الخصومات الادبية الفنية في الادب التمثيلي اليوناني
العقيد بن دحو
الصراع او هي
الخصومات الادبية الفنية الفكرية في الادب التمثيلي اليوناني ، كان اكثر رقيا
وحضاريا مما نعيشه في عالم عصرنا اليوم ، اين يتخذ الخصم مما لا بفقد الود قضية فجورا ، طابعا و تاويلا و اشكالا شخصانية . مع الايام
يصير كالبروبجندا / الاعلانات يتغذى على الاضافات و التراكم الى حد العداوة و
القطيعة.
الصراع الادبي
في كل مكان و في كل زمان و من خلال كل عصر ، و كل جيل طبيعي جدا ، مادام التنافس النزيه ؛ رغم ان الساحة تتسع
الجميع . كون الفئة المثقفة الانتلجونسيا المعنية بحقل المحاكمة ، التفكير ، و
الابداع فئة قليلة ، و تمتاز بالدائرة المغلقة.
بل ؛ ازدادت
هذه الخصومات و الصراعات الادبية منذ سنة 1755 و هو التاريخ الذي حدده (روبيرا
اسكاربيب) في كتابه ( سوسيولوجية الادب) اين اعتبر الادب ، الفن و الثقافة (سلطة)
. و اين اعتبر الاديب رجل سلطة لا يقل اهمية عن سلطة رجل الدولة او رجل المال و
الاعمال او سلطة رجل الدين ، او هي السلطة التنفيذية ، التشريعية و القضائية . و
بالتالي لما عرف السبب بطل العجب !.
امتازت
الخصومات الادبية بين الادباء الاغريق خصومات فنية اولا ، ثم خصومات افكار لاهوتية
، خصومات الهة. لان كان خلف كل شاعر
اغريقي الها او نصف اله او بطل يمدحه و يستهل انشاده به . و لهذا السبب جاءت
الاداب الاغريقية رائعة و جيدة و جميلة ، كونها امتازت بما امتاز به الاله.
يمكن ان نتخذ
لهذه الصراعات نموذجا من العالم الاخر ، بين شاعربن عملاقين : "يوربيدس"
و " اسخيلوس" ، حين علم ان ايسخيلوس تربع على عرش التراجيديا بالعالم
الاخر ، فاشار الاله " بلوتس" اليهما ان يتحاكما اليه امامه ، ليقضي
بينهما ، و اخذ كل شاعر يتهكم بالاخر مقتبسا من اقواله و من مواقفه المسرحية ما
يجعله سخرية و يضعف موقفه امام خصمه. و كان ايسخيلوس يتحدث باسلوب ارستوفان الساخر
و يتهم يوربيدس بانه افسد الاخلاق ، و انه استاذ من الفلاسفة السفسطائيين ، و
يستخدم الفاظا غير ما تعود الشعراء التراجيديا ان يستخدموا.
لياتي الحكم
اخيرا ياتي الحكم بطرد يوربيدس و عدوه غريمه ايسخيلوس الى العالم ليسترد و يعيد
مجد التراجيديا ، فالمسرحية على هذا النحو ، ملهاة ( الضفادع) معركة بين مدرستين
من مدارس التراجيديا اليونانية و تمثل عنصرين من عناصر هذا الفن في شخصية زعيمين
من زعماء التراجيديا ، و لا شك ان كل شاعر دافع عن فنه و حاول ان يقهر خصمه، و كان
الاله بلوتس الذي تراس هذه المحاكمة الدراماتيكية ، عندما نطق بالحكم يلخص راي
جمهور اثينا في كلمات عادلة ، اذ هو يقول في حكمه : ايها الاصدقاء لا استطيع ان
احكم بين المتنافسبن ، لا اريد ان اكون عدوا ليوربيدس ، و لا خصما لا سخيلوس فاسخيلوس يتحدث بالعقل و يوريوبيدس يفتنني
فنه.
كان هذا راي
و حكم الاله ، اما المحللين فكان رابهم غير راي بلوتس الاله .
فالمسرحية
على هذا النحو ، ملهاة الضفادع ، مسرحية نقد ادبي ، و لهذا يعدها علماء النقد و
اللغة و البلاغة و فقه اللغة و الادب المقارن
من اقدم المسرحيات اليوناتية الكوميدية ، و من اقدم الاصول النقدية في
ينابيع الفكر الكلاسيكي.
صراع و
خصومات ادبية على عرش السلطة الادبية، و صراع الهة ، و صراع فلسفة و افكار ، و
احكام جماهير اختلفت بهم الاراء و التوجهات و كذا مختلف العواطف و الميولات و
الرغبات ، فانجبت لنا ادابا و فنونا لا تزال تتصدر الصدارة ، و تعتبر القدوة. و
رغم الصراع الا ان الاسطورة و الخرافة كانت الميراث المشترك بين مافة الفرقاء.
فماذا انجبت
الصراعات الادبية و الخصومات عدا الكراهية فيما بين الادباء . صراع حول تراس
الاتحادات و الجمعيات في حين الخصومات
السياسية كاتت اذكى اوصلتهم الى مصدر القرار ، يقرر عوضا ان يقرر له.