جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

زكريا شيخ أحمد

خلل

يقولُ لي طبيبُ العيونِ

أنَّهُ ما منْ خللٍ في نظري

و أنّي لا أحتاجُ لأيِّ نوعٍ منَ العدساتِ الطبيةِ المصغرةِ .

أتوسلُ لَهُ أَنْ يقومَ بفحصِ عينيّ مرةً أخرى

و أَنْ يتأكدَ منْ عدمِ وجودِ خطأ في أجهزةِ الفحصِ

لأَنَّ هناكَ خللاً كبيراً في عينيّ

لدرجةِ أَنَّني لا أستطيعُ المشي في ايِّ مكانٍ

خشيةَ الاصطدامِ بالأشياءِ التي أراها .

أقولُ لَهُ أنّي لا أرى فقط الأشياءَ

بلْ أرى سلسلةً طويلةً منَ البشرِ

تحيطُ بأيِّ شيءٍ تقعُ عينيّ عليهِ .

فوضى عارمةٌ و ازدحامٌ هائلٌ في الشوارعِ و الأمكنةِ

يضطرُني أحياناً للوقوفِ ساعاتٍ و أيام و أسابيع

عسى و لعلَّ تَخِفُّ الزحمةُ لأتمكنَ منَ المرورِ .

لنْ أُطيلَ و أُسهبَ في الشرحِ

فمثلاً حينَ أَلمحُ باباً خشبياً ،

يظهرُ لي الشخصُ الذي جلبَ البابَ

و قامَ بتركيبِهِ ،

بجانبِهِ يقفُ الشخصُ الذي قامَ بتصنيعِ البابِ

معهم يقفُ الأشخاصُ الذين جلبوا الخشبَ للنجارِ ،

أيضاً الشخصُ أو الأشخاصُ الذين زرعوا الشجرةَ

و جميعُ الذين قاموا بسقيها و تقليمها .

الجميعُ يحملُ الأدواتِ التي ساعدَتْهمُ في إنشاءِ هذا البابِ ،

يظهرُ ايضاً الذينَ صنعوا تلكَ الأدواتِ .

الجميعُ يتحدثُ معَ الجميعِ

والجميع يتحدث معي عن مشاكله .

ازدحام ٌكبيرٌ يمنعُني منَ المرورِ لساعاتٍ و أحياناً لأيامٍ ،

يقولُ لي طبيبُ العيونِ أنَّهُ لا خللَ في عينيّ

و أنهما سليمتانِ تماماً .

لا أصدقُهُ و أقولُ في قرارةِ نفسي

أنَ عيادةَ هذا الطبيبِ مزدحمةٌ جداً

و يريدُ التخلصَ مني بسرعةٍ

بعدَ اَنْ قبضَتْ السكرتيرةُ مبلغَ المعاينةِ

ليقومَ بفحصِ مريضٍ آخرٍ منْ مئاتِ الآلافِ منَ المرضى و المراجعين المتكدسين فوقَ بعضِهم البعضِ في العيادةِ

و مدخلِها و الشارعِ .

في ذاتِ الوقتِ أفكرُ بطريقةٍ

تمكنُني منْ اختراقِ كل هذا الحشدِ البشري

و الوصولِ لعيادةِ طبيبٍ آخرٍ .



اللوحة للرسام السوري همام السيد


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *