جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءمسرحAkid Bendahou

المسرح الفقير و تداعياته عن المجتمع

 

المسرح الفقير و تداعياته عن المجتمع

العقيد بن دحو

ورد على لسان الشاعر الاغريقي (هزيود) او يسمى (هزيودس) : " الفقر دية الكسل " .

بمعنى انت فقير انت كسول.

ولم ار ولم اجد أمة كانت تستحيي من الفقر مثل الأمة الاغريقية ، و جل الكلاسيكيات التقليدية الاخلاقية و لا سيما في التراجيديا الماساة التي وصلت الينا حتى اليوم ، لم يشير اليه الدارسون و الباحثون و النقاد ، كون الكلاسيكيات التراجيدية و لا سيما الشعراء العمالقة الدراما( يوريوبيدس - صوفوكليس - اسخيلوس) لم يشيروا إلى  الفقر لا من قريب و لا من بعيد.

وحتى في الحضارة الديمقراطية مهد الديمقراطية الحديثة ، كانوا دائما يلمحون الاغارقة إلى أن الديمقراطية لا تليق لشعوب  يائسة العزيمة و فقيرة ومحبطة الارادة. و حتى ارسطو متحاملا على نفسه قال مجاملة !: الديمقراطية هي ترف الأغنياء وخبز الفقراء !.

لم يشر الأدب التمثلي اليوناني إلى الفقر الا في نص ارستوفانز حين البس المرأة(الكترا) الاورستقراطية ؛ التي نشات نشاة ارباب الملوك ،  وكانت ربيبة قصور الآلهة، انصاف الآلهة و الابطال ؛ ربيبة النبلاء ثوب الفقر ، و جعلها في احدى كوميدياته تتزوج فلاحا فقيرا معدما، تسقي الماء من حوض بعيد عن كوخها، و تحمل دلوا من الماء على راسها !.

هذا المشهد المشوه، والذي يسقط بالطبقة العلية للمجتمع من اعلى عليين إلى أسفل سافليين ، كيما يجعلهم الشاعر الكوميدي محل سخرية ، استهجان ، استهزاء بل لا يكتفي بذلك ، وإنما يحيطهم بكثير من الهمز و الغمز و اللغز. يجعلهم يتحدثون اللهجات السوقية  و العبارات النادية، التي تمتاز باطراح الحياء و سقط المتاع...  !.

كانت تظهرهم الكوميديا و كأنها  منتقمة حاقدة ، سادية تتلذذ بعذاباتهم ... على التراجيديا محل الضحك ، تضحك الجماهير عليهم . بعد ان سيدتهم و شيدتهم التراجيديا و الماساة في طبقة لا يصلها الا من امتاز بما يمتاز به الإله.

وانا اتحدث عن الفقر في المسرح، على اعتباره ابي الفنون ، و بالتالي جميع فنوننا الزمانية و المكانية فقيرة كارث تجرعته التجربة الفنية.

الملاحظ اليوم و عبر مسارحنا سواء تلك القديمة النشاة او المستحدثة الجهوية منها ، ذاك ( الفقر) المدقع الذي يلتمس كل زائر ذواق للفن او من يملك أدنى فكرة عن الفن الرابع....حجم الأزمة المالية المادية التي نست مسارحنا.

يلاحظ من خلال ذاك الديكور الفقير ماديا و معنويا ، الذي نصب مجدارا ( فزاعة) محتشمة، تجسدمسرحية اخرى هزيلة الفقر ، ناهيك عن تلك الشخصيات البائسة التي تجدد اكبر دراما كونية للعدمية السوداء.

إذا كانت الحضارة الاغريقية تستحيي من الفقر ، فكم نشفق عن حال اولئك الشباب او الكهول الذين شبه يتسولون على عتبات أبواب رجال المال و الأعمال، من اجل تليطون بائس يكعب بماء الحياة من الاوجه و بكثير من كراماتهم ، يعدون ايديهم المغلولة لبعض الدريهمات المعدودات، التي لا تكفي حتى لشراء معدات ديكور للمشهد الفقير ذاته ، او اكسيسوار او ماكياج لمشهد رجل فقير متسول بعرض الطريق.

هم اختاروا السبيل الاسهل و لم يكلفوا انفسهم الوقوف عند باب وزارتهم الوصية الفقيرة بدورها. تلك الميزانية التي ترصد لها سنويا 0.65 % .

ماذا تنتظر من أدب و فن و ثقافة فقيرة ، سوى فنان واديب و مثقف فقير ، و الفقر يجلب النحس كما يقال !.

ومع هذا المنظمون ، المحافطون يوزعون ( الجوائز ) ، يوزعون ( التكريمات ) ، يوزعون الشهادات و الدروع الاكثر فقرا المستحقة.

شأنهم- حسب نظرية العوالم المتداخلة - في رواية الخرائب الدائرة(لبورجس) :    ان الحقيقة الأولية ليست الا للعالم كما يراه فقير هندي ؛ ولكن هذا الفقير نفسه لا يوجد الا في فكر فقير آخر وهلم جرا....  مثله مثل صور الدعاية حيث يحمل أحد مدمني الخمر زجاجة في يده تمثل اللصيقة عليها مدمنا آخر للخمر  يحمل في يده زجاجة و هكذا... تكون فنوننا و ادابنا و ثقافتنا عليه اليوم ، انعكاسا لذاك النسرح الفقير ، هي نفسه تلك اللوحة الاشهارية التي تحمل وجها مقنعا و يحمل لصيقة عليه صورته هو نفسه يحمل زجاجة خمر.

زجاجة خمر أيدانا بفقدان الوعي حتى لا يدري ماذا يفعل ، انه يقوم بأكثر دور تراجيدي كوميدي لشخص فقير في مشهد فقير لجمهور فقير لنص فقير يسمى بلغة الفقر و اصطلاحه المسرح الفقير.

كم نشفق على حالهم وحتى في عدم وجود ديكور ، و حتى في عدم وجود جمهور ، و في عدم وجود نص يمثل الممثل كون ( الفقر) ليس بحاجة إلى كل هذا و لا إلى وحدات و لا إلى أشخاص، كون الفضاء الفارغ  و الفكرة الفارغة و الفعل الفارغ هو هدف المسرح الفقير الذي يتجسد يوميا على خيبات مسارحنا دون استثناء.

والأشد فقرا حينما تسند الأدوار إلى نفس الفقير يجسد فقره ، و يبلغ الناس الفقراء بدورها... وهكذا العابرون للرحلة يمرون دون ان يشعروا بأن الجيوب الفارغة معقودة على الاذهان الفارغة ايضا.

ولأن لا اجتهاد مع النص.

فالعديد لا يريد أن يجتهدوا مع الفقر  مادام النوم احسن ارتجال لا حسن نص جماعي لاحسن اخراج جماعي.... وهكذا تعم التراجيديا هذه المرة القائمة على الكوميديا الساخرة.

عندئذ المسرح يصير النموذج المصغر للفقراء الشامل الاعم.

بصحتكم النجاح في ملقاكم هذا.... و إلى فقر اخر!.


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *