بقرتنا الباكية و بقرتهم الضاحكة
العقيد بن دحو
تشابه علينا
البقر ، سواء تلك التي لا تزال باكية في اخاديد و تلافيف متاهات اغوار جبال
الطاسيلي ناجر باليزي الجنوب الشرقي الجزائري
، حاضرة الرجل الازرق الثوارق.
او هي تلك البقرة الضاحكة القادمة الينا من وراء
البحار حين يذوب الاستغلال الانساني
السياحي في الاستغلال التجاري الاقتصادي. في شكل علبة جبن عليها لصيقة اشهارية
لبقرة ضاحكة.
هذا اذا
ماعلمنا ان ( الضحك) و (البكاء) حالتان
انسانيتان وجدانيتان تخص الانسان بالمقام الاول.
تعود بنا
الحالة هذه الى يوم كان الانسان متعلقا بذاكرته الحيوانية ، فتراه من حين الى اخر
يراوده الحنين النوستالجيا فيكتب من ذاكرته الحيوانية لكنه فضلها ان تكون كتابة او رسما او نحثا من
ذاكرة المستقبل ، مادام الحيوان واحد، او
البقر واحد.
La vache qui
rit ou
La vache qui pleur .
الاشكال
لماذا ظلت طيلة هذه المدة ، هذه الحقبة الزمنية بقرتنا باكية ، تندب حظها التعيس
في هذا العرمرم الصحراوي المترامي الاطراف
وحيدة ، تعيسة ،
شقية ، سجينة الكهوف و الاغوار .
في حين مثيلاتها في كهوف اخرى و في جبال اخرى من العالم - اقل شانا منها
- اكثر سعادة و سؤددا و حضارة.
بقرتنا
الباكية التي قال في حقها الفنان العالمي السيريالي ( بيكاسو) انها منحت لونا خالدا
لجنون الصحراء ، انقذتها من الذوبان في حضارة اكذوبة المادية اللبرالية المتوحشة.
يجب ان نعطي
معنى جديدا و تاويلا جديدا ، و نصبها في
قالب اخراج جديدا ، كما هي في سائر الاثار الانسانية الكلاسيكية في مجرى التاريخ.
ان تمنح اسما
علميا بالمقام الاول.
ان تصنف
تاريخيا و ثقافيا
كونها بطريقة
او بكيفية اخرى تصبح شبيهة بالتاريخ.
و لبناء
حضارة يلزمنا تاربخ و الشبيه للتاريخ ،(مالرو).
انها ليست
مجرد نقشا على الحجر ، تسلية للعابرين للزمن السياحي. تذكارا يذكر بحلم الرجل الاول انسان الكهوف و المغارات ، الانسان العارف/ sapiehs Homo
و الا كيف
نفسر امم و دول و حكومات اقل اهمية و اقل
امكانية اعادت الاعتبار لكنوزها المادية و اللامادية بينما نحن لا زلنا نترقب الاغوار كالسحرة لعلها
تكشف لنا عن طلاسم خيط العبور!.
ان كنا عرفنا
مخرجات المشروع الكوني للبثرة الضاحكة ( بقرتهم). شركة عالمية عابرة للحدود فان بقرتنا الباكية ، باكية على حالنا الميؤوس
منه ، اولا الثقافي الاقتصادي السياسي الاجتماعي
كنقص القادرين على التمام. عاجزين على ان ننقذها من رطوبة المكان و تقلبات
الدهر و المناخ و من حالة اركولوجية الى
انثربولوجية او الى مشروع اقتصادي ، اخر ما يبقى بعد ان تخسر الجزائر ثروة الربع
ثم هل
استنطقنا البقرة الباكية كما استنطقت
الاغريق انصابها و تماثيل عزها و شرفها ؟
استنطقت (
الهولة) و جعلت منه قصة درامية عالمية (اوديب ملكا) ، هي اليوم معالجة اكلينيكية
سيكولوجية تحت اسم ( عقدة اوديب) ، كما
استنطقت تمثال ( ابو الهول) عند الفراعنة القدامى المصريين ، و العديد العديد من
الدول من لها تاربخ قومي وطني تمجده و تجله قبل التدوين و بعد التدوين. فكيف لا
تبكي.... و تبكي بقرتنا الباكية حجرا و بدل الدموع دما !؟
تبكي علينا
الما و حسرة مسبقا و هي لم تعايش عصرنا اننا نقول اكثر مما نفعل ، و نكذب على
انفسنا اكثر مما نتنفس !
الغرب احسن
التقط تلك اللحظة المسحورة ، فحول النقش الى تخطيط استراتيجي هندسي ، حول بكاء
الحجر الى ضحك صناعي و انتقل بالبقرة من
كهوف باقاصي الصحراء الى حواضر المدن العالم الكبرى ، الى مصانع يدر عناصر
الحياة. يجعلها تسري في كيان الانسان و
تهز روحه روحه من جديد.
و في انتظار
من ينقذ بقرتنا الباكية من حدادها الحجري المجمد الخالد ، يبقى كل شيئ عندتا مجمد
، مؤجل الى اجل غير مسمى ، و عندما يبكي البقر و الحجر ذاك ان لم يعد من دمع في ماق
البشر .
فبكاء البقر
كبكاء الاطفال توسلات ان لم تستجاب تصير اوامر
كان لا بد
لنا ان نكون متواضعين و نعود من حين الى اخر الى البقرة الباكية، كيما نسترد
ذاكرتنا الحيوانية من جديد ، كيما تتعلم من جديد اللا نخلط بين المزاجين ، و كيف
نبكي و كيف نضحك من البداية كل ذي في وقته المحددين.
و الحكمة
تقول :
اذا اردتني
ان اضحك اضحك انت اولا ،
و ادا اردتني
ان ابكي ابكي انت اولا !.
و الحديث قياس .