او في حزب واحد او في جيل واحد عمري محدد ، وإنما الإيمان
بسلطان(التداول) ولو بالتنازل المر !.
ان الدولة الناجحة لم تخلق لرجل واحد. حتى ان كان هذا الرجل يعود اليه الاستقلال
المالي و المادي و الجغرافي لهذه الدولة او تلك. وإنما دائما بعد النظر إلى الآفاق المستقبلية.
الاستشراف ، التخطيط السليم ، و تجديد هياكل الدولة الفلسفية و ضخ دماء جديدة في
جميع هياكلها و مرافقها.
لقد عرف و
شهد اليونان منذ ما قبل الميلاد الدولة ، واسس اركانها و شيد معالمها الحضارية المادية و المعنوية ، وكان قد
أجلها و قدرها و قدرسها ثم سماها (بوليس)
/ Polis بمعنى احسن معلم.
وعندما لا يحترم هذا المعلم بين تلاميذته و لا بين
أفراد مجتمعه تتحول الدولة من أحسن معلم إلى افشل معلم. لا يكون في مقدوره تادية
رسالته التربوية و البيداغوجية التعلمية التعليمية على أحسن ما يرام ، يوم ذاك.
تصير المدرسة بلا جدوى ، تكرس الجهل بحد ذاته. ويفرغ و يصب على المدينة او الدولة
صب فراغ !.
وبالتالي على من تحكم اذا كان البلد فارغا او كما
قال الأثر الاغريقي الكلاسيكي القديم.
من أسباب الدولة الفاشلة التي لم تحسن استغلال
مقدراتها البشرية تعميم الفساد بكل اشكاله و انواعه ، و لوانه ؛ حتى اذا عمت تراخت و ساد الجهل و الجهلاء ، وعم
الظلم و الظلام و الحق و الاستحواذ.
ومويعت العدالة ، ساد القوي على الضعيف استغل الطرف الخارجي هذا الفشل و
تدخل في جميع دواليب الدولة مفتتا و مفككا ما تبقى من أسس و اساس ، ليزيد في
الاخير منطقه المباشر و غير المباشر على البلاد و العباد.
أمام هذه التحديات التي تجابه بعض الدول تبقى
الثقافة و المكون الثقافي هو الخلاص الذي ينقذ الدولة من براثن الفشل المبرمج و
المقنن و الممنهح و المعلب الذي ينقل من
وراء البحار كما تنقل اي بضاعة لها كتلة و مساحة وحجما ولونا ونوعا !.
انتشار الوعي و التوعية واستغلال وانتهاز الفرص
التاريخية واستغلال تأثير الجغرافيا في المكونات السياسية.
كما تعتبر مدينة (ثيبة) في دراما تراجيديا الماساة
(اونتجونا) النموذج الأصيل للدولة الفاشلة. حين حوكم جورا على اونتجون.
وهذا الحوار يشكل حوارا لفشل دولة :
- كريون : واي الناس غيري يستطيع أن يملك هذه
المدينة ؟
- هيمون : ولكن الدولة لم تخلق لرجل واحد .
- كريون : أليست الدولة لمن يحكم؟
- هيمون :
نعم ، هذا حسن ، ولكن البلد إذا كان خاليا مقفرا ، فعلى من تحكم ؟.