أثر الأدب الشعبي في تشكيل هوية وثقافة الشعوب
[ملامح من تجربة الباحث في التراث الشعبي السوداني الأستاذ : الطيب محمد الطيب ]
*بقلم : أريج محمد _ السودان
___________________
الأدب الشعبي المهتم بالتراث الشعبي في مفهومه
العريض هو الذي
يعكس صور المجتمعات
عبر التاريخ من خلال طرح كل من المعتقدات والمعارف التي يتم
تجميعها شفاهة وباللهجة
المحكية (العامية) عبر
الأجيال من داخل
مجموعات من البشر تجمع بينهم روابط
العرق والدين في بيئات معينة وعليه يصبح جزء من ثقافة هذه
المجتمعات ويعد فرعاً من فروع المعرفة الانسانية
وهو وليد المجتمع ومعروف على
المستوى الجمعي يحمل سمات كل مجموعة على حِده ، ويختلف باختلاف المجتمعات حسب معطيات كثيرة مثل
الجغرافيا العادات والتقاليد والأديان والمعتقدات التي تعتمد على الأساطير
والخرافة تبعاً للثقافات القديمة مثل الثقافة النيلية والهندية واليونانية .
يشتمل الأدب
الشعبي على السرد ( نثري،شعري)
(الأغاني
،المواويل) (الحكايات ،الاساطير)(القوانين الغير مكتوبة) (الأمثال) (الحكم)وغيرها
.
مما سبق
يتضح ان الأدب
الشعبي يحافظ على الهوية ولا يقل
أهمية عن الأدب الفصيح ودوره في التشكيل
الثقافي لكل الشعوب
وهو يشمل كل جوانب
الحياة الاجتماعية السياسية والاقتصادية باستخدام أسلوب تميزه بساطة اللغة
والبلاغة .
يعتبر
السودان دولة ذات إرث شعبي عظيم ومتنوع تبعاً
للتنوع الإثني والجغرافي
والديني كما هو معروف ولا يمكن الحديث عن هذا الجانب المهم
من الأدب في السودان من دون
ذكر الأستاذ الطيب محمد الطيب (2007-1934)
الاعلامي والكاتب الصحفي والباحث
المتخصص في التراث الشعبي السوداني صاحب برنامج (صور شعبية) والذي استمر لأكثر من
عقدين من الزمان(27) عاماً والذي استعرض فيه سير وأخبار القبائل السودانية من
الألف للياء أصولها وأنسابها ،العادات والتقاليد ،الحكم والأمثال ،الأشعار
،الأغنيات ،الرقصات ،القصص والنوادر مدعماً بالصور واللقاءات الحية وذلك تبعاً
لتطوافه في كل مدن وقرى السودان من أجل التوثيق لهذا الكم الهائل من الإرث الشعبي
الذي يمكن من خلاله معرفة الكثير عن الشعب السوداني والثقافة والهوية السودانية
وامتدت زياراته لبعض الدول الإفريقية والعربية وقيامه باجراء المقارنات بين
الموروث الشعبي لديها والموروث الشعبي السوداني والبحث في هذا الشأن أيضاً .
وفي اطار هذا
البحث قدم لنا الأستاذ الطيب العديد من المؤلفات تناولت هذا الإرث الشعبي الضخم
بصورة مفصلة وأرفدت المكتبة السودانية بقيمة أدبية رفيعة المستوى تحمل وتعكس تاريخ
وثقافة إنسان السودان .
من مؤلفاته
كتاب(المسيد) والذي تحدث فيه عن المشائخ والأولياء وعن الخلاوي التي كانت تمثل
نظاماً تعليمياً إسلامياً له حضوره القوي وفعله المؤثر في المجتمع السوداني واجراء
المقارنة بينها وبين نفس المنظومات في دول إفريقية وعربية ومن الوحدات التي تم
ذكرها (مسيد ود الفادني)(أم ضبان) (همشكوريب) و(خلوة الغريبة) .
أما في
كتابه(بيت البكاء) وثق فيه للعادات والتقاليد في المآتم من اعلان خبر الوفاة الى
كيفية الدخول لبيت العزاء مثلاً ترك
السلاح خارج المنزل خلع النعال قبل الدخول ،كما تطرق لذكر المقابر الشهيرة مثل
(مقابر أحمد شرفي ،مقابر حمد النيل ،مقابر البكري)هذا غير مدافن القرى في جميع
أنحاء السودان .
أما في كتاب
(دوباي) والذي خصصه لبحور الغناء الشعبي في السودان قام بالبحث فيه عن الايقاع
والغناء والرقصات والآلات الموسيقية وذكر فيه ضروباً مختلفة في هذا الشأن على
سبيل المثال (الشاشاي ،التمتم ،الجابودي
،الدوباي ،النقارة، الجراري ،الكمبلا ، المربع ،الريق ، الهسيس ،أغاني الحكامات
،التوية ،الطمبور ،تراث الشلك ،الجالسة طارات المديح ،البوباي ... وغيرها )
وفي كتاب(الإنداية) وهي الحانة الشعبية والتي كانت تمثل في تلك الفترة مظهرا من مظاهر الحياة السودانية ولها مجموعة من النظم والتقاليد والقوانين كما انها تمثل مكانا يلتقي فيه
الناس لتبادل الأخبار والشعر والطرب وتناول المشروب (المريسة)والذي
تتعدد أنواعه مثل
(الشربوت
،الغباشة ،الدكاي ،البقنية ،البغو، القدو قدو ... ) والتي تتكون جميعهامن مواد
محلية (الذرة، الدخن ،التمر ،...)تمكن الباحث محمد الطيب من اجراء دراسة عن
المجتمع السوداني من خلال هذه الاندايات (الحانات الشعبية)التي تجمع نماذج مختلفة
من المجتمع تجمعهم أسباب عديدة للتواجد في هذا المكان .
وهناك العديد
من المؤلفات الأخرى (تاريخ المديح النبوي في السودان)
(حياة
الحمران من أدبهم الشعبي)
(تاريخ قبيلة
البطاحين)
(تاربخ قبيلة
المناصير من أدبهم الشعبي)
(الصعاليك
العرب في السودان)
هذا غير
العديد من المقالات والمحاضرات والبرامج الاذاعية .
