خلق الانسان ليكون ناجحا
العقيد بن دحو
لا يزال النجاح يطرح عدة اشكالات و تاويلات سيكولوجية سوسيولوجية
اونثربولوجية ، بل النجاح موهبة يجب ان تغذى بالرعاية و المراس و خلق الجو المناسب
، بفعل المجتمع المفيد الراشد.
تقول الحكمة : خلق الانسان ليكون ناجحا و خلق المجتمع ليمكنه من النجاح. و
النجاح لا يقتصر على الفرد و حياته و بيئته ، و انما الجماعة و العائلة ، القبيلة
و العشيرة و الدولة ؛ و منها جاءت فكرة الدولة الناجحة ذات الحكم الراشد ، و منها
ايضا جاءت فكرة الدولة الفاشلة.
لطالما اعتبرت الاغريق (الحكم) : " بالكنز" !.
Le pouvoir c'est un tre'sor .
يعتبر الاغارقة الحكم ثروة قومية لا تقل اهمية عن العائلة ، العشيرة ،
القبيلة و مختلف الثروات القومية الوطنية ، لها عائد مالي كما لها عائد معنوي
محليا ووطنيا و عالميا بجب المحافظة عليه و الدفاع عنه باسلوب و مكون ديمقراطي و
ليس وفق حكم الفرد او الحزب الاوحد الابدي.
تقول الحكمة : النجاح يجر النجاح . بمعنى مهما كان نجاح المرء بسيطا ، سيجر
له نجاحات اخرى . كون النجاح جوهر لا يتجزا.
غير انه نجاح من نجاح. فالعالم الغربي ، يقدس النجاح الى درجة التاله ،
النجاج كل شيئ و الفشل لا شيئ !.
النجاح الغربي ، نجاج الشركات العالمية ، المتعددة الجنسيات ، ليست لها قلب
على احد. لا يهمها الانسان و بيئته ؛ و لا الحيوان و قوقعته !.
لا يهمه الانسان سواء ظل صحيحا او معتلا ، و لا تهمه الانسانية ؛ سواء
تضررت البيئة او سلمت.
الانسان لا شيئ و النجاح كل شيئ!.
تبدو هذه الشركات العالمية كالهة القضاء و القدر التيتانوس بالاسطورة
الاغريقية ، اين تتحكم في مصائر البشر ، كما ليست لها نوستالجيا لا بانسان و لا
تاربح و لا على بيئة ، ساعة ما تكتمل مهامها ، او ان المنجم او المصنع لم يعد يحقق
ثروة ريعية ما.... او عائد مالي مادي ، تغادره بلارحمة ، دون وازع اخلاقي او ضمير
، مخلفا وراءه دمارا ز خرابا ايكولوجيا رهيبا ، من الصعوبة التخلص من نفاياته
الصلبة ، السائلة ، و الغازية.
لذا لا غرو ان اطلقوا على هذا النوع من النجاح باله العصر الحديث " النجاح" !.
النجاح ملكة ربانية كالابداع ، تولد مع البشر ، الا ان على المجتمع ان
يتعهدها بالرعاية و الحرص و المراس ، يغذبها بالعلم و التجربة و بمختلف الخبرات ،
حتى تستقيم و تبلغ كامل قوتها و رشدها ، و من تم النجاح ينتقل من قيمة انسانية
واحدة ، يجر عليها النجاح في بقية القيم الاخرى.
اذ لا يمكن النجاح سياسيا ، دون ان ينعكس اقتصاديا اجتماعيا ثقافيا ، و
بالتالي يكون اشعاعه الاعظم على الحكم ، على اعتبار الحكم نجاج و ثروة قومية و
طنية ، و من حيث النجاج يجر النجاح ، و الفشل بجر الفشل.
افراد ناجحين خلاقين مبدعين ، يجر وراءهم دولة ناجحة و حكم راشد ناجح.
امنحوا الخبز لخبازه ، و امنحوا الفرس لفارسه ، و الرجل المناسب في المكان
المناسب في الوقت المناسب . و جددوا من حين الى اخر اسلوب ونهج الحكم ، و من جيل الى جيل ، و من فكر الى فكر.
صحيح الواقع يقول الدولة لمن يحكم !
لكن الحقيقة الدولة لم تخلق لرجل
واحد !.
وانما صوت الحكم الصالح كان دائما يقول عندما تشتد الازمات (.....) : على من تحكم اذا كان البلد فارغا !.
- كانت هذه اخر عبارة يقولها والد لولده في صراع الاجيال و العصب و العوائل
على الحكم. الحوار التراجيدي في قصة ماساة " اونتجون" الدرامية للشاعر
الاغريقي " صوفوكل " في واحدة من اهم ينابيع الفكر الكلاسيكي التقليدي
الاخلاقيالتمثيلي . صراع وحوار ماسوي بين (كريون) الاب ، و بين ( هيمون) الابن !.
هذا يعني : النجاج هو الحكم الراشد ، و هو الحوار اولا و اخرا
حتى لا ياتي يوما لا تسمع احدا و لا ترى احدا الا صوت رئيس جوقة او كورس
مكلوم يردد بدل الوقت الضائع :
" ان الحكمة لاول ينابيع السعادة ، لا ينبغي ان نقصر في تقوى الالهة .
ان غرور المتكبرين ليعلمهم الحكمة بما يجر عليهم من الشر ، و لكنهم لا يتعلمون الا
بعد فوات الوقت و تقدم السن " .