جنان الحسن-
نحن نكتب كلّ يوم عن أوجاعنا المرفهة ..
نحن نكتب كلّ يوم عن
أوجاعنا المرفهة ..
نقرأ الحب ونضع القلوب
الحمراء ..
ندعم ونضحك ..
ونبكي ونحزن ..
ثم نعود لنكتب أوجاعنا
المرفهة ..
كيف يكتب وجعه صاحب
بيدر القمح المحروق ..
كيف يصف لنا أماله
وأحلامه التي بناها بأكياس القمح تلك ..
التي التهمتها النيران
وسط ضحكات الفاعلين ..؟
كيف يكتب لنا رغيفه
المسلوب وكيف يعجنه .. ؟
كيف يكتب وجعه الأب
المكلوم .. ؟
الذي وضع أماله بذلك
الإبن ورسم أحلامه وارتاح في شيخوخته بين أحضانه كما احتضنه صغيراً ..
واختار له ثيابه وافتتح
له عيادة الطبيب وهو بسن العاشرة وحلم بأحفاده ..
واعتلى صهوة الحلم
مزهوا قبل أن تسقطه رصاصة قاتلة ..
وكأنها أصابت ساقه الوحيدة فأردته بقايا إنسان مكوما
بزاوية منسية من الحياة .. ؟
كيف تكتب أوجاعها تلك
اليافعة التي كانت تحلم بالحب وبفارس الأحلام ..
تحت ذلك السقف الصغير
وهي ترتب باربياتها كبناتها الصغيرات على
أسرتهنّ الملونة ..
وانتهت تائهة على أبواب
الليل تغفو على أسرة الكثيرين ..
تبيع الشهوة للراغبين
بحفنة دموع وكسرة خبز ..
احترق كلّ شيء فيها ولم
يبقي لديها سوى إخوة صغار جياع .. ؟
كيف تكتب أوجاعها تلك
الأم التي محت دموعها اسم فلذة كبدها عن شاهد ذلك القبر البعيد حتى باتت تبكي جميع
المقابر بحجة أنها أضاعت قبر ابنها الشهيد .. ؟
كيف يكتب وجعه من يبيع
أعضائه ليطعم أطفاله .. ؟
كيف هم يكتبون ويكتبون
ويكتبون .. !؟
لاأدري ..
نقرأ نحن كل ذلك ..
نعتدل بجلستنا ..
نمصمص شفاهنا ..
نتنهد ..
ثم نعود من جديد لنكتب
أوجاعنا المرفهة ..
🦋
جنان الحسن-
