جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءمسرحAkid Bendahou

مسارح الجنوب بعيدا عن آله البحر (بوزيدون)

 

مسارح الجنوب بعيدا عن آله البحر (بوزيدون)

العقيد بن دحو

لا اكاد أصدق يوجد مسرحا بالجنوب ، حتى اضحت كل ولاية من ولايات الجنوب تطالب بمسرح خاصا بها ، على غرار تلك الإذاعات الجهوية المحلية التي توشك تمسح ربوع الوطن.

وكان صار ( الكم) أولى( بالكيف) لاسباب ما. ..!.

اتساءل بدوري - اللهم لا حسد - ما الذي يبحث عنه مسرحا بالجنوب بعيدا عن العاصمة بالمئات من الكيلومترات! ؟

بل ما الذي يبحث عنه مسرحا بعيدا عن آله البحر ( بوزيدون)، في إشارة و كناية إلى ذاك الإله الاغريقي ، الأسطورة الاغريقية التي كانت تقدم عبر كورسها وجوقتها اناشيدها و ترانيمها و تراتيلها الدينية قرابيتا ، تقربا لهذا الاله او ذاك الاله 

ماذا لو فتحت نافذة بهو صالة ركح عرض المسرح ، و لم تر على مد البصر سوى السراب ، و الرمال الملتهبة ، و العواصف التي تجبرك على غلق الأبواب و النوافذ مسرعا ، و ماذا لو زاد الطين بلة ، انقطعت الكهرباء فجأة ، اطفئت الانوار و الأضواء  حين غرة!؟

اكيد لشعرت انت و الجمهور و الممثلين و المسرح ذاته انكم تعيشون غربة ما بعدها غربة !.

قد نتفهم الدولة حين عملت إلى تأسيس اذاعات جهوية ، في حين كانت الإذاعة الوطنية تشمل كل التراب الوطني و حديثا بالف صوت  ، و لكن للتقدم الثقافي و الحضاري منطقه ، فلنكن عقلاء ، و لا نأتي ضد منطق التاريخ او الزمن . ان لا نكون معاديين لاية فكرة حضارية سلفا او كما تقول الحكمة.

لكن ان نحاول ان نفهم او نتفهم مسارح جهوية بولايات الجنوب ، حتى انها اصبحت مطلب العديد من الولايات ، فلن نكن متسرعين بعض الشيئ.

قد نتفهم بالقياس الدولة الاغريقية مهد الحضارة الديمقراطية ،  مهد الحضارة الفنية ، بأن فن المسرح لم يكن من اولويات الدولة الاثينية بادئ الامر ، لكن عندما وجدت الشعب قد افتتن به ، سنته ، وشرعته ، و دسترته وصار من المسلمات البديهية و من الثوابث الوطنية القومية للامة الاغريقية . شأنه شان الدين و اللغة و القضاء و الحكم.

اذن إرضاء لشريحة واسعة من الشعب صار المسرح الاغريقي عيدا من اعياد ( ديونسوس) يقدم فرجة و احتفاءا ، ابداعا و تفكيرا و محاكمة.

كانت مجبرة الحكومة الاغريقية على تقبل الامر الواقع لا بطل ، مادامت ( الميكيافلية) ، الغاية تبرر الوسيلة ، الفيصل في اس و اساس الاشياء. و مادام بعد النظر إلى الانتخابات و الاقتراعات تقرب البعيد ، و تحببه و لو على مضض او حتى ان كانت الحالة غضة.

قد نتفهم الحكومة الجزائرية عندما تلجا إلى تأسيس مسارح جهوية رغم كل شيئ (...) ، كون علمتنا الحضارة الديمقراطية مدى تاثير الجغرافية في السياسة ، و مدى تأثير الثقافة في الجغرافية ، ز كذا حجم الساكنة التي تبحث لها عن حيز زمكاني ، تكفيري تطهيري ، بمعنى حظ متنفس عن ادران انفعالات النفس.

