حامد حبيب
تاجور..شاعر الهند العظيم
لم
يكن(رابندرانات تاجور) هو شاعر الهند العظيم وحكيمها فقط ،
ولم يكُن عَلَماً
من أعلامِ الشرقِ فحسب ،
وانما كان مفخرةً من
مفاخِرِ الإنسانية.
لقد كان له تأثيره العظيم على العالم ، لمثاليتِه العالية
وعبقريتِه السامية، ورَحابةِ أُفقِه ونقاء سريرته.
وإن أشعارَه التى ترجمها عن البنغالية للإنجليزية
تُعَد من الروائع التى مُنِح من أجلِها جائزة نوبل.
لقد رفع هذا الرجُل مكانةَ أُمّتِه، واكسبها عطف
العالم
إنه شاعرُ الغناء والطبيعة والقومية والتضحية ، وهو
إلى جانب ذلك روائىٌّ ممتاز وقاصٌّ بارعٌ
وفيلسوفٌ
بعيدُ التأمُّلات ، وناقدٌ _أيضاً_نافذُ النظرات ،
كما كان
موسيقياً مُجيداً.
شارك (تاجور) فى
حركة بلاده القومية ،
واضطرّهُ ولاؤهُ لوطنِه أن يرُدَّ اللَّقبَ الذى منحه إياه الانجليز..
كما
استطاع بأخلاقه وجهوده
أن يرفع مستوى التربيةِ والأخلاق
فى بلادِه ،
وكان فى طليعةِ الداعين للسلامِ والرُّوحيّة ،ومن
العاملين على إيجادِ العقلية الدولية التى تستطيع أن تُجنِّبَ العالمَ ويلاتِ
الحروبِ والخرابِ والتدمير.
ويقول فى كتابه العظيم"
سادهانا":"..وليست الروحُ
مُنافرةٌ للطبيعة، ولاالطبيعةُ مناقِضةٌ للروح،
وانما هى وَقودٌ لِلَهيبِ الروح ،
والإرادةُ البشريّةُ تستمدُّ قوّتَها
ممّا يحيط بها ، والطبيعةُ قابلةٌ للتكيُّف
حسب إرادةِ الإنسان.."
ويرى (تاجور) آثارَ الروحيّةِ فى كلِّ شي..فكلُّ
مظهرٍ من المظاهر يحرّك فى نفسهِ العبادة ، ويُثيرُ التقوى، ويُطلِقُ مِن شفتَيهِ الانغامَ
والتهاليل.
ويرى أنَّ الفنَّ الصادقَ هو الذى
يسمو بنا فوق آليَّةِ الحياة ،
والشاعرُ الحقُّ هو الذى يُحلِّقُ فوق المطامعِ والشهوات ، ويرتفع إلى المستوى الروحى.
ويقول:
"أنه ليس من أرَبِ
الشِّعرِ أن يُحدّثنا
عن الفلسفة، ولكنه لايستطيع أن
يؤدّى رسالتَه إلا إذا تضمّنَ رؤية فلسفية ، وأنّ خيرَ
الشِّعرِ هو مافسّرَ لنا الحياةَ ووافانا
باراءٍ أنصح وأكمل عن حقيقتها.. وأنّ الشِّعرَ
لايُمتِع إلا إذا
أبانَ لنا الابدى
الخالدَ خلال صُوَرِه
وخيالاتِه...والشاعرُ الحقُّ يُلمّح
"الكُلّى" خلال
"الجزئى ،ولكى تسمو الروحُ إلى مستوى الشاعريّة،
لابُدّ
لها أن تنسجمَ
مع أرواح الأشياء ، ويزولُ الخلافُ بين
الداخلى والخارجى... والشاعرُ يُفسّرُ
الحقائقَ
ويُميطُ الّلثامَ عن
سرِّها ، ولايكتفى بملاحظتِها وتسجيلِها.....
والشاعرُ يستخرجُ من مظاهرِ الاشياء الناقصةِ
الزائلةِ الجمالَ الرُّوحىّ الباطِنى.. والفنُّ هو
المجهودُ الذى يبذله العقلُ البشرىّ فى تفهُّمِ الرُّوحِ
الداخليّةِللأشياء،
فالشعرُ ينزَعُ إلى صميمِ الأشياء ويخلُص إلى
دخائلِها
ولايقفُ عند حدود الطبيعةِ الظاهرة...
فالشاعرُ يُطلقُ الروحَ المحبوسةَ فى
الأشياء..فالشعرُ
عند(تاجور) هو حرمُ الجمال.
*قليلٌ
من كثيرٍ عند الشاعر العبقرىّ (تاجور) ، ذلك
الرجُل المُبهِر فى مواقفِه وآرائه.
كيف كانت حياتُه رسالة....فالشاعرُ رسالة .
_____________
حامد حبيب _مصر
٢٩_٥_٢٠٢٢م