ثقافة ( اشكرني انشكرك) في زمن ما بعد الرداءة
العقيد بن دحو
منذ اليوم لن
نلوم الدولة و لا احد رجالاتها مما نعيشه من تردي و تراجع ثقافي فني ادبي خطير على
جميع المحاور و الاصعدة ، المحاور الافقية و العمودية.
الدولة و
رجالاتها عبر مختلف مذاهبهم و مدارسهم السياسية الاجتماعية الاقتصادية و فرت - شاء
من شاء و ابى من ابى - البنيات التحتية . بمعنى وفرت المرفق العام الثقافي عبر
مختلف المنابر الاجتماعية العلمية التعلمية التعليمية الانثربولوجية الاوندراغوجية
، و جهزتها باحدث التجهيزات و كفى المؤمنين شر القتال. و الدين ردوا و لا عدوا كما
يقول المثل الشعبي.
بينما
البنيات الفوقية تركتها للاجتهادات الفردانية و للجمعيات و مختلف الهيئات الاخرى
، المدنية و حتى الاحزاب السياسية منها.
من اليوم لن
نلوم الدولة ، الله يكثر خيرها اجتهدت فاصابت فلها الحظين معا و اجر المجتهدين معا
، المحاولة و الكسب.
العاقل اليوم
في زمن ( الكراسي الفارغة) و محاولة صب على الناس اكبر عملية ( التفريغ) ، يدرك
المتتبع ، الملاحظ ، من اوتي نصيب من رجاحة الفكر ، يدرك حجم الماساة !.
او في تلك
الازمة النمطية الكلاسيكية التقليدية ، و انما في حجم ( كل شيئ لا شيئ) عندما نجد
شبه اتفاق بالكواليس ، من هب و دب يكرم ، من هب ودب يجازى و يثاب بالشهادات
الكرتونية ، و يحظى بالترحاب و التصفيقات البلاستيكية.
بل يوجد من
(كرم) مرات متتالية ، و هو لم يكتب حرفا يوما في جريدة او مجلة ، او رسم لوحة فنية
او نحث نحثا.... بل يوجد من هؤلاء لا احد من المقربين من اهله او حتى البعيد من
اصدقائه يعرفه !.
بل انزلق
الادب و الفن ، و انزلقت الثقافة الى ما كنا نحذر منه ، الجهوية ( الفخ) ،
الجغرافية ( الفخ) وهاهي اليوم تصل الى
العرق و الى العنصرية الصفر التاريخية.
اذ لا يمكن
فصل الظاهرة الادبية عن الظاهرة الاجتماعية.
نلوم الزمن و
العيب فينا *** هيهات ان تجد العيب سوانا.
او كما يقول
الساعر.
اذن العيب في
الاشخاص الذين يمنحونا هذه العشوائيات و هذا الشواش الخبط عشواء على جيل واحد ، و
على عرق واحد و على بيئة واحدة.
ماذا لو
امتحن هؤلاء (....) شخصيات يونسكو لا احد
يعرف من اين جاءوا و لا من جاء لنا بهم المانح و الممنوح.
اكاد اجزم لو
وضعوا في رائز امتحان ثقافي او فني او ادبي ، شفهي كتابي لا احد منهم ينجح.
اتساءل كيف
لمدير (...) محلي فاشل بكل المقاييس في العديد من المرات ، و في كل مرة يسقط يعاد
الى نفس الكرسي ، يعيد بدوره في كل مرة صفرية التاربخ مرتين ، مرة في شكل ماساة و
مرة في شكل مسخرة. حين يردد في قرارة نفسه ان ( سحره) هاروث و ماروث سيده من قام
بسيمياء و هرمسية عناصر الكون كان اكثر من سحر الدولة التي كررت له البقاء على
كرسي هذه المديرية او تلك (....) رغم السقطة الاولى المدوية.
قد يقول قائل
هذا مشكل محليا يشذ عن القاعدة. و الجمهور
له القابلية بكل ما يجري امامه يسامت الصمت !.
الخشية ان
البديل لدى العديد من الشباب حاضر في اللاوعيه ، بل حاضر في ذهنه في وعيه ، (
الحرقة) الى بلد العم سام !.
خاصة عندما
يرى ( النسور) تنسحب من القمة التي وصلت اليها ( الغرابيب) لان لم يعد تمة قمة !.
بل يوجد قول
اخر : لا تهم الشخصية في المنصب كون الثقافة عموما قطاعا غير منتجا ، و الثقافة لا
تمتاز بثقافة الدولة و ليست سيادية !.