لكن من الصعوبة بمكان ان يجد الجمهور مراته في مسرح بالجنوب على اساس تقسيم جغرافي ، سيكون مجرد بناية كسائر البنيات الادارية الاخرى...التوثيق و الارشفة و حتى المتحف الأساس في كل هذا.

بعيدا عن الكلمة التي كانت بالبدء ، و بعيدا عن الحلم ، و بعيدا عن الفكرة ، و بعيدا عن الفعل يصير الحديث عن مسارح جهوية بولايات الجنوب سابق لاوانه. كونها ، و كاننا سبقنا العربة أمام الحصان ، او وضعنا نقطة في أول السطر ، و طلبنا من الفارس ان يتقدم....!

وكما كان لا يمكن الحديث عن مسرح اغريقي بدون قرابين للكلمة، دون آله البحر ( بوزيدون) ، سيكون الحديث عن مسارح جهوية سابق لاوانه ، حتى لا اقول مستحيل ، دون أن تجد معادلا حضاريا تنمويا ( للبحر). كوجود موانئ على اليابسة ، وكوجود سكك حديدية لقطارات تعبر ولايات الجنوب ، يقطع الجغرافية برا و بحرا.

صحيح بن خلدون يقول : الحضارة شيدت على شواطئ البحار. فالبحر لم يعد مشكلة ، البحر صناعة فلنصنع مسرحا على أسس و اساس بنيات تحتية و فوقية سليمة ، و على اساس أفكار جادة واعية متوازنة ؛ بعيدة عن استعجالات العواطف السياسية الفنية، التي تخيفنا ان تعود بنا إلى تلك الثورة الثقافية التي لم تكتمل ابان السبعينيات وعجلت بغلق العديد من المراكز الثقافية و المكتبات البلدية التي كانت قائمة !

المسرح اولا مشروعا قوميا وطنيا ، يخططون اليه مهندس المعمار ، و مهندس الروح ( الفنان ، الاديب ، المفكر) ، بل هو موقف انساني ، لصناعة الانسان و انسنة الانسان بالمقام الاول. فموقفه من النهر ان ينظم مجرى النهر ، و موقفه من شجرة الفاكهة ان يقلم شجرة الفاكهة ، وموقفه من الحركة المتصلة ان يبني العربات و يصنع الطائرات و يشيد السكك الحديدية، وموقفه من المجتمع ان يغير هذا المجتمع من جذوره ، و موقفه من المسرح ذاته بصفته الوجه الفني للواقع الاجتماعي لا بد أن يكون أداة فعالة في عملية التغيير و البناء و التنمية.

لكن لا بد من حضور الفكرة اولا ، أفضل من من تؤسس الدولة و الحكومة مرفقا للصرح المسرحي، تخسر عليه النفس و النفيس و في الاخير تحضره ( الاشباح) و الباقي كراسي فارغة ، عقبة في خلق لغة حوار بين الفنان و الجمهور او كما قال ( يونسكو يوجين) في مسرحيته العالمية ( الكراسي). ليتها كانت (اشباح) و ليام تشكسبير في هاملت ، انما هي لمسرحية لم تنجز اصلا لمسرح بعيد عن البحر مشتاق ان يرى مركبا بحريا عابرا ، او موجة هزتها على الشاطئ عاصفة بحرية ، او عجوزا يحاول أن يصطاد سمكة يصارع حظه من اجل البقاء، (العجوز و البحر) لكولن ولسون.

ما الذي تبحث عنه بالبرية و كل السمك عزيزي الفنان في جوف فرا البحر !؟

او بقول آخر:  ما الذي تبحث عنه في مسرح الصحراء او الجنوب ومسارح الساحل تبحث عن ضياء متوسط لطالما بخلت امواجه عن درر و جواهر تعكس زرقة سماء .و البقية صمت......!


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *