توفيق الحكيم...يكتب للأطفال
حامد حبيب
لماذا لم يعتنِ كُتّابُنا
بالكتابة للطفل ، رغم أن الكتابةَ للطفل
تُحفِّز الخيال لديهم ، وفى الكتابة لهم مُتعة خاصّة ، وأيّة
مِتعة هى!.
هل أن يكتب كبار الكُتّاب للأطفال يُنقِص من قيمتهم
ككُتّاب ، وقد ذكرنا من قبل أن
(جوته) و (شكسبير)
وغيرهم ، كتبوا للطفل.
إن خوضَ تلك التجربة_ ونحن نحاول أن نبنى طفلاً
للمستقبل_ هو من أجلّ الأعمال التى
يجب أن يقوم بها كُتّابنا ضمن اهتماماتهم بالكتابةِ للكبار. ماالمانع أن
يقدموا بعضاً من إسهاماتهم الأدبية فى هذا المجال؟
لقد اقتحم أحد كتابنا الكبار ، وهو (توفيق الحكيم)
هذا المجال من قبل، لاكاتباً فقط، بل راوياً -أيضاً -لما
كتب.
وقد كانت بادرةً طيّبة منه ، حيث غامر
وهو الأديبُ
الكبير المعروف ،
وألقى بنفسه فى
هذا المجال اعترافاً منه بأهميّةِ
"أدب الأطفال" وقيمته ، فصدرت
له ثلاث كتب عن الهيئةِ المصرية العامة للكتاب، حين
كان يرأسها الشاعر(صلاح عبد الصبور)..فكانت:
★ الأميرةُ البيضاء__________عام١٩٧٨م.
★حكايات توفيق الحكيم_____عام١٩٧٩م.
_ العصفور والإنسان
_ المؤمن والشيطان
_الله وسؤال الحيران
★أهل الكهف ______________عام ١٩٨٠م.
ولعلّها كانت أوّل كُتُب تصدرها الهيئة للأطفال .
وقد أصدرتها فى
غُلاف مُقوَّى أنيق ،
وعلى ورق أبيض جديدٍ وسميك،يحتمل أصابع الأطفال،وجاءت
الحروف كبيرةً واضحة
، وقد قدّم (الحكيم) هذه
الحكايات لمن تزيد أعمارهم على العاشرة.
وقد تساءل الحكيمُ نفسُه فى كتابه
الثاني "حكايات
توفيق الحكيم " :لماذا أكتب
للأطفال ؟ وأجاب : أنَّ
الفكرةَ عندى ليست أن أكتب لهم مايخلب
عقولَهم
ولكن أن أجعلهم
يدركون مافى عقلى.....خاطبتُه بحكاياتى الكبار وأخاطب بها
اليوم الصغار ، فإذا تمَّ
ذلك ، فهُم لنا إذن أنداد. وقد نبتسم لهذه الندِّيّة ، إذ
نعرف أننا أمام عالمَين مختلفَين :
عالم الكبار وعالَم
الأطفال.
ثم يتساءل: ولماذا أخاطبهم بصوتى؟
ويجيب : لأنّ المقصد هو
أن أُتيح لهم
الاحتفاظَ بوثيقةٍ أدبيةٍ تجعلهم يقولون فى القرن القادم ، وقد
بلغوا الثلاثين :
نحن نحتفظُ بصوتِ
كاتبٍ كان معروفاً فى القرن
الماضى...ليقولوا: هذا صوتُ رجُلٍ
من عصرٍ مضى، حكى لنا وأحبّنا ". ...فبالفعل ، ليس
فى مقدورِ أحدٍ أن يكتبَ للأطفال إلا إذا أحبهم حُبّاً
حقيقياً.
وقد اختيرَ الفنان الكبير (مصطفى حسين)
ليقومَ
بالرسم الكاريكاتيرى لهذه
الكتب ، وهو
ماصادف هوىً لدى الكبار
والأطفال معاً ، وقد
حقّق نجاحاً كبيراً فى رسوم
هذه الكتب ، إذ
ازدانت بلوحاتٍ ملوَّنة هادئة .
حتى أغلفة الكُتُب ، كانت درساً
رائعاً لمُخرجى كُتب
الأطفال ورسّاميها ، مابين إطاراتٍ
رقيقة ، ومساحة
بيضاء مُريحة ، ورسوم لاتزدحم بها الصفحة، وألوان
جذّابة غير صارخة.
فأسهم الحكيم ومعه مصطفى حسين ومخرجوا تلك الكتب فى
تقديم وجباتٍ شهيّة
للطفل ، احتراماً وتقديراً وحُباً
ورعاية لهذا الطفل ، الذى هو أملنا غداً
ومستقبلنا.
**فهل سنتدارك الأمر
ونكتنفه برعايتنا ، قبل أن تبتلعه
تلك التفاهات والسخافات مما
يُعرَض على بعض القنوات ، أو نشغل
فراغه الخيالى والثقافى
ببعض ما عندنا لنؤهّله لمستقبلٍ أفضل ؟.
** هذا دور كُتّابُنا الآن ، حتى لايأتى يومٌ يُلقى هذا
الطفلُ عليكم بالمسئولية لتخلّيكم عنه.
________________
حامد حبيب _مصر