أدب الطفل
حامد حبيب
إن أدبَ الطفلِ _فى الحقيقة_لايختلف عن أدب الكبار من
حيث المفهوم،لأنه فى كلتا الحالتين تعبيرٌ هادف.
لكن أدب الطفل يختلف عن أدب الكبار من حيث الموضوع والفكرة والطريقة
والأسلوب الذى يُقدَّم به
لأن أدب الطفل يبدأ من الأشكال البسيطة ،كالأناشيد
والقصة والمسرحية والمُحادَثة.
وأدب الطفل عندما بدأنا الاهتمام الحقيقى به،للأسف
سارعت الأغلبية ممَّن اهتموا بهذا الأدب إلى التحليق به فى أجواءٍ أجنبية
بعيدة كل البُعد عمّا كنا نبتغيه منهم، فذهبوا به إلى مضامين غربية تتصادم مع
البيئة العربية الإسلامية ،حتى صار أدب الطفل للتجارة والربح،وليس لإرساء وترسيخ
القيم العربية الإسلامية لديه.ودخل الأدب المُترجَم لهذا الميدان
فاستفحل الخطر،حيث أثَّر ذلك على وجدان أبنائنا وعقولهم وميولهم،وبعيداّ عن
وجدان الأمة وعقيدتها وأخلاقها،ممّا يمهَّد الطريق لغزو ثقافى
يسهل تقبُّلُه بحفاوة، تضيع معه هُويّة الأمّة ،ويسهل
وقوع أبنائها فى أسر أعدائهم .
كان ينبغى علينا أن نُجهّزَ أبناءَنا تجهيزاّ يُرسّخ فى
عقولهم ووجدانهم وخيالهم كُلّ القيم التى تتلاءم
مع عقيدتهم وعروبتهم ، ونقوّى فيهم مناعة خاصّة
ضد مالايليق بهويّتهم وأخلاقهم وتقاليدهم المتينة. كثيرٌ ممّا يُقَدّم للأطفال فى بلادنا من
أشكالٍ أدبية
يفتقر إلى العاطفة الصادقة والصياغة الفنية الهادفة
ويفتقر أيضاً إلى الإحساس بالذوق والجمال .
إننا فى حاجة إلى ربط إبداعاتنا للطفل بكل مايُنمّى فيه قيمة العلم وروح
البطولة والتسامح والكرم
والعطف والسلام وتغذيته بكل هذه القيم من خلال
ارتباط دينى ،أو على أُسُس دينية بطريقة فنّية
تُحبّب الأطفال فيها،وتُقرّبهم منها .
أن يُنَمّى فيهم قيَم احترام الآخرين والعمل على إسعادهم،وقيم الإخلاص فى
القول والعمل،وضرورة
الصراحة فى الرأى والشجاعة فى الدفاع عن الحقيقة ،وحثّهم على الصدق
والاستقامة وأداء الأمانة وحفظ الكرامة.
أن نُعينهم على مواجهة المشكلات بأسلوب علمى
عن طريق التفكير السليم والعمل الجاد.
أن نُحبّبَ إليهم القراءة وارتياد المكتبات.
أن نعرض لهم أدباً موحياً،يتناسب مع قدراتهم العقلية،وفى إطار قاموسهم
اللغوى البسيط،وباستخدام ألفاظ وتعابير جميلة موحية
بالمعانى السامية والأهداف النبيلة،مع توافر عنصر
الإثارة والتشويق،بأسلوب يعتمد أيضاً على الحركةوالتجسيم والتمثيل والحوار
أكثر من الأسلوب الوصفى.
نحتاج إلى كُتّابٍ يُعيدوا الطفل العربى إلى فضاءاته
الفسيحة الثريّة ،يتعرّف من خلالها على ماضيه،
ويفهم حاضره ويُفكّر لمستقبله،ولايكون صيداً سهلاّ
لغزوٍ يهدمه بضلالاتٍ لاطائل منها سوى ضياع مستقبل أمة،لأن مستقبل الأمة فى
أيدى أطفالنا.
إذا أردنا أن نبنى مستقبلاً أفضل،فأطفالنا هم الأمل.
___________________________
حامد حبيب_مصر. ٩_٧_٢٠٢١م