جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءحامد حبيبمجتمعنقد

فى التواضع وأدب الاختلاف "٢"

 

فى التواضع وأدب الاختلاف  "٢"

فى التواضع وأدب الاختلاف  "٢"

                --------------------------------

   * جاء رجلٌ من سفر بعيد، وقال للإمام مالِك :

جئتُك من مسيرة ستة أشهر، حمّلنى أهلُ بلدى مسألةً أسألك عنها، قال مالك:قُل..فسأله عمّا لايعرفه،

فقال مالك: لاأُحسِن ، فدُهش الرجُل , فقد كان يعتقد أنه قد جاء إلى من يعلم كلَّ شئ ، وقال لمالك:

وأىّ شئ أقوله لأهل بلدى إذا رجعتُ إليهم، فأجاب

مالك: قُا لهم:قال لى مالك بن أنس:لا أُحسِن.

*وجاء آخر فسأله عن مسألة، فقال مالك له:لاأدرى،

فقال الرجل متعجّباً : فأذكر عنك أنّك لاتدرى؟فقال مالك : نعم، إحكِ عنى أننى لا أدرى.

*وقد عرض عليه (هارون الرشيد) أن يعلّقَ كتابه

"الموطّأ" على الكعبة ، تنويهاً به وجمعاً للناس عليه،

فأبى مالك وقال:ياأمير المؤمنين، أمٌا تعليق الموطّأ

فى الكعبة فإنَّ أصحابَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)اختلفوا فى الفروع، وافترقوا فى الميادين،وكلٌّ عند نفسه مُصيب..ياأميرَ المؤمنين :

إنَّ اختلاف العلماء رحمه من الله على هذه الأمّة ،

كلٌّ يتَّبع ماصحَّ عنده، وكلٌّ على هدى، وكلٌّ يريدُ الله

* وكان يقول:"إذا عُرضَ لك أمرٌ فاتّئد، وعاير على نظرك بنظر غيرك،فإنّ العيار يُذهبُ عيبَ الرأى، كما

تُذهب النار عيبَ الذهب (يقصد الاستعانة أو النظر

فى آراء الآخرين للاطمئنان إلى الرأى).

* ولعلّ الرسائل التى كانت بين (الإمام مالك) و(الليث بن سعد)تُنبئ عن قِيَم الحوار الذى ينبغى

أن يكون بين العلماء الأجلّاء أو الأدباء العظام، فهى تُعَدُّ نموذجاً رائعاً من نماذج الحوار العلمى الذى يدور بين قُطبَين من أقطاب الفقه والعلم فى الأمة الإسلامية.

_فالإمام مالك ، هو إمام أهل الحجاز.قال عنه الشافعى:"مابقى على وجه الأرض آمَن على حديث رسول الله من مالك".

_والإمام الليث بن سعد، من تابعى التابعين، وإمام أهل مصر فى زمانه، قال عنه الشافعى:"كان الليث

بن سعد أفقه من مالك،إلا أنه ضيّعه أصحابُه".....

وقال عنه أحمد بن حنبل:"الليثُ كثيرُ العلم ..صحيح الحديث،ليس فى هؤلاء المصريين أثبت منه، ماأصحّ

حديثه".

_وكان الليث سريّاً نبيلاً سخيّاً ،وكان يجيد النحو والعربية ، ويحفظ الحديث والشعر،وكان حسن الذاكرة.

*وقد أخذ (مالِك)على (اللَّيث)بعض الأمور الفقهية،

فكتب إليه : "من مالك بن أنس إلى الليث بن سعد:سلامٌ عليكم،فإنّى أحمد الله الذى لاإله إلا هو..

أما بعد..... أنه بلغنى أنك تفتى الناس بأشياء مختلفة

مخالفة لماعليه جماعةُ الناس عندنا، وببلدنا الذى

نحن فيه ، وأنت فى أمانتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك،وحاجة من قبلك إليك واعتمادهم على ماجاء منك.......إلى آخر الرسالة"

_فردّ عليه الليث قائلاً:"أنّ الاجتهاد كان أيضاً سُنّةَ

السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار والذين اتّبعوهم بإحسان، وذلك إذا لم يكن هناك نَصّ..."

_وفى نهاية الرسالة،يقول الليث:"وأنا أُحب توفيق

الله إياك وطول بقائك،لما أرجو للناس فى ذلك من المنفعة ، وماأخافُ من الضَّيعة إذا ذهب مثلك، مع استئناسٍ بمكانك وإن نأتِ الديار..فهذه منزلتك عندى

ورأيى فيك، فاستيقِنه ُ ولاتترك الكتابة إلىَّ بخبرك

وحالك وحال ولدك وأهلك، وحاجةً إن كنتَ إليها، أو لأحد يوصَل بك، فإنّى أُسَرّ بذلك"

=هكذا كان أدبُ الاختلاف.

* وكان الشافعى من تلاميذ مالك، ورأى الناس يقدّسون مالك وآثاره وثيابه،ويبالغون فى ذلك،حتى

كان له قلنسوة يتبرّكون بها فى الأندلس،فإذا قيل:

قال رسول الله ، أجاب هؤلاء : قال مالِك...هنا قال الشافعى: إنَّ مالكاً بشرٌ يصيبُ ويُخطئ ،وأخذ بنقدِه

ووضع فى ذلك كتاباً اسمه" خلاف مالك"، وقرّر فيه

أنه لارأى مع الحديث، ولم يقصد بذلك تشهيراً بأستاذه ، بدليل أنه كان لايُعبّر عن مالِك إلا بقوله:

"الأستاذ".

* وكان الإمامُ( أحمد بن حنبل)عندما سُئلَ عن الشافعى،قال:"لقد منَّ اللهُ به علينا....فمارأينا منه

إلّا كل خير،رحمةُ الله عليه". فكان يُجِلّ الشافعى

ويحتفل به. ولقد ركب الشافعى يوماً حمارَه،فمشى

ابنُ حنبل إلى جانبه، وهو يُذاكره، ولمّا علم(يحيى بن معين)بذلك،عاتب ابن حنبل على مافعل،فقال له

ابن حنبل: لو كنتَ فى الجانب الآخر من الحمار لكان

خيراً لك".

* كما ينبغى للمرء أن يلتفت لنقد ذاتِه أولاً،ويتخلّص

مما هو فيه من عيوب،قبل أن يلتفت إلى مايعيب الآخرين..وهو ماعبّر عنه(أبو العتاهية) قائلاً:

             يظُنُّ      الناسُ       بى      خيراً

             وإنّى لَشرُّ الناسِ إن لم تعفُ عنّى

______________________________

*نحتاجُ كثيراً من التواضع..أن نتزوّد بأدب الحوار

والاختلاف..هذا مما يليق بمكانة العلماء والمفكّرين

والأدباء.

______________________________

 حامد حبيب مصر



***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *