أنا نحيل جداً
بسام المسعودي
..
أنا نحيل جداً
لا ضير إن كنتُ وهماً في جيب ريح شاردة
أو محفظة لروح وخيمة
على جسد رجل تندرت به
قمصان النوم
وبناطيل الأناقة المزيفة والكثير من قصائد الخبز
السمان.
أنا قمحي البشرة
وحقل أبي الذي كان يكتظ بالسنابل صار منهكاً من
الجفاف
صار قمحنا مسوس ورحاة جدتي عاطلة
وفصيلة دمي ليست نادرة
تعاني الكساد
لم أعهد أن تبرعت بها لأحد
إلا أنني حين أحك روحي المصابة بالقروح
يسيل الدم منها
ثم أجففه بكم قميص أهدتني إياه فتاة عرفت من أين
يؤكل كتف قلبي.
أنا متأكد أنني لا أشبه هذه المدينة
فأنا قروي بالفطرة
أبذل جهداً بالمشي على أرصفتها المصابة بالجدري
وأرفق بنعيق غربانها
أرجمها بأحجار شوارعها التي تعاني من التشققات
وأمضي وحدي
في أزقتها
لا أقر بصديق
ولا رفيق
ولا حتى حبيبة واحدة
فأنا رجل إحتاطته القلوب الرخيمة
وإبتعدت عنه
كل الأيّام الوارفة
فصار مأهولاً
بالنحولة وتخمة الـ أنا.
أنا مجتهد في إنتظار فجرٌ بعيد
كي يحلق حول قطن مخدتي ويذوي في تفاصيل نومي
كصحو بار بثآليل صمتي
فجرٌ بارد يجعل يدي تتشبث بأطراف أغطيتي
وأجمع جسدي حول نحولتي فأبدو جثة طحنتها
الأيّام والفجر والليل معاً.
أنا من كان يصرخ بوجهه أمام مرايا العمر
أقول لها:
يحزنني أنّني لا أُجيد تذوق الفرح وأنا من فقد
حاسة الطعم منذ تجرعي مُر القلوب كلها.
أنا من رمم معبده القديم
وإستمع للقيثارات الليلية بإذنين باردة
وبقلبٍ لم يصلِ
إلا كي تزداد سحنات سجودي ورقصات نبضه
المتسارعة.
أنا النحيل الذي ما عاد يكفيه الليل
كي يلملم غثاء عتمه من سيل المشتاقين للغرق به
فرأسي
التي فرتْ عني
رمتْ بكل صداعها للقلب وتركت قطن مخدتي بلا أرق
لأفكاري الغاشمة
ونحولتي الفائضة عن الحاجة.