أعمى
أعمى
أنا أعْمى. ..
لا أعْرِفُ بِمَصيري ككلّ أعْمى
أعْمى وَلا أبصرُ إلا الذين مَرّوا فوقَ السَّحابِ
كنسْرٍ منِ العَنْقاءِ أحلقّ عالياً
لكنّني أعْمى!
أشاكسُ الهَواءَ
أمسّدُ عَلى ظَهْرهِ
وتارةً أمسِكُهُ مِنْ خَلْفِه وَأضَعُ يَدي عَلى كَتِفِهِ كيْ يدلَّني
لكنّهُ الهَواءُ لا يَفْهمُ لُغَة الأعْمى!
أكلّمُ الطّريقَ
أشرحُ له خَريطَتي
وأسهبُ في الشَّرحِ يميناً وَشَمالاً
لكنّهُ الطّريقُ لا يَفْهمُ!
أرفعُ رَأسي للسّماءِ
أخبرُها بِوجْهَتي، وأسألُها مِنْ أينَ أبدأ؟
تَطولُ رَقَبتي كلَّ يوْمٍ، وأعقِفُ رَأْسي أكثرَ مِنْ ذي قَبلْ
أعقفُ رَأسي للخَلْفِ كي أوازي بِهِ السَّماءَ لِتَفْهمْ
لكنّها السَّماءُ لا تُساعِدُ رَجُلاً أعْمى
أخبرتُ النّاسَ بِما جَرى لي
وبأنَّني أعْمى وأريدُ أنْ أنْجو بِنَفْسي
أعطيتُهُم أسْراري وَخَرائِطي وطُرقي التي كُنتُ أسِيرُ عَليْها
سَلَّمتهُم وثائِقي السّريّة ليُرْشِدوا عَمايَ
وَلأنني أعمى سَمَحْتُ لَهم أن يَأخذوا كلّ ما أملكُ من مُقتنياتٍ
أقلامي ...
دَفاترِ الشّعرِ القَديمةِ
صُوري
وَأوْراقي الثُبوتيّة
ثمَّ سادَ الصمتُ, وأنا واقِفٌ أنتظرُ انتِشالي من التَوهانِ الذي قُذفتُ فيهِ
الظّلمةُ حالِكَةٌ والبَرْدُ شَديدٌ
والناسُ!
النّاسُ أوْغادٌ..
____________________________________
محمد الصباغ / العراق