ميرفت أبو حمزة
الوجوه
الوجوهُ مرايا الأرواحِ
حينَ تكتنزُ الرؤيةُ
صفاءَها
من طيبِ الملامحِ ..
والوجوهُ قناديلٌ أمامَ
حلكةِ الخطوِ
في عمقِ الأرواحِ ..
سطحُ الماءِ الساكنِ
حينَ تختلجُ بعمقِهِ
دوامةٌ من المشاعرِ ..
والوجوهُ خرائطُ
الكنوزِ المدفونةِ
والأحجياتُ المتخفيةُ
تحتَ جِلدِ احتمالِ الإجاباتِ ..
والوجوهُ شاراتُ
المناجمِ المجهولةِ
ومعالمُ المعابدِ
المغلقةِ
والأوابدُ الثريةُ
بتواريخِ الهزائمِ والانتصاراتِ
والوجوهُ واجهاتُ
العمرِ ..
بواباتُ الأبنيةِ
المأهولةِ بالأطفالِ
الذينَ حافظوا على
طفولتِهم
خلفَ جلجلةِ الكهولةِ
والوجوهُ معالمُ المدنِ
الخارجةِ
من كَنَفِ الأريافِ
وأولُ المحطاتِ
المنتظِرةِ ..
غمرةُ المصادفةِ ..
أرضُ القُبَلِ
الثَّرَّةِ..
يافطاتُ الطرقاتِ
المعبدةِ بالابتسامِ ..
والوجوهُ زئبقٌ من لحمٍ
ودمٍ ..
يأخذُ شكلَ اللحظةِ
وشكلَ الموقفِ
وشكلَ الشعورِ وشكلَ
المكيدةِ
وخامَ الأقنعةِ
المتأنسنةِ
أجملُها الوجوهُ
المرايا الصافيةُ
التي تعكسُ نقاءَ
السريرةِ
ولا تتلاعبُ بملامحِ
الحقيقةِ
أجملُها تلكَ التي
تنيرُ لو أظلمتْ
وتشرقُ لو أكلحتْ ..
ولا تنطفئُ لو شحَّ
زيتُها ..
ولا تخبو ابتسامتُها لو
حزنت ..
أجملُها تلكَ التي
سطحُها يشفُّ القاعَ بكلِ ما فيه
تلكَ التي يتلاطمُ
موجُها
غيرَ آبهٍ بزبدِ
الانكسارِ والحصارِ
تلكَ التي تربي في
مسامِها
السنينَ بكل ودٍ ..
تلكَ التي تضحكُ من
أعماقِها
وتبكي من أعماقِها
وتصدقُ ولو كذبت
أجملُها تلكَ التي
نجدُها هدايةً حينَ نكون في غمرةِ التيهِ.. ألفةً لو شعرنا بغربتِنا ..
تلك التي تلمعُ
كالماسِّ من عمقِ فحمِها
لتصبحَ إرثَنا وثروتَنا
وثراءَنا ..
تلكَ التي تخبئُ حضارةً
من الرقيِّ في ظلِّ أوابدِها ..
خُذني بعيداً يا اللهُ
عن الوجوهِ التي تخفي قبحَها خلفَ جمالِ حنكتِها
وتتحولً إلى نبالٍ بعدَ
البداياتِ الناعمةِ ..
بعيداً عن الوجوهِ التي
تخفي حَصَا دروبِها
وتربي شوكَها تحتَ وردِ
حضورِها
بعيداً .. أبعدَ عن
الوجوهِ
التي لا تعترفُ بقداسةِ
العيونِ ودمعِها ..
عن تلكِ التي تجيدُ
زخرفةَ الأقنعةِ وتبديلَها ..
تلكَ التي تأخذُ
بزئبقِها شكلَ حاجتنا
كي تشحذَ بجلدِنا
السكاكينَ ..
واترك لي كسرةً من
رغيفِ وجهِ حبيبي القمحيِّ
أعلقُها أمامَ
جوعِي ..
فلي غايةُ الصائمِ
إن أرادَ أن يكفّرَ عن
ذنبِ قلبهِ
الذي كلَّما رأهُ كسرَ
صيامَهُ وأفطرَ ....
__________________
ميرفت أبو حمزة