الاخت
العقيد بن دحو
لقد درست ما درست ، و قرات ما قرات عن اداب و فنون ز ثقافات شرقية و غربية
، ما وجدت اعز و الطف و احن عن الرجل بعد امه طبعا ، مثل ما هي اخته !
فهي الحارس ، الحريص ، الشفبع ، و الوريث عن اخيها
هي الظهر و الظهير و حين يتقلب الدهر عن اخيها.
لولا " بولينيس" و لو لا " اوريستيس" ما جادت البطلة
الاغريقية " اونتجون" الماساة ؛ التراجيدية بين يدي الاقدار ، و يحكم
عليها عمها "كريون" الملك بالاعدام ،بمملكة الاموات " هديز" تحت الارض.
ضحت او نتجون بخطبها و شبابها ، و تحدت قوانين االمملكة في سبيل ان تكرم
اخاها بالدفن.
ما اشقى رجلا اليوم من بين الرجال
، بين العدو و الصديق لا اختا له. و ما اشقى و اتعس امراة ليست لها اخا.
لقد انقسم ظهرها ، و هي في وسط هذا
المجتمع الذي لا يرحم ضعيفا و لا يكفكف دمعا.
الاخت مستشارة الرجل ، و طبيبة القلوب ، و خبيرة بجراحات المجتمع . فهي
الوحيدة التي بامكان الاخ ان بفضفض لها ما يكنه فؤاده بعد الطبيب النفسي و العضوي
. الاخت قرة عينا الرجل حين يلتبس عليه المشهد ، و يصاب بالشواش .
الاخت من تحفظ اثار الرجل بعد
وفاته ، و تخلده بقصائدها العصماء الرثائية الخنساء !.
الاخت سند ، و ما اتعس رجلا ليس له اختا او فقد اخته او خاصم او قاطع او
نازع اخته !.
ساعتئذ تكتفي بالصمت و السمت ، و تلجا كالظل الحسير لاحدى زوايا الحياة
منكسرة الخاطر، تكتفي بالبعيد ، كيف ينهش
لحم اخاها امام اعينها و لا تستطيع ان تنبش بابنة شفة .
ستكتفي بتنهيدات عميقة بشهيق الزفير ؛ و زفير الشهيق يردد في اعماق اعماقها
: ساتركك نهبا لاصدقائك الذين يتملقونك !.
لو كانت لي اختا ، لو كان في مقدور امي ان تنجب لي اختا ، لتغيرت حياتي
كليا راسا على عقب !.
لربما كنت اعيش حياة احسن من هذه ، لكنت ارقى مما انا فيه اليوم .
لصار ابناؤها ينادونني " خالي"
.
يقول المثل الشعبي اذا جعت روح لاخوالك ، و اذا تهنت روح لعمامك !.
لكنت اقدم لها الهدايا بالمناسبات و الاعياد، و لافتخرت بي اكثر مما تفتخر
بخطبها او زوجها ، حتى ان كانت الهدية بسيطة ، بساطة الاخت الولود الودود !.
هي تعلم اخاها بسيطا ، و مع ذلك تراه اشجع الشجعان ، و اكرم الكرماء ، و
اغنى الاغنياء و سيد الاسياد !.
لكن مع الاسف اغلب الرجال لا يعون هذه الصفة الحميدة في الاخت الكريمة
الانسانة النبيلة ، الا بعد ان تقضي نحبها ، ساعة الواحد منا يبكي دما على ظهير ،
كانت السماء تكرمه من اجلها بعد امه.
سيدرك الرجل منا خسارته الابدية لا يعوضها لا مال و لا بنون ، انما حسرة و ندم على التفريط في زمن تقارب
الارحام ، فمابالك ان كانت اختا ، تذكره بامه ، كلما اشتاق ان يزورها بعد رحيل
العمر.
ما اشقى رجلا و هو يواري اخته بالحباو الدنيا ، و هو لا يدري بانه يواري
اخر قلعة كانت تحميه وزاده و عتاده ، سلاح من لا سلاح له ، ظهيره ، من يعود اليه ،
يوم يتخلى عنه الولد و ما ولد ، الصديق و الرفيق ، و لم تعد له الا الدموع ، اخر
دموع رجل يوم يفترق الجمعان ، و يظل ووحدته ، و فردانيته يبكي اختا لم تعد في هذا
العالم.
لم يعد له الا شاهد اعزل يشبهه ، كتب عليه الاسم الاول و الاسم الثاني من
نفس لقبه.
يوم ان يضع كل قبلاته ، اهاته ، اناته على باقة ورود ةاحدة ؛ على قبرها في اشارة الى عظمة ميت ؛ انه
يدفن جزءا مهما من حياته.
تلك هي الاخت ، شان الورقة التي تسقط من الشجرة فلا تعود هي الشجرة لكنها
تظل تذكر بها و تظل لها رمزا.
في الاخير الى اختي التي لم تلدها امي او عجزت عن انجابها امي ، و قضت في
غفلة مني و عني :
هل عجبتك دموعي اختاه
حين تبكي الرجال
وتواريت...
خلف...خلف تلك الجبال
امهليني لاهديك قبلاتي
او طويت اضلعي في سمت الصمت...
كما تطوى الحبال
امنخيتي وقتا
كيما اعي سواة خطيئتي
او اظل بعدك اردد كورس
نشيد ظليل الظلال!.