العقيد بن دحو
" اونتجون" قبل وبعد ان وصلت الينا
يكاد يجمع النقاد ، الدارسون، و الباحثون في روائع الفكر الكلاسيكي ؛ و لا
سيما الأدب الدرامي بشقيه التراجيدي و الملهاتي ؛ الماسوي و الكوميدي و كذا
الاساطير او العقد ان تكون من محض مخيلة شاعر
واحد ، صوفوكليس او يريوبيدز او اسخيلوس او ارستوفانز.......
لذا شككوا ان تكون الاليادة و الاوديسا من انتاج و ابداع مخيلة هوميروس
الصرفة.
بل وصلت الينا عن طريق الاضافات و التراكم. اي ان كل شاعر تناولها وفق
الرؤية التي يراها هو نفسه طبقا لقواعد
وقوالب ، - ووجهات نظره الفلسفية و الفكرية - عصره وجيله.
لماذا اونتجون بالضبط دون غيرها من العقد ؟
امتازت قصة اونتجون التمثيلية بما يمتاز به المواطن المخلص الوفي لوطنه
ولامته! ؛ فهي حاربت الظلم و الطغيان حتى الرمق الاحيرة ، و تحدث قوانين عمها
كريون الظالمة الجائرة . ؛ فضحت بخطبها بما تتمناه اي فتاة في مجرى حياتها ، و بنفسها
؛ اختارت ان تموت على ان يموت
وظنها تحت وطأة الخيانة و الخساسة، و الطمع او الدناءة في السلطة حتى ان كان الاخر
له طرف في ذلك.
الغريب ان للقصة لها ارتباط عميق بالتاريخ الجزائري و لكن لا حديث لمن
تنادي...!
القصة مثلت بالجزائر سنة 1953 على ركح مسرح الجزائري ابان المستعمر
المستدمر الفرنسي ، و لما اعيد إنتاجها و تجسيدها على نفس الركح 1954 وشهدت وشاهدت
الجماهير تضحيات اونتجون ؛ ضجت الجماهير بالبكاء و التحقوا الممثلين و الجمهور
المتفرج بصفوف جيش التحرير الوطني فضلا و نصرة و تضحيات اونتجون ، نموذجا و امثولة
لتضحيات الوطن الجزائري.
كان أدنى شيئ يقدم لاونتجون هو ان يسمى مسرحا باسمها !.
لقد وصلت الينا اونتجون عن طريق المؤلف الكاتب الجزائري احمد سفسطة ، بعد
ان تخلى فيها عن الجوقة اليونانية ور ئيس الجوق او الكورس الذي كان يمثل عموم
الساكنة او الناس.
كما تعتبر الجوقة و ما تقدمه من اغاني ما بين المشهدين او ما بين الفصلين
بمثابة الحائل او الستارة.
كما لم يتأخر العديد من المؤلفين العالميين في اقتباس نص اونتجون ومحنها
تفسيرات و تاويلات حديثة بما يلائم العصر منطقا ولغة والوحدات الثلاث و كذا
الوحدات الثانوية ، اذ من غير المعقول ان تظل الآلهة كما كانت عند الاغارقة مما
قبل الميلاد تتحكم في مصائر البشر ، كما هو القضاء و القدر الذي عوض بالدكتاتورية
و الحكم الفردي في دولة يحكمها الظلم و الطغيان و الاستبداد.
اذ من غير المعقول ان تظل الناس تؤمن بوجود مملكة للاموات تسمى ( هيديز)
تحت الأرض؛
تدفن فيها اونتجون حية حتى الهلاك
الاخير !. او من وراء افول لا يؤوب منه مسافر كما قال صوفوكل الشاعر الدرامي
التراجيدي .،
نفس الشيئ اتخذت اونتجون بعدا حداثيا مع الفنان بيكاسو حين اختزل الجوقة
بأكملها من صوت منفردا يخرج من كوة داخل ركح المسرح.
ظل النقاد يتحدثون حول او متجون و سيظلون كونها اتخدت بعدا انسانيا لا
يطويه زمان و لا مكان. بل ستظل نصا قابلا للتحويل و للاضافات الاخرى محليا و
عالميا ؛ و بقدر ما تكون محليا بقدر ما تكون عالميا/ ( روجو).
