النقاد والشمس
مصطفى حامد جاد الكريم
لن يصل النقاد لشيء ماداموا يتجاهلون دور اللاوعي في الإبداع
انهم حينئذ كمن يتجاهل دور الشمس
ويريد أن يفسر ظاهرة الضوء
لقد اخفقت محاولات النقد لتفسير الإبداع
منذ فكرة شيطان الشعر
إلى فكرة الموهبة
حتى رولان بارت الذي أراح نفسه فقتل المؤلف
ليتخلص من هاجس مصدر الابداع
وببساطة
الإبداع مصدره المخ
فهو لا يهبط على المبدع
هذا هو التفسير العلمي للإبداع
لكن الجزء من المخ الذي يصنع الإبداع
ليس هو العقل النظري الواعي الذي يتعامل مع الواقع من خلال المنهج العلمي
فالابداع مجاز وخيال ورموز وجمال ومشاعر
وكل ذلك له حسابات اخري غير حسابات المنطق
فالعقل النظري ليس هو الذي يصنع الإبداع ولا يمكنه تفسير الابداع
والجزء الابداعي في المخ
هو الذي يصنع شكل الإبداع ومضمونه ويغير الشكل والمضمون من عصر لعصر ومن
بيئة لبيئة
اما كيف يعمل الجزء الابداعي من المخ
فغالبا هو يعمل بنظرية الاحتمالات
من خلال سرعة المخ الفائقة
فهو يصنع ملايين التوليفات من مفردات الإبداع مثل اللغة أو الألوان أو
الانغام
حتى يصل الى التوليفة التي ترضي الذات من ناحية الجمال والتكيف النفسي
فيخرجها إلى الوعي او الى العقل النظري الواعي
فيسجلها
وقد بظن انه هو الذي صنعها
وقد يظن أنه يمكنه تفسيرها
لكن هذا وهم
ان تفسير الابداع يتطلب فهم دور المخ في صنعه
وهذا ما زال بعيدا
وكل ما يملكه العقل النظري " النقدي" أن يصف الإبداع ويؤرخ
لتغيره شكلا ومضمونا
وربما عليه أن يتوقف عن محاولة تفسير الابداع
وعن نصيحة المبدعين
لأن لا وعي المبدعين لن يستمع لتلك النصائح