_____(المنفلوطي..وفنُّ المَقالة)_____
======حامد حبيب=========
ماجهلتم
شيئاً من هذا،ولكنّكم آثرتم الحياةَ
الدنيا
على الآخِرة".
_هذا
جزءٌ من مقالة دينية للمنفلوطي.
*المقالة
قصيدة ذاتية ولكن بغير قواعد الشعر..وبرغم إعفائها من القواعد،فهى ليست بالمطلب
السهل..حتى قال عنها
النقّاد
أنها"نزوةٌ عقليةٌ لاينبغى أن يكون لها ضابط من نظام".
*والمقالةُ
الذاتية حظها واضح قوى من الجانب الشخصى.
*والمقالةُ
الذاتية فى أدب المنفلوطي تتميّز بخصائصها التى تتواءم مع المفهومات الأدبية التى
تعرَّض لها النُّقّاد والدارسين لفن المقالة،وهناك من انتقده فى مَيلِه للوعظ
واللهجة الخطابية،وقد لجأ إليهما المنفلوطي كثيراً..لكن لابد أن نتذكّر أنَّ:
"المقالة
الذاتية حُرّةٌ فى أسلوبها وطريقة
عرضها،لايضبطها
ضابط"..وتبدو فيها...
"شخصيّةُ
الكاتب جليّة جذّابة تستهوى القارئ وتستأثر بِلُبّه ،وعُدّتُه فى ذلك:
الأسلوب
الأدبى الذى يشعُّ بالعاطفة،ويثيرُ
الانفعال
،ويستند إلى ركائز قويّة من الصّوَر الخيالية ،والصَّنعةِ البيانية،والعبارات
الموسيقية والألفاظ القويّة الجزِلة".
*وأهم
ماتحرص عليه المقالة الموضوعية
هو:التقيُّد
بما يطلبه الموضوع من منطق
فى
العرض والجدَل،وتقديم المقدّمات واستخراج النتائج 'وهى تمرّ بمراحل ثلاث:
المقدّمة
والعرض والخاتمة.وألوانها كثيرة،
منها:المقالة
النقدية_الفلسفية_التاريخية_
العلمية،وغيرها
*وأنا
من المُعجبين بمقالات المنفلوطي ...
وأوّل
مالاحظته على مقالاته أنها تعالج موضوعات تنبعث من نفسه وإحساسه ومشاعره،وتعكس
تجاربه فى الحياة وأفكاره عنها،فكانت صدى التأمُّل والإحساس معاً ...ولاحظت أن
مقالات النقد الاجتماعى لديه صاحبة الحظ الوافر
والنصيب
الأكبر فى مقالاته.وغلبت عليه فيها النزعة التشاؤمية..وهذا التشاؤم ،كان مصدره
الخوف والقلق على الإنسان،وليس هدفاً فى حدّ ذاته.فهو يقول عن هذا الإنسان
:"..كاد يسمع حديثَ النفس،ودبيب
المُنى
،واخترق بذكائه كلَّ حجابٍ ،وفتحَ كلَّ
بابٍ،ولكنّه
سقط أمامَ بابِ الغَد عاجزاً مقهوراً لايجرؤ على فتحه،بل لايجرؤ على قرعِه ،لأنّه
بابُ الله،والله لايُطلِع على غيبِه
أحداً".
*للصياغةِ
دورها الهام فى المقالةِ الأدبية
حيثُ
أنّ البراعةَ فى الصياغة سببٌ قوىٌّ
من
أسبابِ المتعة التى يجدها القارئ.
*وتميّز
(المنفلوطي)بالسهولة والعذوبة فى موسيقى سهلة ،يصاحبها صدق الشعور وحرارة
الانفعال.
*من
مقالته"العبَرات"فى رثاء (مصطفى كامل)،يقول:"أيها القارئ الكريم:إن
كان لك ولدٌ تُحب أن تجعلَه رجُلاً فاجعل بين يديه
حياة"مصطفى
كامل"ليتعلّم منها الشجاعة
والإقدام"..."إنّ
الأمّةَ المصرية ..تجمعها كلمة واحدة هى حُب الوطن وحُب رجاله العاملين".
*وفى
مقالة يرثى فيها الشيخ (على يوسف)بدَت فيها حدّة العاطفة،يقول:"هكذا
تقوم
القيامة،وهكذا يُنفَخُ فى الصُّور،وهكذا
تطوى
السماء طىّ السّجلِّ للكُتُب؟!..أفيما
بين
يومٍ وليلةٍ يُصبحُ هذا الرجل الذى كان
ملءَ
الأفئدةِ والصدور،وملءَ الأسماعِ والأبصارِ،وملءَ الأرجاءِ والأجواء ،جُثّةً ضاوية
نحيلة مُدرجَة فى كفَن،مُلحَّدة فى مَهوى من باطن الأرضِ سحيق".
*وأختم
له بقوله فى إحدى مقالاته عن الأخلاق:"ماأجمل الفضيلة وماأعذب مذاقها
وما
أجمل العيش فى ظلالها ،لولا أن شرور
الأشرار
وويلاتهم قد حالت بيننا وبينها،
فرحمةُ
الله عليها،وواسفاً على أيامها
وعهودها".
*ل(مصطفى
لطفى المنفلوطي)مقالاتٌ رائعة فى كثيرٍ من موضوعات الحياة
والمتنوعة
بين مقالات أخلاقية ودينية واجتماعية وذاتية وأدبية...إنه مدرسةٌ وحده..علَمٌ من
الأعلام المصرية الأصيلة
تركَ
لنا تُراثاً أدبياً عظيماً...(رحمه الله)
_تحياتى(حامد
حبيب) مصر
٨_٥_٢٠٢١م