جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءفتحي عبد السميعنقد

الإبداع والخردة والملابس المُستعملة

 

الإبداع والخردة والملابس المُستعملة

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فتحي عبد السميع

 

لا عار في ارتداء الملابس المستعملة لستر البدن، العار في لف أرواحنا بالملابس المستعملة، وهذا ما نراه، خاصة في مجال قصيدة النثر، ونحن نطالع إبداعا كثيرا يحمل من التقنيات ما يجعلنا نعترف به اعترافا خارجيا، بينما تخلو أعماقنا من قناعة بكونه إبداعا، نشعر بلونه الشاحب، ونشم رائحة غير محببة تصعد من نسيجه، وتنقصنا شجاعة لاعتباره خردة، أو مجرد طمس للروح بالملابس المُستعملة.

 

ثمة تطابق على المستوى الخارجي بين أسلاك هامدة، وأخرى يسري فيها التيار، أما على المستوى الداخلي غير المنظور فهناك فارق بحجم المسافة بين الموت والحياة.

 

التيار ساحر يقلب الظلمة إلى أنوار، وهذا ما نراه في المبدع الحقيقي وهو يفاجئنا بلمسة سحرية، تتجاوز المألوف والمعتاد، من أين يأتي المبدع بتلك اللمسة السحرية؟

 

في العمق الإنساني ساحر، هو الذي صنع الفارق بين عالمنا وعالم الحيوان، هو الذي يستيقظ فننتشي طربا عندما نلتقي بلمسة سحرية، أشكُّ في وجود إنسان لم يرغب في أن يكون مدهشا أو مندهشا، ساحرا أو مسحورا.

 

لا توجد قوى غيبية تُلهم المبدع تلك الطاقة السحرية، بل هي قدرات موجودة عند كل إنسان، وتلك القدرات هي التي تشكل جوهر الإبداع، لا تلك القواعد الشكلية التي نتحصن بها اقتداء بمبدع سابق، القواعد التي كثيرا ما سرقتنا من قدراتنا الحيوية، وكنوزنا الحقيقية، وحولتنا إلى مجرد ناسخين أو مقلدين، نتبختر بالملابس المُستعملة وهي تفوح بروائح أصحابها، أو نملأ أكوابنا من جرار الآخرين، أو نشرب من ماء غسل أقدام الآخرين، ونترك النبع المتجدد الذي يحمله كل واحد فينا؟

 

ثمة نبع موجود داخل كل إنسان، نبع يفيض من توافق معين مع الطبيعة، و تناغم كيانه بدقة مع العالم، ومن حساسيته تجاه التغيرات الطفيفة، من ذلك النبع الذي استمد منه السحرة فنهم، يستمد المبدع طاقته السحرية.

 

يربي المبدع نفسه، من خلال استيعاب الإبداعات السابقة، هذا ضروري، يكتسب الآدمي بدنه من أم وأب، لكنه لا يرث روحه، ولا يستمدها إلا من ذاته.

 

يولد المبدع من نبع يجري في ذاته، ويسري في حياته، من إصغائه الدائم لكل ما حوله، و تناغم كيانه مع العالم، وحساسيته تجاه أصغر التغيرات، من التأمل الجاد والرصد الدقيق، والتفاعل العميق مع العالم.

 

هنا مصدر الحرارة التي تسري في الأسلاك، وبقدر جهد المبدع يتميز عن الذين يعيشون حياتهم بشكل عادي، أو بشكل آلي، أو ينساقون وراء مشاكلهم اليومية، تاركين فراغا يصرخ في أعماقهم، وهكذا يحصل المبدع بسهولة ويسر على لمسات سحرية، ويصبح من أهم أدواره إنقاذنا من البلادة، والآلية، والغرق في مشاغلنا اليومية التي تخنق الساحر الذي نحمله.

 

لدينا تركيز على بدن الإبداع لا روحه وبدنه معا، والنتيجة، وإنتاج يخلو من اللمسة السحرية، وأكوام هائلة من أسلاك بلا تيار، وملابس مستعملة تستر البدن وتجرح الروح، وتكشف فقر الذات وبؤسها.

 

النتيجة جهد ضائع، وأوهام تجري إلى مقالب القمامة، و عدد كبير جدا من المبدعين يتساقط في منتصف الطريق، وربما في الخطوة الأولى التي تتكرر كثيرا ويحسبها الموهوم سيرا وانطلاقا

 


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *