محمد الطحيني
بوح
لا أعرف كيف قادتني قدماي الى هذا المكان ..... صمت الموت كان حاضرا ومخيف،
وقفت أمام إحدى القبور المحيطة بي أقرأ اسم المغفور له كان اسمي وقد خُط تحته
عبارة " هذا ما جناه أبي علي وقد جنيت على أحد "
نعم لقد نفذوا وصيتي وكتبوا على شاهدة قبري ما أوصيتهم، لوهلة وجدت نفسي
أخرج من قبري أنفض عني الغبار أخاطبني بعصبية:
- ما الذي أتى بك إلى هنا فأنت أخر من كنت أود رؤيته ... قل لي أجبني
أجبته غاضباً:
- ومن قال لك أني أتيتك متعمداً لم أجد نفسي إلا وأنا في هذا المكان كنت
وكأني أسير بنومي واعلم أنا أيضاً لا أود رؤيتك ولا حتى سماع صوتك.
هممت بالعودة لكنه أوقفني آمراً
- انتظر.. هناك أسئلة كثيرة تدور في رأسي تريد أجوبة متك، أشحت بيدي وأنا
أتابع الابتعاد عنه لكنه أستمر بكلامه قائلاً:
- أنيستك كانت هنا منذ أيام وضعت فوقي باقة من الياسمين ورحلت آلمتني
دموعها.
تسمرت بمكاني للحظات التفت إليّ غاضبا وقلت:
- ولماذا أتت ألم أوصها قبل موتي الا تزرني هنا
- كان لديها سؤال واحد فقط رددته فوق رأسي مراراً " أبي لماذا تركتني
؟؟؟؟؟ "
انهمرت من عيناي دموعاً كأنها الرصاص المنصهر زادتني حرقة وجوى، بصوت خافت
قلت له:
- أنا لم أتركها ... أنا لم أفعل، قاطعني
- لا بل تركتها وحيدة وصّمت روحها بألم الفراق أصبحت فزعة على فقدان من تحب
.... أصبحت خائفة أن تحب وأنت من علمتها ما هو الحب ... نهرته
- أرجوك أصمت هناك أشياء من الصعب أن تعيها أو أن تضع تفسيراً لها.. القدر
أيها المغفل هل تستطيع أن تفسره .... رغما عني كنت بعيد عنها، ضحك أنا مني وقال لي
ساخراً:
- القدر انه حجة الأغبياء أتذكر كلامها لك تناشدك العودة أتذكر ما قالته لك
" بابا أنا بحاجة اليك " أي قدر أحمق هذا يمنعك أن تدع كل شيْ وتسرع
اليها لتأخذها بحضنك، صرخت بوجهي غاضباً:
- أصمت أيها الأحمق أنت لا تعرف شيئاً.
- بل أعرف كل شيْ ... أعرف ما حل بالأخرى التي كنت تدعوها تؤم روحك ...
ضربت وعذبت بسببك، قتلتها أكثر من مرة حين حرمتها من توديع أمها التي كانت تحضر
ومرة أخرى حرمتها من رعاية أبيها الذي كان بأمس الحاجة لها في مرضه، حرمتها من
أجمل حلم كانت تحلم به أن تصبح اماً يوماً.
مئات من البراكين تفجرت داخلي، أيقظني صوت تصفيق حشد من حولي كان يصغي لذاك
البوح أجلت النظر فيهم وخاطبتهم:
مساكين أنتم معشر العقلاء إني أراهن بكل شيء انكم لم تفهموا كلمة واحدة من
بوحي هذا فلما كل هذا التصفيق.
محمد الطحيني