العقيد
بن دحو
الشاعر
الدرامي اليوناني العظيم فرينكيوس
Phrinickius-
يذهب بعض النقاد ومؤرخي الدراما اليونانية أن الشاعر الدرامي
التراجيدي هو مبدع المأساة الإغريقية بإمتياز. وقد حصل على الجائزة الأولى سنة : -
496 ق.م , وانه في بدايته أتجه بإخراج مسرحياته نفس اخراج ايسخيلوس , حيث قلل من
العنصر الغنائي ومن ارتباط الممثل بالإله , وانه اول من أخل العنصر النسائي
بالمسرح , ولكن ليس النساء كما هم بذاتهم , انما ممثلين رجال ألبسهم اقنعة وجوه
نسائية.
كما ان النقاد يوعزون انه هو أول شاعر درامي من جسّد انهزام
مدينة (ميليوس) امام الفرس , وكانت هذه المسرحية المأساة , مأساة عليه , اذا جلبت
عليه الكثير من الشقاء والتعاسة والمشاكل. حين عرضت المسرحية لأول مرة على أناس
أثينا ضجّت الجماهير بالبكاء المر والنحيب الشديد , فأضطرت الحكومة لتوقيف العرض
وفرضت على الجماهير غرامة مالية قدرها 1000دراخما كما نوفي الشاعر الى روما.
وكانت هذه المسرحية أول مسرحية تعرض على الجمهور الاغريقي بعيدا
عن الألهة وانصاف الالهة والأبطال. مسرحية تاريخية تصور احداث واقعية مأسوية وقعت
, فيها استعمار دولة اجنبية لدولة اخرى.
لذا لم يكن الجمهور ولا الطبقة الحاكمة راضية عن ( فرينكيوس)
حينما عكس لهم واقعهم التاريخي امام مرآة الواقع.
ولكن لم يدوم الغضب طويلا ولا النفي طويلا , حتى أعاد الكرة هذه
المرة في قالب معكوس , وفي مسرحية أخرى , هذه المرة تشهد انهزام الفرس امام
اليونانيين سنة - 486 ق.م وقد نال رضى الشعب , واستطاع ان يسترد حبه وعاطفته.
يجمع النقاد ان الشاعر الدرامي كان يقترب قي شعره من شعر
ايسخيلوس , لذا استظاع ان يسلب عاطفة الجماهير , ويهيج وجدانهم ويثير عاطفتهم , لا
أن يجعلهم يجلسون امام عرضه في عله اسر ساحر , بغية التطهير والتكفير من ادران
انفعالات النفس
Cathersis , انما من اجل تقرير مصيرهم.
واذا كان الموضوع التي تدور حوله جل المآسي الاغريقية وحتى عند
كبار الشعراء التراجيدين القضاء والقدر , الذي لا مرد لمشيئته , فالشاعر فرينكيوس
استطاع ان يجد بديلا واقعيا عير ذاك الأسطوري القائم على الإله , وهو العاطفة
ووجدتن الشعور.
لذا اعابت الديانة اللاهوتية الاغريقية , وشككت في ديانته
واعتبرته لا ئكيا لا يدين بأي دين , ولا يستشهد ولا يتقرب بأي قربان لأي إله في
عرض مسرحياته التراجيدية , التي كانت بالغالب تقوم وتدور حول عبادة الإله
ديونيسيوس او الإله ابولو.
كنتم اليوم معي مع شاعر من اعظم شعراء التراجيديا الذي انجبهم
هذا الكون , لا يطويهم زمان ولا مكان , لا تزال اعمالهم قائمة حتى اليوم واحداثها
في زمان هي كل زمان وفي مكان هي كل مكان , وكأن وقائعها تقع اليوم.
لم يتغير شيئ مما قبل الميلاد او الشبيه بالتاريخ الأسطورة او
مماقبل التاريخ , عندما فقط تجد الوسيلة والأسماء تغيّرت او الأفعال والغايات
واحدة. عندما تجد الإله او نصف الإله صار كبير العائلة او الأسرة او كبير القبيلة
او من يملك سلطة دينية ( الشكارة بالنظام والزندقة بالإسلام) , وعندما تجد القضاء
والقدر في دولة أوليغارشية دكتاتورية يمثلها الجهاز البوليسي الأمني العسكري
العلني والسري القمعي , المكلف بقتل ومحاربة وبتعذيب وبسجن المعارضين او من يملكون
وجهات نظر مخالفة بتسيير الحكم , وعلى اعتبار الحكم عند الإغريق القدامي يسمى (
الكنز) , والكنز هو الحكم , بل هو الخط الأحمر الذي لا يجب على البشر تجاوزه.
لقد سبق الأدب الإغريقي غيره من الأداب والفنون بالألاف من
السنين , وهاهو اليوم مجسدا ليس على الورق بل على الواقع راجلا وكأنه يقع اللحطة.
لقد صدق هوراس حين قال : " اتبعوا امثلة الاغريق واعكفوا
على دراستها نهارا كما اعكفوا على دراستها ليلا ".
ولقد قال : " جميع الأداب والفنون تنتهي الى الضيق بذات
نفسها اذا لم تأتيه نفائس الأداب والفنون الأخرى تهز الخلق من ديباجته ".
***********************
***********************