(أورفيوس) صديقي
(أورفيوس) صديقي
العقيد بن دحو
عجب وكل عجب لأدب من حلم الشعوب الجمعي صنع و
أبدع حقيقته الوجدانية و العاطفية , ومن الشبيه بالتاريخ صنع لنفسه حضارة التاريخ
تٌكتب من ذاكرة كل الأزمنه , من ذاكرة الماضي , ومن ذاكرة الحاضر , ومن ذاكرة
المستقبل !.
عجب وكل عجب لأدب صنع من أساطيره الملحمية و
الدرامية أبطاله , وانصاف ألهته , و ألهته بالمرة , ليحصل على انتصارات عظيمة
بالبر والبحر والجو السماوية و الأرضية حديثا بألف صوت !.
عجب وكل عجب لأدب و كأنه كٌتب من دموع مآقبنا
صبابة , ونسينا انها من محض مخيلة شعراء شيّدوا بالتراكم و بالإضافات حزننا
التكفيري التطهيري.
قد يستحيل أن تفرغ من قراءة كتاب اغريقي - هذا
ان وجدته - و تخرج منه سالما غانما بخف حنين , دون أن تصاب بلسعة نحلة وٌجد أو
شوكة وردة حب , دون أن تبكي حتى النهاية , وعندما تسترج وعيك تجد نفسك قد بكيت على
امرأة جميلة قضت شهيدة من أخل خطبها أو حبيبها , أو تبكي بكاءا مرا تورك لحال
سبيله دون مساعدة أحد , يجابه عمالقة ( تيتانوس) و ألهة وبطش بشر ظالمة غاشمة ,
وقضى منفيا طريدا شريدا عن أهله ووطنه الذي أحبهما حبا جما , ولم يشعر بإستشهاده
أحد من الناس إلاّ بعد فوات الأوان و تقدم السن.
كان هذا الأدب الإغريقي الذي يعود الفضل فيه
العالم للعرب الذين ترجموا الأثار الإغريقية أدبا وفكرا وفلسفة وتاريخا. وهاهي
جامعاتنا ومعاهدنا توشك أن تخلوا و أن تٌفرغ من هذا الجميل الأصيل الذي هزّ الدنيا
ولم يقعدها.
- (أورفيوس صديقي) و أنا اقرأه يوميا , وكلما افرغت
منه في كتاب طاردني في كتاب آجر أجمل و أفضل وأروع من أورفيوس الذي كنت أعرف.
(أورفيوس) : " موسيقي كان يحرك الحيوان
والبشر والحجر والشجر بموسيقاه. عند مون زوجته ( يوريدايني) سٌمح له بإعادتها من (
هيديز) الى الأرض شريطة ألاّ ينظر اليها / يلتفت اليها وهما في الطريق , ولكنه
فشل. ثم قتلته امرأة (تراشية) أغضبها نواحه على زوجته.
ما أجملك , و ما أروعك أيها الإغريق الأشم
العظيم , و أنت تسلب ألبابنا وتستولي على قلوبنا رهافة ورأفة , وتأخذنا في أوديسة
غفوة , لا تجعلنا نفيق منها ونعود الى صوابنا إلا بعد أن تتأكد بأنّا قد تطهرنا
وقد كفرنا عن بكرة أبينا , ومن ذنوب قد اقترفناها والتي لم نقترفها بعد , بصفتنا
كبشر لنا القابلية للأخطاء سذاجة البداية , يمكن التقليل منها لكن لا يمكن القضاء
عليها.
كم أنت رائع و أروع من الرائع أيها الأدب العظيم
و أن تجمعنا وجها لوجه مع ألهتك , مع قدسيتك , وبالتالي امتاز هذا الأدب والفن
والجمال بما امتاز به الإله.
المطلوب منا اليوم أن لا نعيد اكتشاف المستكشف ,
ونكرر المكرر , ونجرب المجرب . بمعنى أن نعيد على ركح المسرح تمثيليلت شعرائه
العظام ( صوقوكليس) أو ( يوريوبيدس) أو ( أسخيلوس) أو ( أرستوفانز) أو....أو....أو
انما أن بقي لنا ابداع أو فن أو أدب أو فكر أو
ثقافة , أن نعيد (أونتجون) , إليكترا) , ( أوديب ملكا) , ( أورفيوس) في قالب فني
أخر : لوحة فنية رسما , أو نحثا , أو قطعة موسيقية , أو ( رقصات
كوريغرافية).......الخ من الفنون الأخرى.
أورفيوس صديقي وحدينا غريبان عن هذا الوجود ,
كلانا أنا و أنت نبكي حظينا في هذا الزمن التعس , صديقي العزيز أعزيك في مقتل
زوجتك , و أعزي نفسي في مقتلك , ومع هذا لا ندري من الميت ومن الحي فينا , نحن
الأموات الأحياء أم أنت الميت الحي , بل أنت العدم من بعثت بك العبقرية الإبداعية
, والحلم الإغريقي الى الحياة و في مجرى مدى الحياة.
أورفيوس الفتي الجميل الذي صنع اأوتار قيتارته
من حواجب عشيقاته , ومن ابكى وناح زوجته الى ابد الأبدين الى اللقاء , ولا نامت
أعين المتقاعسين الكسالى عن الأدب الإغريقي الجميل.