ثقافة " الرفض" الايجابي
العقيد بن دحو
نلوم المثقف الفنان الاديب اكثر من غيره ضمن
المستويات و الحقول و الفضاءات الاخرى ، السياسية الاجتماعية الاقتصادية.
كون المثقف -
شئنا ام ابينا - تاريخيا و حاضرا و مستقبلا يعتبر القاطرة الذي يقود التنمية و
الحضارة لدى امة من الامم ، و لدى شعب من الشعوب.
صحيح كلمة (
مثقف) لا تزال تشكل تلك ( العقدة) لدى الحاكم ، حتى عند اولئك الدول الاكثر تقدما
و حضارة. حضارة ديمقراطية اين تقدر كميا الحرية ضرب المساواة. فتمركز الفرد في
المجموعة في اساسه حريته ، اما علاقته مع الافراد الاخربن فهي في اساسها مساواة.
فالحرية و المساواة اساسا فكرتان سياسيتان
، كونها تتاثر بعمل الحكومة، بقدر ما هما
فكرتان اجتماعيتان ايضا.
و السعي الى
الخرية و المساواة ، كان يسعى في كل مرة هذا المثقف للدفاع عن حربته الفردانية
اولا ضمن المجموعة.
بان الايكون
متاحا باستمرار كتلك السلع و بضائع الاستهلاك البوار ، ان يتدرب و ان يتمرس على
قول " لا" حتى ان كانت به خصاصة.
ان ينبذ
سياسة ادارة ( القطبع) !. كان ينقذ نفسه اولا ،
على اعتبار الثقافة انقاذ بالمقام الاول
و لان
السياسي اكثر حيلة حتى لا اقول اكثر مكرا ، يكون براغماتيا عملياتيا. ميكيافليا ،
ماكلوهانيا اكثر ! .
تراه يعود
الى المثقف ليس حبا فيه - متى اصطدم بالحائط
ووصل الى ما يسمى بالبلوكاج السياسي - كونه يعرف جيدا بانه الملاذ الاخير ، المخلص لا نقاذ ما يمكن انقاذه !
قدرة المثقف
على الاستشراف مكنته من سلطة ثقافية ادبية فنية يوازي بها بقية السلط الاخرى
المعهودة.
لم تعد حاجة
المثقف للدولة او لرجالات الحكم بتلك الحاجة التي كانت قديما. و انما الدولة ايضا
صارت في حاجة اليه و لو على مضض.
غير ان هذا
المثقف لا يزال مصابا بداء الدوخان ، و انه ضعيفا بالسليقة و بالتالي لا طائل من وراء نضال كاذب ، لا
ياتي وراءه الاصداع الراس و المزيد من الوسوسة هو في غنى عنها.
قد يكون هذا
صحيحا في نهج التماثليات حتى اواخر القرن التاسع عشر. اما اليوم في عز تقرير مصير
الانسان نفسه بنفسه ، في عز ثورة المعلومات التي فجرت اامعلومات و الكلمات و
الافكار و كذا الافعال . حطمت المسافات و
الابعاد بين الحدود و بين كافة الوحدات ، و حطمت الطابوهات و كذا الممنوعات التي
كانت سائدة. في ظل اعلام المواطن ، اعلام المحتوى و منصات شبكات التواصل الاجتماعي
.
المفروص المثقف ان يتكيف مع الطارئ و يستغل هذه السانحة الكونية و يعلن (لاءته) ،
رفضه الايحابي . ان يقولها اليوم قبل غد ، علنية ، دون تردد ،دون خوف !.
ان جاءته
جائزة فليرفض هذه الجائزة فان جاءه
التكريم فليرفض هذا التكربم ، فان جاءته دعوة فليرفض هذه الدعوة !.
فالجائزة و
التكريم مدح بما يشبه الذم ، ثم من يكرم من... !؟
او هي عبارة
عن تلك الجزرة الاي تقود الحمار كما يقول المثل الفرنسي .
تلكم هي
اسئلة راهن المثقف الحديث ، ان يطلقها من لسانه حرة طليقة مدوية في وجه الخرساء
تكريمات
وجوائز تستحق قولة ( لا) ، و كبار مثقفي و ادباء و فناني العالم رفضوا جائزة
نوبل. فما بالك بجوائزنا الكرتونية التي
تعكس بؤسنا و عوزنا و فقرنا فننا الثقافي الكرتوني بدوره.
بعد ان افسدت
العصابة كل ذي شيئ جميل. و سرقت من الاديب
الفنان المثقف اعياده (ديونيسيوسية)، ما بقي الا ان يسترد ماء وجهه على الاقل ،
اجر من حاول ، بقوله لا. لا لهذه المهازل التي تحاكي و تحاك و تلعب باسم المثقف
الحقيقي الغرامشي .
لا بد ان
نتعلم ثفافة الرفض من جديد ، الرفض الايجابي ، و ليس الرفض من اجل الرفض ، ثقافة
كبار العالم عندما يرفضون حماقات الصغار و اخطاء الاشباه و الاشباح ، و يناون
بانفسهم بعيدا غن البافلوفية المشروطة ، المنعكسة عن ضمير ميت .
على مثقف ان
يكون يقظا وواعيا ، لان ايدي مجهولة فاسدة تريد ان تجر الجميع الى الرداءة ، حتى
اذا ما عمت خفت !.
على مثقف
اليوم ان يفوت هذه الفرصة السانحة على هؤلاء الميكيافليين و يرفض ما يقررونه ، و
ما يسطرونه لجعل المثقف لا يخرج عن ادارة القطيع.
ان اكبر
مؤثمر يعقده المثقف الحديث عن الدفاع عن الثقافة هو ان يرفض ما هو قائم اليوم بغثه
و سمينه و يعلن قوله (لا) و المحافظون ااجدد و اصحاب المعالي و الكراسي ؛ مع حفظ
الالقاب و الرتب يعرفون قوله عندما تاتي على لسان مثقف اديب فنان صادق صدوق.
و انا من
عندي لا. لا ادري لما قلت لا. غير اني على يقين سوف تجد طريقها : لاحلم الخطا. ...لاكلمة الخطا...الفكرة
الخطا...للفعل الخطا...للمدخلات الخطا في الوقت الخطا... و المكان الخطا
...للاشخاص الخطا !.
و عندما لا يستشار صاحب الراي الحكيم سوف تصطدم
بذاك الحائط الذي كانت اطفال المدارس تكتب اولى طلائع حروف ابجدية الرفض : "
تسقط ( نعم) " !.