دجلة العسكري
الشعر الشعبي في العراق بعد 2003
تراكمت على العراق ويلات حروب كثيرة ، منذ عهد التاريخ القديم والحديث ،
فالعراق هو بلاد معطاء لا ينفذ منه الخير أبدًا فالتقاسيم الجغرافية حددت لهذا
البلد الكثير من الشخصيات التاريخية والمواقع المأثورة التي تميزه عن غيره من بلاد
العالم ، وهذا ما يلاحظه الجميع بتحليه بصفة الحزن والألم في أغانيه وأشعاره .
بعد عام 2003 ودخول العراق في فترة جديدة بعد صراع طويل من الحقبة الماضية
والتغييرات السياسية والاجتماعية التي حصلت على الوطن الغالي في أمور كثيرة ومنها
الشعر والأدب اللذان لهما مكانة خاصة في نفوس العراقيين وخاصة الشعر الشعبي الذي
نستطيع أن نقول أنه الزاد الحقيقي لأبناء هذا الوطن وهو سلاح المتعلم والجاهل في
آن واحد ، كذلك هو الغاية والوسيلة التي يتقنها أغلبية المناطق الجنوبية من العراق
فتراهم في الأعياد والمناسبات الدينية والسياسية يرددون هذا النوع من الشعر ، وله
أسماء كثيرة وأوزان وبحور منها الموال ، الموشح ، النايل ، الميمر ، الدارمي
وغيرها ، وقد أصبح هذا الشعر طريقة تواصل بين الشباب الذين أبدعوا في هذا المجال
بعد عام 2003 فقد أصبح هاجسًا يجذب الكثير من الناس للتداول به ومشاركتهم لهذا
النوع من الشعر في حياتهم اليومية بعيدًا عن المنتديات والمراكز الأدبية ، واشتهر
بها هولاء في مشاركة قصائدهم على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الأصدقاء والأهل
ويكتبونه بسلاسة ومشاعر خفية جميلة.
وقد جاءت ثورة تشرين فأصبح الشعر العربي نبراسًا للمتظاهرين والشعب العراقي
وهي بمثابة الوقود الذي يشعل الثورة مثال على ذلك قول الشاعر محمد غازي الشامي حين
تواجده في اليوم الأول للثورة في ساحة التحرير فأجاد القول :
خلص عمره يبجي وديحجي باسم الدين
وقال أتمنى لولا ينعاد ألطف مرتين
ومن عادت وتظاهرنا كلهم شردوا
بس التكتوك ظل يقاتل ويا حسين
فالشعراء الشباب أثبتوا أن الشعر الشعبي كان واجهة حقيقية لثورة تشرين ومع
الأسف أن الإعلام لم ينصف هولاء الشعراء واتهامهم بأنهم شعراء سطحيين أو شعراء
الصدفة ، بالإضافة أن الشعر الشعبي أخذ مجالًا أخر هو مجال الحب وهناك من قاله عبر
وسائل التواصل الاجتماعي دون الاكتراث بالنشر والافتخار للوصول إلى مراتب الشعراء
مثل شعر أحد الشباب :
ورى عيونك كَفة ولايات
وشموس المدينة يغني بيها الحيف
يمن شحيت بعيوني ولا تبرد نعاوي الطيف
ولشاعر أخر :
سيوف الهجر بالدلال لاحت
شامت كال توها عليك لاحت
نخيت الكبتة بالنجف لاحت
يفكني ولا يشمت أعداي بية
ومن أجمل ما قرأت قصيدة لفتاة عراقية على أحد مواقع التواصل وهي مشهورة في
كتابة الشعر الشعبي الجميل
ميزتك أو شلتك وسط العيون
أو الك بس الك روحي رخصته
تجازيني بهجر واتكلهم ايهون
وعليه أنياب غدرك كشرته
ما أعبرهه الك تعرفني مااخون
القبلهه إني بمزاجي عبرتهه
كلمة وخله ترجيه بذانك
امسحه ولا يضل خالي مكانك
أضل الوحدي أو راسي مرفوع
ولا أترجاك لو أطلب حنانك
أنه استاهل الصاير بيه وصير
ما ميزت غدرك من أمانك
تخفت سطورها الجميلة لظروف خاصة
فابدعت في النوع من الشعر
وأجادت فيه للوصول إلى قلوب الأصدقاء
بشغف ...تحية لصديقتي دام قلمك لنا شاعرتنا(s)
وهناك الكثير من اللواتي يغردن بهذا النوع من الشعر الجميل بعيدآ عن
الأضواء لظروف اجتماعية وتقاليد عشائريه
فنلاحظ أن الشعر الشعبي في العراق اليوم يلامس مشاعر كل العراقيين بغض
النظر عن الطوائف والمذاهب والأديان والتوجهات السياسية والفكرية فهو يناشد همومهم
ومستقبلهم وثورتهم وأملهم للنجاة لحياة أفضل
دجلة العسكري