القادمون
قصة قصيرة
حامد حبيب
مقهى( حنيش) البسيطة الهادئة ، أثرٌ من عهدٍ قديم..عبَقُ الماضي يضوعُ فى أرجائها ،
حتى فى زبائنِها إلاّ القليل.
الجالسُ في
الرُّكنِ القصىِّ يتصفّحُ الجريدةَ كعادتِه
..صوتُ
السِّتّ في المذياعِ دِمنةُ
الروحِ القديمة:
"وقفَت الخلقُ جميعاً
ينظرون
كيفَ أبنِى قواعدَ المجدِ
وَحدى..."
أخذتهُ مِن
جريدتِه..هامَ معها...................
أقبل نفَرٌ
مِن البِيضِ نحو المقهى
، ومع أحدِهِم حقيبة...عدَّلَ
المعلِّم ملابسَه...التفتَ الجالسون نحو
القادمين:"إبسِط
يامعلِّم..قهوتك بقى يُدخلها سُيّاح"
المعلِّم :
دي قهوة أثريَّة ياابنى....
الجالسُ فى
الرُّكنِ القصىِّ ألقَى نظرة،وعاد لجريدتِه
...أقبلَ النادلُ
بسُرعةٍ
تجاهَهم....توقَّف....نظر إلى
الاستاذ حسن
: "با اقول إيه يا أستاذ
حسن : إنتَ راجل مِتعلَّم...ماتسالهم يشربوا إيه؟"
فتح القادمون
الحقيبةَ بِحجَّةِ أخذِ شئٍ منها...ظهرت
الدولارات
...شخصَت الأبصار....تناولوا مشروباتهم...
تركوا عشرة
دولارات.
النادلُ لم
يعرف أنها دولارات
إلاّ حينما همس الجالسون
باسمِها...أوّلُ مرةٍ يراها ،وكان يسمعُ بها...
قبَّلها
وضمّها إلى صدرِه.....
همسَ
الجالسون : "دى بخمسة ونُص!!!!"
نهض المعلِّم
من مكانِه: _"هات يالا..."
_إيه
يامعلِّم ..إنتَ ليك مِرَك وبسّ ..تحاسبنى عليها
آخِر
الليل".
المعلِّم : _
"مِن دلوقتى النظام
هَيِتغيّر...اللّى يدّيك
حساب
تحطّهولى في الدُّرج..."
تدخّل أحد
الزبائن: _"خلاص ابقوا اقسموها بالنُّصّ"
وقف الاستاذ
حسن:_ونصيبى يامعلِّم ؟
المعلِّم
:_"خبر ايه يا أستاذ حسن؟"
تدخّل
أحدُهم:_مِن حقُّه يامعلِّم مش هوّا اللى ترجم.
الجالسُ في
الرُّكنِ القصىِّ ينظر إليهم،
ويبتسمُ لهذا الشِّجارِ
الذى صنعه الدولار...عاد لجريدته.
في اليوم
التالى...أتَوا
لم ينهض
المعلِّم وَحدَه ...نهض الجميع | | |
الجالسُ فى
الرُّكنِ القصىِّ يبتسمُ ويعودُ لجريدتِه
:
"وزيرُ
الخارجية الأمريكى يتّهمُ مسئولى الانتفاضة والعملياتِ الانتحارية بالإرهاب".
الاستاذ حسن
وضع قدمَه اليُمنى على اليُسرَى،وأخذَ
نفساً عميقاً
من سيجارتِه...
المعلِّم : _
" ماتقوم ياأستاذ حسن تترجم
طلبات البهوات".
ترك القادمون
عشرين دولاراً...
النادِل:_
" نصيبى يامعلِّم"
الاستاذ حسن
: _"ونِسبتى يامعلِّم"
المعلِّم : _
" ياسلام على طمع البنى آدمين"
خرج الجالسُ
فى الرُّكن القصىِّ من صمتِه:
_"إنتوا
مُش فاهمين حاجة "
قال الثلاثة
(المعلِّم والنادل والأستاذ):
_"خلِّيك
في جورنالك"
المقهى
مُغلَق...بعد عدّة أيام تغيّر اسمُ المقهى من
(مقهى
الشرق).. إدارة( المعلِّم حنيش) إلى....
[كافيه
ويلكام].. إدارة [ يونايتد برازرز ] ...
بابُ المقهى
يعمل بالضغط...الوجوه غريبة ..
الذى كان
يجلسُ فى الرُّكنِ القصىِّ ذهب يبحثُ عن
أثرٍ آخَر.
_____________
حامد
حبيب_مصر
من مجموعته
القصصية"سنمار"٢٠٠٢م)