المجاعة الأدبية التى يعيشها الطفل العربى
حامد حبيب _ مصر
إنَّ
كم الكُتُب الأدبية الصادرة
للأطفال ضئيلة إلى حد بعيد ،
لايكاد يُذكَر ، ومما يؤكد
تلك المجاعة
الأدبية التى
يعيشها الطفل العربى، أنه كان يصدر
فى أمريكا فى بدء
التسعينيات قرابة ثلاثة
آلاف
كتاب سنوياً
تقريباً ، بينما الوطن العربى، الذى لديه
_تقريباً _ نفس عدد
أطفال أمريكا ، لايُصدر أكثر من
١٠٪ من هذا القدر ، حتى
أنّ أُمٌة "إقرأ" لاتستهلك من
ورق الطباعة إلاّ ١٠٪
مما تستهلكه بلچيكا ،التى لايزيد
عدد سكانها على ١٠٪ من
الأمة العربية.
كما أن هذا
الكم الضئيل من كتب
الأطفال لايصل إليهم بسبب سوء
التوزيع ، لكن توزيع الكتب فى
أمريكا يكون
من خلال المكتبات العامة والمكتبات
المدرسية التى
تقتنى بين ٩٠٪ و٧٥٪ مما يصدر
من
كتب الأطفال ، إذ
لديهم مايزيد على
ثلاثة آلاف مكتبة عامة للأطفال،
غير المكتبات المدرسية .
وجدير بنا أن
نشير إلى ما تقوله (چوان ايكن) فى
كتابها "كيف تكتب للأطفال؟" ، إذ وردت
إحصائية
عن قراءات
الطفل فى البلدان
المتقدمة خلال مرحلة طفولته ، وتقول : إنها ٦٠٠كتاب ....وإذا كان
طفلهم يقرأ هذا
الكم فيما بين السادسة والثانية
عشرة من عمره_ أى خلال ست سنوات _فهو
إذن
يقرأ بمعدّل مائة
كتاب فى السنة ، أى نحو كتابين
أو أكثر أسبوعياً.
والسؤال المطروح
: كم كتاباً
يقرأ طفلنا خلال أسبوع ؟ خلال عام ؟ وخلال مرحلة
طفولته ؟ ونعرف أن الكتب
التى يقرأها الطفل_غير الكتب المدرسية _موزّعة بين
العلوم والفنون والآداب ، والذين ليست
لهم ميول أدبية
قد لايقبلون على
هذا اللون من الكتب ، الأمر
الذى يضاعف من قلّة
نصيبهم ، ويجعله
متدنيّاً إلى درجة كبيرة .
ونحن نعرف عن يقينٍ أن
للمدرسة دوراً أساسياً فى تقديم الأدب
للطفل ، وكثيراً مانتساءل : هل يتعرّف
الطفلُ حقاً على الأدب
داخل حجرات الدراسة وفى المكتبة المدرسية؟...هل نقول له : ماهو الشعر ؟...
ماهى القصة؟..ماهى
الرواية ؟ ..فى حين أنه يجدر
بنا من الأساس أن نأخذ
بأيديهم إلى درب الأدب من
خلال تعريفهم به،
وتقريبهم إليه.
والمشكلة...أنّ
أساتذتنا التربويين ، يظنون أن الآداب
والألعاب ، لايأخذ الطفل
منها غير التسلية والمتعة
وأنها هامشية، لمجرد
قضاء وقت الفراغ.
إذا اطّلعنا على
الإنتاج الأدبى والنصوص فى مرحلة
التعليم الأساسي، نجد
عشرات المؤلفين على أغلفة
هذه الكتب ، ليس بينهم
كاتب واحد للأطفال ، بل وليس بين
الموضوعات المختارة موضوع
أدبى واحد لمَن حصلوا
على جائزة الدولة
فى أدب الأطفال، ومامن موضوع ثقافى
واحد لمن حصلوا
على جائزة الدولة فى
ثقافة الطفل.....فكتب الأدب
التى يضعها التربويون
قلّما تنتمى إلى الأدب.
إنّ نصف
العبء فى تقديم الأدب للطفل يقع على
عاتق المدرسة ،
والنصف الآخر يقع
على أجهزة الإعلام والأسرة
والمجتمع.
وموضوع آخر غاية فى
الأهمية، هو مسرح الطفل،
والمسرح المدرسى...فكم
مسرحية يشاهدها الطفل
المصرى خلال مرحلة
طفولته؟
نحن على يقين أن المسرح
هو مُجمّع فنون، والأدب
فى مقدمتها، فى النّصّ
والأغنيات.....كان يحدث فى
السبعينيات ، فى
مدارسنا نشاط ثقافى يهتم بإعداد
مسرحيات وإخراجها
وإعداد ممثليها من التلاميذ
كانت هذه
المسرحيات ترسّخ فى
أذهان الطفل موضوعات تاريخية
يدرسها فى مقرّره ،
تُعنى بالفصحى وأغنياتٍ تتخللها
، ومتعة أدبية
ترسّخ قيماً إجتماعية..كل ذلك لم يعد له وجود الآن.
إننا مسئولون
عن هذا الطفل وماابتُلى به من فراغ
أدبى وثقافى ، فضعُفت لديه ملكة القراءة ، وضعف
رصيده الثقافى
والمعرفى ، وسيطرت عليه شهوة
اللجوء للعروض
الأجنبية المترجمة التى تُبَث عبر
قنوات التلفاز
، والتى لاتمٓت
إلى قيم والأخلاق ولامعرفة، غير أنها تسلية أتلفت
رءوسهم ، وخرجت بهم إلى عالم لارقابى ، فصار مجنياً عليه من الأسرة
والمدرسة وكافة
المؤسسات.
# أطفالنا ...مستقبلنا
________________
حامد حبيب _ مصر