صحيح هذا
القول يتماشى مع هؤلاء ( الاشباه) و (الاشباح) على المستوى المحلي الذين اوصلونا
الى هذه. القمة من الرداءة المقيتة القميئة (السيزيفية) . كلما اوشكنا وصول
عاداتنا ، افكارنا ، فنوننا ، ادابنا ، تقاليدنا ، لغاتنا ، ديننا و كل موروثنا
المادي و اللامادي عادت صعدا نحو الاسفل !.
لن نلومك يا
دولة ، يكفيك شر القتال مما انت فيه ،
نكران الاهل و الخلان و من عينتيهم على رؤوسنا اشخاصا يصلحون ابطالا
لشخصيات كتاب روائيين " يونسكو"
او " ميللر " بلا عنوان
!.
يهمنا الامر
حتى لا نوضع موضع مقارنة تاريخية بين الاستعمار الفرنسي من حيث التسيير الاداري
الثقافي !.
بطبيعة الحال
هؤلاء الذين يقدمون الهدايا اللامعة و الجوائز و الشهادات الكرتونية لبني جنسهم و
بيئتهم ، من اوصلونا الى حديث الهامش و حديث المقاهي و حديث الجذران له اذان يعقل
بها !
يقول "
قس ابن ساعدة" و هو يوصي ابنه "يا بني :
ان وجدت حربا
خصيص المحتد يتحكم فيها بكريم المحتد ، و شجاعها يجبن و جبانها يجرؤ ففر منها ؛ و
اناى الى رابية فترقب الاحداث فان في الامر خياتة " .
فالناس لا
تفر و لا تنفر من الاوطان و الامصار و ان اللقاءات و التجمعات و القاعات تصبح على
ما هي عليه فارغة ، يصب عليها اكبر عملية تفريغ !. تفريغ الناس من القيم من كل شيئ
تعاهدته جميلا ، تفريغ احلامها ، تفريغ اشعارها ، تفريغ افكارها ، و تفريغ افعالها
.
عندما فقط
ينصب على الناس شخصيات مثل هذه التي تقوم على الشكر و الشكر الموازي . الشكر
الفارغ.
هؤلاء الذي
ينطبق عليهم الاثر التقليدي الاغريقي القديم :
- كريون :
اليست الدولة لمن يحكم !؟
- هيمون :
لكن على من تحكم اذا كان البلد فارغا !.
لا حظ بان (
الفراغ) يتكرر في كل ماساة ، تجرى فيها مناسبة و يظهر الشبه الشبح سيد الفشل ،
يشكر الفاشلين الذين اوصلونا الى هذه الشعبوية و الثفافة الصفراء مادون ( الرداءة)
!
لن نلوم
الدولة هذه المرة المريرة التي تمر فيها ثقافتنا المحلية باناس اعادهم التاريخ
خرجوا يوما من الباب الضيق و عادوا من النافذة.
ما نخشاه ان
نقف لهم عند الابواب يوما طالبين منهم الاعتذار و الصفح على ما حدث لهم بالعودة
الاولى للتاربخ ، لم نمنحهم كل الوقت في جلد ذواتنا. ليتلذذوا بعذاباتنا.... و ها
هي الفرصة تعود اليهم مجددا مع دورة التاربخ .
هنيئا لا
شباه اشباح المثقفين و هم يكرمون اشباههم و اشباحههم بدم بارد ، بلا حسيب و لا رقيب
و لا حياء......
صحيح الخطا
اصيل بالذات البشرية ، يمكن التقليل منه لكن لا يمكن القضاء عليه . اما اذا تكرر
صار خطيئة و ذنبا لا يغتفر . و بقدر ما تكون محليا بقدر ما تكون عالميا.
و لن نلوم
الدولة هذه المرة ، و ان كان لا بد لنا من اعتذار ان تعتذر للعلامة المرحوم مالك
بن نبي في مقولته الشهيرة : " اياك ان تترك مكانك لاشباه المثقفين " .
عفوا سيدي لم
يعد تمة مكانة للنسور المحلقة باجنحة ابعد منها ؛ فمابالك بالمثقف الحقيقي الاديب
الحقيقي الفنان الحقيقي الذين هم وحدهم دون سواهم يرونه عقوبة لهم !.
ان لم تكن
هذه الخيانة العظمى فما هي الخيانة اذن ؟ !
خبانة جيل
باكمله ثقافيا