حامد حبيب
سورين كير كجارد ! مالَه وماعليه} "١"
------------------------------------------
لايمكننا
الدخول إلى قضيته الفكرية والفلسفية معنا ، دون مرورٍ بتلك المقدمة عن حياته ،
لتتّضح
الرؤية تباعاً ؤ وليس من سبيلٍ إلى الولوج إلى ما
توصّل إليه وأثاره حول مدرّجاته الثلاث ، إلا من
خلال عبور تلك المقدمة .
________________" من كتابى :" نقد
الفلاسفة"
وُلدَ ( سورين كيركجارد) فى (٥ مايو ١٨١٣م) فى
" كوبنهاجِن" ، وكان أبوه قد
تطاول ذات مرّة على
الله ،
واعتقد أنَّ الله سيعاقبه فى ثروته ، لكن بعد أن أفلتت ثروته من الخراب ،
ظنَّ أنّ العقاب سيلحق
بابنه
(سورين) ، فربّاه على
خلاف إخوته تربيةً
دينية قويّة،يسيرُ على درب
المسيحيةالبروتستانتية
التى
تُلبس الواجب ثوباً
درامياً عنيفاً ،
وتُصوّر الخطيئة حِملاً ثقيلاً مُروِّعاً ، فكشف الأبُ للابن-وهو
لايزالُ
صبيّاً عن مضمون
ماحدث ، وهى أنَّ الابنَ يجب أن يُعاقَب على جريمةِ أبيه ، وأن يحملَ
عنه
جزاءَ تطاولِه على الله ، فعاش(سورين) فى جوٍّ
من
الكآبةِ بالنسبةِ لطفلٍ مُقبلٍ على الحياة،
فتطبّعَ بثلاثةِ
طباعٍ كان لها أكبر تأثيرٍ على حياته ، واصطبغت بها
مؤلّفاته فيما بعد ، وهذه الطباع هى :
" الكآبة ____الجدل ____الخيال"
وكان
(سورين) قد التحق بجامعة"كوبنهاجن" عام
١٨٣١م ،
واختار _تحت رغبةِ أبيه_ كلية
"اللاهوت"،
لكنّه
كرّس إلى جانب ذلك دراسة
التاريخ والأدب
والفلسفة.
حاول
(سورين) وهو فى سِنّ المراهقة والشباب
أن يتخلّص من الطابع الخيالى الكئيب الذى أورثه
له
أبوه ،
وثار على الحياة الروحية ، وأقبل بقوّة على
نقيضها ، من حياةِ اللّهو والشهوات واللّذّات
، فأهمل
دراستَه
واتّخذ من ( دون جوان)
مثله الأعلى فى
التمتُّع بالحاضر والتلذُّذ بكل ماهو حِسّى.
بعد حينٍ ، وبعد
دراسته وخلاصةِ تجربته، كتب عدّةَ مؤلّفات
، منها : " الخوف والرّعدة
" و "مدارج الحياة" و" سواسن الحقل وطيور الهواء"
وغيرها.
* وقد قسٌم الحياة إلى ثلاث مُدرّجات ، هى:
١)
المُدرّج الحسّى
٢)
المُدرّج الأخلاقى
٣)المُدرّج الدينى
*فالمدرج الحسى لديه : لايتّخذ فيه الإنسانُ
قراراً ،
ولايعترف فيه بواجب ، بل
ينظر للواجب على أنه
خاضِع لِلّذّة
، فهو يفتقر للاختيار بالمعنى الدقيق ،
وذلك
لأنّ الإنسان الذى
يُحب الجمال الحسّى ويخضع لنزواته الحسّيّة ينساقُ مع التيّار على غير
هُدى ،
فيُصبِح عبداً لشهواتِه
، أسيراً لِلَذَّاتِه
، ولايُصبح كائناً مُختاراً بمعنى الكلمة ، وبِفقده
لهذا
الاختيار يفقد ذاتَه ، والإنسان
فى المُدرّج الحِسّى
يترك معنى الحياة تحت سيطرة الحوادث الخارجية
وتحت
رحمة الحظ والقدر . وعبّر ( سورين ) فى يومياته،أنّ سعادتَه فى المدرّج الحسّى كانت سعادة
ظاهرة تُخفى وراءها آلاماً عميقة وكآبة دفينة.
*أما
المدرج الأخلاقى ، فينتقل
إليه لعلّه يجد فيه
علاجاً لحالته ، حيث تبيّنَ له أنّ الأخلاقَ
لاغنى عنها،
والقانون الأخلاقى لديه يتّسم
بالإطلاق بالنسبية ،
وهذا يرجع إلى رسوخ الأخلاق فى الإنسان رسوخاً
كبيراً ، لدرجة
أنها تِعتبَر خاصّيّة
أساسية لطبيعته الحَقّة ، إذ أنّ
الذاتَ الإنسانية ذاتٌ أخلاقية فى صميمها. وفى نظره ، أنّ الأخلاقَ تُمهِد الجوَّ
للخلاص
لكنها لايُمكن أن تؤسّس هذا الخلاص.
_إن المعاناة هى التى تدفع الشباب إلى طلب الدين
،
والإيمان
يأتى للإنسان حينما
يتوقّف عن محاولة
الفهم ، وحينما يتوقّف عن استخدام عقله.
_ وحينما نظر ( سورين) فى الدائرة الأخلاقية،
كان
يهدف إلى إقامةِ تناقُض بين هذه الدائرة
(الأخلاقية
وبين
الدائرة الحسّيّة ، ثم
التمهيد للانتقال إلى الدائرة الدينية." تلك التى سنتحدث
عنها فى المدرج
الدين"_________(نواصل..إن شاء الله)
__________________
حامد
حبيب_ مصر