جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
حامد حبيبشخصياتنقد

الزلزالُ في شِعر (اريج مُحمّد)- السودان

 

الزلزالُ في شِعر (اريج مُحمّد)- السودان

___(!) الأدبُ النسائى المُعاصِر (!)___"٤٠"

          _ تقديراً وليس تجنيساً _

   



………………………………..

 جميلٌ  أن  تمتطىَ  صهوةَ  جوادِك  الشِّعرى ،  وأن

تكون َ فى  قلبِ الحدَث ، في  وظيفةٍ  تختلف  عن

مُراسلى الأخبار  فى  الصُّحفِ  والمحطاتِ الإذاعيةِ

والتليفزيونية ، فقط  أن تقعَ  عينُك على  مايجري،

فتُحيلُه  إلى   مُنتَجٍ  شعورى   وجُملةٍ  من الظواهرِ الانفعالية متاثِّراً بالحدثِ تأثُّراً ينتهى إلى مالا ينتهى

إليه  الآخرون ،  بأن  تُعيدَ  إنتاجَه  مرًةً   أُخرى  في قالَبٍ   وإطار  من   معانٍ  أُخري   ومشاعرَ  تتسامى وتبقى بعد انتهاء الحدث،لتمتدَّ زمنياً  بكلِّ انفعالاتِها

تستديرُ   مع   الزمنِ  كصورةٍ   من   صورِ   الكوارثِ

الإنسانيةِ التي تخلفُ من ورائِها دوماً ذكرياتٍ أليمةٍ

تُعبِّر عن ماساةِ  الإنسانِ في مكانٍ ما ،  وزمانٍ ما ..

لكنها   فى  ذات  الوقت   تتجاوز  الحدود  المكانية والزمانية  لتبقى أثراً خالداً  يشهدُ  بعبقريةِ  الشِعر

فى تجسيدِ نوائب الإنسانِ  وأزماتِه  وما تلقّاه  من كوارث طبيعية ، أودت بحياتِه وحياة آبائه وابنائه

وكل الذكرياتِ  التى  استحالت  غُصّةً  مريرةً  في

 نفسِه .

_ تأتى   قصيدةُ  "زلزال"  للشاعرة   :  اريج محمد

لتُخلِّد ذكرى  ماساةِ  الإنسانِ مع  " الزلزال" الاخير

الذي ضرب سوريا  وتركيا ،  فتلتقط  المشاهد عبر

نفسيّةٍ متأثِرة حيال تلك الكارثة الطبيعية وتُحيلُها

شِعراً ينزُّ  وجعاً ،  وينكأُ  آلاماً  لاتموتُ  رغم  مرور

زمن الكارثة ، لانّه  سيظلّ  تذكِرةً  لتلك  الالامِ عبر

أزمانٍ قادمة.

احالت المشاهدَ إلى  معانٍ  شعرية  انفعالية ، هى

الوجهُ الآخرُ المخبوءُ خلفَ الكارثة، والكشف عنه

من خلالِ صُورٍ شعريَّة عميقة ، وتراكيبَ  أعطَت

لِلَوحةِ "الزلزال" ظلالاً والواناً أُخَر .

" هناك أبوابٌ لن تُطرَقَ مُجدّدا"

 "ونوافذ ستشتهى الضَّوء"

" هناك إطاراتٌ ضيّعت ذكرياتها"

"هناك اسطواناتٌ ستُغنّى للركام والوحشة"

"فكلُّ النهاراتِ بعد اليوم فى ذِمّة العتمةِ والموت"

هكذا جاءت صورُ  القصيدةِ  تُعيدُ  انتاج  الكارثة

وتتابّط ذراعَ معانٍ لها قوّةُ التأثير في النفسُ .

فالقصيدةُ تُعَدُّ  من أدبِ الكوارث ،  تجيئُ  مفرداتُها

مُعَبِّرةً عنها( تنهار/ضيّعت/الشظايا/تطعنها /الرُّكام/

الوحشة/الرَّهَق/مرعوباً/تطغى/فاجعة/ثكلى/قاتلة/

رهينة/صراخ/تهوى/غبار) .

مجرّد أن تقرا تلك الكلمات  خارج القصيدة ،  تجدها

وقد أوحَت إليك بامرٍ جلَلٍ مختومٍ بكارثةٍ او فاجعة.

وفى الحديث عن الكارثة ترتحلُ الذاكرةُ  إلى وقائعَ

تاريخية  وظاهراتٍ  أليمةٍ   عاشها  الإنسانُ ،  وتظلُّ

ماثلةً  باشباحِها  فى الذاكرةِ  الجمعيّة ، وفاعلةً  فى الوجدان ..وقد عبّر(جيوفاني بوكاشيو)في مقدمة

"الديكاميرون"عن ذلك بقولِه : " للموتِ ترتيلةٌ حين

تجتمعُ  الطبقاتُ   الاجتماعية  جميعُها  فى  حفلتِه الراقصة".

وقد كتبت الشاعرة عن  تلك الترتيلة  بشكلٍ مؤثِّر ،

بإجادةٍ فنّيّة عالية.

تحياتي وتقديري للشاعرة.

---------------

" زلزال"

  ......

عندما تنهارُ البيوتُ

هناك أبوابٌ لن تُطرَقَ مُجَدَّداً

ونوافذ ستشتهي الضَّوءَ

هناك إطاراتٌ ضيَّعَت ذكرياتِها

تركت الشظايا تطعنُها عميقاً

لتسيلَ أكثرَ نحوَ الغياب

هناك أسطواناتٌ ستُغنِّي للرُّكامِ والوحشة

سيجرَحُها كثيراً أنَّه …

لا رقصٌ …

لا دندنة …

ولا حتى يدٌ تُنهِي رهقَها الذي سيستمر طويلاً

حين تُهدهدُ طفلاً مرعوباً لينام

أو تطغى على صوتِ أمٍ ثكلَى

لا تملكُ سوى التحديقِ في الفاجعة

فاجعة أن لا مملكةَ ولا جيران

لا شُرفاتٍ ولا ثيابَ تُجفِّفُها شمسُ النّهار

فكلُّ النهاراتِ بعد اليومِ

في ذمَّةِ العتمةِ والمَوت

فاجعةُ أبٍ أعجزه الترابُ

عن أن يقومَ بمنع الجدران

من أن تُصبحَ قاتلة

أن تُصبحَ رهينةَ السقوطِ وخذلانِ البيوت

يعلو صوتُ الموسيقى ويعلو

يعلو كثيراً

يتحولُ إلى صراخٍ أبديّ

يشقُّ قلبَ الأرضِ

فتهوَي الأحلامُ في القاع

تتكسَّرُ الألعابُ

وتتشرنقُ الدفاترُ في حقائب المدرسة

لن تُحلِّقَ كالفراشاتِ في أيدي الطُلَّاب

أمستِ الألوانُ غُباراً

والكتبُ نَسياً منسِيّا

آهٍ على تلكَ المواعيد

والروزناماتِ

والمُنبِّه

الكلُّ يغُطُّ في النومِ الذي يقودُ إلى الأبد .


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *