الاضراب الجنسي الاسطورة و الحقيقة
العقيد بن دحو
هل قالت المراة كلمتها الاخيرة ضد اخيها الرجل في مجرى التاريخ ، بل في
مجرى ما قبل التاريخ ، و الشبيه بالتاريخ ، و عند جنون التاريح ؛ و الصفر التاريخي
!؟
هل كانت دموع المراة السلاح الوحيد التي استخدمته في معاركها و حروبها ضد الصديق العدو الرجل !؟
هل فهم الرجل المراة في يوم من الايام ، او اخذت سرها معها ، و ظلت ذاك
الكوكب حتى ان علم عنها شيئ غابت عنه اشياء !؟
قضاء و قدر الرجل ان تظل المراة الكينونة المجهول عنه حتى ان مكنته في
(لحظةضعف) من جميع مفاتيخ مغاليق ذاتها الجسدية و السيكولوحية و الذهنية و اشياء
اخرى ....!.
ربما تكون المراة قالت كلمتها الاخيرة في العصر الذهبي الكلاسيكي الاخلاقي التقليدي اليوناني ، حاضرة الاغريق ،
و لم تستبق شيئا لا للرجل و لا للسياسة و لا للمجتمع و لا لسائر مظاهر الحياة.
غير ان مع التقدم الثقافي و الحضاري للامم و الشعوب ، لم تعد المراة تقوم
بدور لعبة الضحية الضعيف ، من تنتظر و تترقب من اعلى الشرفات و من نوافذ العمارات
الشاهقة ذاك الفارس ، المخلص ، من يخلصها
من سجنها الابدي التي وضعت نفسها ووضعت فيه.
اكتشفت بتراكم و اضافات التحرر و النضال السياسي و الاجتماعي ، ان لا احد
يقرر مصيرها سوى هي ذاتها.
فلم تنظر بعيدا من افق افول لا يؤوب منه مسافر .
نظرت الى جسدها ، الى ذاتها ، الى نفسها فوجدت السلاح الفتاك التي تقاوم و
تردع كل جبار عنيد ، سواء كان رجلا متغطرسا ظالما ظلوما ، او نظاما حاكما سياسيا
دكتاتورا استبداديا ، محتكرا للسلطة ، متثبتا بالكرسي حتى ان ضاع الوطن و المواطن
معا.
قد نتخذ نموذجا و امثولة نوعا من هذا التحرر ، التحجج او النضال او هذا
النوع الخاص من الاضراب كنوع من المقاومة للتخلص من هذا ( البلوكاج) السياسي
الذكوري !.
حينما نعود الى ما قبل التاريخ ، الى قصة (ليستراتا) Lysstratat . واحدة من تلك القصص ، او النوع الخاص من الاضراب . وقد كتبت
ق:(-411 ق.م) اي بعد 21 سنة من الحرب ، و قد شعر الشعب بان لا امل في ايقافها و
عودة السلام ، فاتخذ الشاعر من شخصية المراة (ليستراتا) رمزا لمناهضة الحرب و
مقامة رجال السلطة العجزة و العجائز المتربعين عن الحكم.
بحكم ان العجزة خطرون فهم لا يكثرتون بما يقع حولهم!.
فعلا جعل الشاعر " ارستوفانز " من المراة ان تخرج الى المدينة ،
و تدعو نساء اثينا ، لا سيما نساء كبار القادة و السياسة بالتحجج و الممانعة و
المقاومة ضد رجالاتهن ، بل ذهب الحال بالشاعر الى دعوة النساء الى هجر ازواجهن
بالمضاجع. بل الى الثورة ضد رجال السلطة و الانقلاب عليهم و استحواذ المراة زمام
امور الدولة المدنية منها و الامنية العسكرية، السياسية الاجتماعية الاقتصادية
الفنية الفكرية الحضارية.
وفعلا و فق هذه السياسة استطاعت اثينا ان توقف الحرب ، و ان يتنازل
رجالاتها عن بعض السلطة ، و تشرك الحكم من هم اقل سنا و كذا المراة.
من غريب الصدف ان هذه الحالة ( الممانعة) و المقاومة الحسدية التي اتخذتها
ليستراتا كسلاح جسدي فتاك ضد الرجل و سطوة الرجل ، و ما اعطب شرف رجل اذا طوعن في
رجولته ، حتى لا اقول الطعن في ذكورته !.
هذه (الحالة) التقطها المفكر الكاتب الامريكي "سيلديز" في عصرنا
المعاصر ، يوم عرضت امامه القصة التمثيلية الخالدة الرائعة و سماها (بالاضراب الجنسي) !.
ولان التاريخ يعيد نفسه ، تتكرر الاحداث مرتين : مرة في شكل ماساة و مرة في
شكل مسخرة.
تكررت احداث الاضراب الجنسي مطلع ثمانينيات القرن الماضي في دولة "
كينيا" و قام التغيير السياسي على اثر ذلك.
لكن لا ترمز (ليستراتا) الى فكرة الاضراب الجنسي ، و انما تجاوزت الى مستوى
الفكر و اللغة.
الى رمز الهائل المذهل المدهش. حينما نجدها تتكرر في شخص "
هيداجبلر" لابسن حيت استخدمت جسدها كمسدس كاتم الصوت
او قي شكل امراة قصيد " هيرودياد" للشاعر السيريالي "
ملارميه" التي ترمز الى المبدا الشعري الباطني ذات الوجوه الثلاثة :
الملائكية ، الكهانة ، و النرجسية.
كما نجدها في اسطورة ( دافني) الاغريقية ، تلك االتي طاردها ابولو اله
الشعر و العربدة فتحولت الى شجرة ، ترمز الى فكرة الاستنساخ او التحول.
او تمثل (ميلوزين!) غند الشاعر بريتون.
تقول الاسطورة ان ميلوزين لحظة عرفت زوجها قد راها ، نظرت من النافذة الى
الليل ! الذي صار بالنسبة اليها ليل السحر الذي ستطير عبره.
وبعد ان كانت المراة كائنا بريئا صارت جنية فضاء الى ان صارت نجمة صباح.
معنى هذا تعظم طبيعة الثنائية في
المراة و الرجل و علاقتهما بالعالم المادي. اذ ان المراة تمثل معرفة العالم فريدة
طاغية ، الى حد يجب ان تظل مخباة عن الرجل. المراة منبع المدهش في العالم ، و الرجل شاعر و حسب او مشاهد ، يجب ان يتامل
هذا المدهش الهائل المذهل دون ان يتفهمه.
يقول النقاد المراة متحكمة عن الرجل ، بفضل ما اوتيت من قدرات خلاقة خاصة ، و من رهافة الاحاسيس ، تمكنه من المقدرة
على الاستشراف و الحدس الشديد.
بينما تفكير الرجل خطي ، مستقيم ، تفكير المراة حلزوني ، جيبي ، تواتري
قادرة على التفكير في عدة اشياء و مواضيع في لحظة زمنية واحدة.
المراة ليست متحكمة فحسب ، و انما حاكمة تقود العالم من خلف الستائر نيابة
عن الرجل.
فبدلا ان نقول اين المراة. ؟
نقول اين الرجل اذا كان كل التفكير يتجه نحو يسار الدماغ البشري !؟