د.حسين موسى
أنا العربي
بقلمي…د.حسين موسى
أمام محكمة التاريخ وقفت
وعلى تتابع أسئلته أجبت
من أنت؟
أنا ذاك العربي على حواف
الحياة وُلدت
ورقمي كان مليارا وهكذا
تعلّمت
أو حُفّظت
هل حلمت؟
وكيف أحلم و بلا عينين
تقودني في حياتي وُجدت
وقبل أن تركلني قدمه
تداركت
أنني انتشيت يوما بأنشودة
"فلسطين نادت
فلبّوا النداء
إلى الحرب هيّا
جيوش الفداء"
وبها في الصف جهرت
لم أعرف قائلها
وشاعرها
وفي أي عام قرأتها
وبأي صفّ كنت
وكنّا صغاراً حينها
وبالفطرة مشحونة رؤوسنا
بالمشاعر الوطنية
نسمع كغيرنا فيروز
تخاطب نهر الأردن
ليمحو آثار القدم الهمجية
وأرسلت للقدس سلام
فغنّت واطربت
وفي غير مقام ومكان
كوكب الشرق أم كلثوم
على أثير موجات صوت العرب
أعلنت منشدةً" أصبح عندي الاَن
بندقية
إلى فلسطين خذوني معكم"
هكذا الحناجر بعدها صدحت
وحتى عبد الوهاب قام معلنا
"أخي جاوز الظالمون المدى
فحقّ الجهادُ وحقّ الفدى
وليسوا بغير صليل السيوف
يجيبون صوتا لنا أو صدى
أخي أيها العربي الأبيّ
ترى اليوم موعدنا لا الغدا "
وأشعار مثلها أو أشدُّ كثيرة
بها الأصوات تسابقت
ولكنها لم تحاسب عمّا أنشدت
ربما هي ليست مثلي موؤودة
لذا عن ذنبها
ما سؤلت
هل تألمت؟
أنّى يكون لي إحساس
وأنا غير الظلم وظلم ذوي القربى
ماعرفت
هل جعت؟
طبعا لا لأنني على فتات موائدكم
وبقاياها وهي كثيرة
ما وجدت
هل عريت؟
لم أتعرَّ يوما لأن الخُلُق ديدني
وديني
ولكنّي عُرّيتُ
وحافي القدمين على سوء الدروب
مشيت
كنت مقيداً معصوب العينين
وعلى ظهري رسمت السياط
خارطة وطن له نسّبت
ولم يكن لي مشيئة بالاختيار
لكنّي
بتاريخه آمنت وافتخرت
هل للخارج ذهبت؟
كنت دائم الذهاب إليه
وقد أسماه جدّي بيت الراحة
وأمي أطلقت عليه الخلاء
استحياء
وكل يسمّيه على هواه
فكل غايته انك لحاجتك فيه
قضيت
فنكزني بصعقة من كهرباء
وقد فهم أنني أجبت على سؤاله باستهزاء
وأعاد تصحيح السؤال:
أيها(…) هل سافرت؟
فقلت له بكل هدوء
موثّق في دفاتركم وسجلاتكم
أنّ العربيّ ممنوعٌ من السفر
وإن قبض عليه يعبر الحدود
خِلسةً لا يحاكم كبشر
فحاله كما يقال زفتٌ
ويستخدم سحلاً للتزفيت
وهل القدر المكتوب عليك عاندت؟
ياسيدي
وهل للعبيد بفهمكم لديهم للتفكير
وقت؟
رسموا طريقا وأسموه عروبة
وعليه مشيت
وبالاساس أنني فطرتُ على الطاعة
قرأت في كتاب الله ربّي
"وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون"
وهكذا إن كنت من الجن وأنا لا أدري
أو من الإنس
هكذا فعلت
وهل تعترف أنك أذنبت؟
سجّل يا سيدي بأنني فرعون
طغيانه ألهمت
وعاد وثمود بكفرها تسببت
وأصحاب السبت والأيكةِ
غويت
وعلّمت الشيطان خطواته
وحبائله رسمت
ووجدت ذاتي عربياً مذنباً
سألت الله العفو والمغفرة
وله تبْتُ قبل الغرغرة
واليوم على يديكم اهتديت
وهل على اعترافاتك وقّعت؟
بلى
وتركت لكم كرماً باقي الصفحة أبيضَ
وسطوره فارغة
وتركت المساحة لما يمكن أن تضيفونه
ووقّعت
إذاً صادق بالبصمة على ما كتبت؟
يا سيدي إلا هذا إليه ما اهتديت
فكل أقوالي أتنصّل منها
وقت حريتي
وقد أمليت عليّ
ويمكن لأي عربي مقهور
أن يقولها
لكن بصمتي
هي أنا
ذاتي
وهويتي
وديني
وما كنت
وما يمكن أن أكون
فإن أُخِذَت مني الأقوال عنوةً
هذا جائز
أو وارد
ولكن عن بصمتي اليوم
قاومت ودافعت
يا سيدي
قد بعتكم كل أقوالي
لكنّي لبصمتي
ما كنت خوّان
فافعلوا بي ما تشاؤون
فاستحضروا
بلال الحبشي وعذابه
والرمضاء
وأحد أحد
واهدروا دم قلمي
واسفحوا مداد كتبي كما المغول
والتتار في دجلة
لكنّي غير الصدق مع الوطن
ماهديت
اقذفوني كباكب في القليب
وازرعوا جسدي أنّى شئتم
فأنا غير وطني ما غويت
هذا أنا
العربي المعتّق بالأصالة
ولغير وطني العربي فلسطين
ما سعيت
فهل يزيح المؤمن عن قبلته؟
يا سادة
فأريحوا أنفسكم من جَلدي
صبيحة كل يوم
وأنا الشهادة بالحق لوطني
نويت
أنا لغير الله لن أصلّي
وما صلّيت
د.حسين موسى
كاتب وصحفي فلسطيني
٨-٤-٢٠٢٣