جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

حامد حبيب

فنُّ الإهداء

    


ليس من الصوابِ لمَن يتناول عملاً أدبياً  بالقراءة او النقد ألًا يلتقى فى البدءِ ب"الإهداء". فمع البحث

والتدقيق فيما كتبه الادباء كانت لنا وقفةٌ ودهشة...

فقد  التقينا  فيه  بنصوصٍ  أدبيةٍ  مستقلّة  ، تتحلّى بصفاتِ  التوهُّج  والرُّقىً  وتتجلّى  فيها  معانٍ  ذات قيمة ربّما لانجدها فى نصوصٍ أدبيةٍ كثيرة  ... فقد

ضخّ  فيه  الكاتبَ  أجلَّ  ماعنده  من  صدق المشاعر وأرقًَ  الكلماتِ  وأقواها  فى  صيغةٍ  مُختزَلة  ،   إما تُرشدُنا   إلى   دوافع   العمل   أوكُنه   العمل   الأدبى وطبيعته ، او هى رسالةٌ أدبيةٌ راقية لعزيزٍ  يستحق

الهديّة الادبية  "الإهداء"  ،  للأبناء  أو  الوالدين  أو صديق أو كاتبٍ له فضلٌ عليه أو الوطن ، ولكن  فى

برواز  أدبى  مُتقَنٌ  ،  مُحكَم  البناء  ، حتى  غدا هذا "الإهداء" يثير شهيّتنا الباحثة عن كل جديد ومُمتع.

فأقبلنا على تناوله وتدقيق البحث فيه وفى علاقته

بالعمل الأدبى أو الكاتب ذاته .

ف"الإهداء" وإن كان مستقلاً ، فهو  استقلال  شكلى

فى الحقيقة ، فهو أشبهُ باستقلال الذات ،  غير  أنها

ذاتٌ  فاعلة  ومؤثّرة ، وعلى علاقةٍ  وثيقة   بالكاتب

ومايكتبه. إنه جزءٌ  تنويرى  فى  بداية  العمل الأدبى

أو الكشّاف  الذى  يصحبنا  فى  رحلة  الولوج  داخل العمل الأدبى، يكشفُ  بعض  أو أهمَّ  جوانبِه ،  أو هو

نصٌّ  ثمينٌ  يُغرى  بسرعة  الولوج  داخل  العمل ، بما حفل به من قيمة تكشف عن قوّةِ إبداعِ صاحبها.

و نحن نقرأ فى   مئاتِ  الكتب  الأدبية   التى  لدينا ،

وجدنا اننا نستطيع ان نُنتجَ كتاباً قيّماً ، بل عدداً من

الكُتب التى تتناول فنً الإهداء..إنه عالَمٌ رحيبٌ مُثمر

يضيف  كثيراً   الكتابات  النقدية  ،  لما  له  من قيمة

وخصوصيات  ودلالات.  ومن  اهم  خصوصياته  هو ذاك الاختزال المُعبِّر عن  مكنونات  العمل  وشخصية

الكاتبِ ذاتِه ، وهذا الاختزال الرائع هو الذى يمدُّ هذا

الفنّ بالقوّة والمتانة والدهشة.

______________

* من امثلة ماقرأنا ، ماحمله الإهداء فى المجموعة القصصية "  من  يحملُ  الراية ؟ " للأديب  المصرى

(محمود احمد على) ، حين يقول :

    " إلى حبيبةِ الأمس

      واليوم

      وغداً

      قصّتى القصيرة

      آسِف زوجتى...

      فلم أعُد استطيع كتمانَ السِّر

       ..........

تلك الدلالةُ الرائعة على تَمَكُّن  كتابة القصة القصيرة

من قلبِه ومشاعره وكيانِه  ،  حتى  غدت  لايزاحمها

فى ذلك الحب الزوجةُ  نفسُها ، فصارت   كُلَّ  حياتِه

(الأمس/اليوم/الغد)  الماضى والحاضر والمستقبل..

حتى لم يعُد يحتمل كتمان هذا السرّ..هذا العشق عن

اقرب الناسِ إليه ، فينفجرُ بوحاً بعشقها ، تلك الضُّرًة

التى لافكاك من عشقها الأبدى،قالها بلاخوفٍ ولازيف

_أليس  الكاتب  ومايكتُب ، وهذا  الاستغراق  الكامل فى عالم الكتابة الذى يعيشه ،أليس حقيقةً فى حياةِ

الكثيرين  من  كتّابنا   الذين  تركوا  بصمةً  فى  عالَم الكتابة  ؟   اليس  ذلك  يكشف  عن  حقيقةِ  حياتهم وأحوالهم ؟

_أليس  فى  ذلك  دلالةٌ  واضحة  وإشارة  إلى  عُمقِ المعنى   وكشف    يختصُّ    بسيكولوجية    الاديب، وترجمة   بعض  احواله  التى   لا يعرفها   كثيرٌ  من القُرّاء عنه؟

_ هذا النموذج من الإهداء  ، لايتحدث  عن نَصّ ولا عن  طبيعةِ المجموعةِ القصصية  من قريبٍ او بعيد

وإنما عن طبيعة تاثير كتابة القصة على كيان الكاتب

حتى بدت عشقاً لصيقاً .. وهو  فى  الإهداء  يفصح

عن ذاك العشق.

_______________

* كما  استوقفنى الإهداء عند  (محمد عفيفى مطر)

فى ديوانِه  " كتاب الارض والدم" .. فهو  لم  يكتب

"إهداء" ، إنما كتب "صرخةُ إهداء".. بالطبع  أخذتنا

الدهشة فى كتابة تركيب الإهداء ، وحين كتب فيه

" إلى ولدَىَّ الطّالعَين من دمى عنقوديَن  من عناقيدِ

الحلم وشجاعة انتظار الشمس..إلى ناهد ولؤي"....

تلك صيغة من صِيَغ الاختزال التى تفجّر من جذور

الحروف  والكلمة  سيقان  وأغصان  واوراق  لمعانٍ شتَّى ،  مكنونٌ  فى   بطنِ  الشاعر  بعض  أسرارها،

وتترك للقارئ تأويلَ مايشاء من معانٍ ودلالات ....

هما معاً..القارئ والشاعر  سيلتقيان عند معنى عميق

قوى ، فيما تحمّلاه _أى المُرسلُ إليهما هذا الإهداء_

من  مشقة  الانتظار ليومٍ جديد، مغاير لما هما عليه.

وربما يستشعر القارئُ معانٍ أخرى.

_ نجد كذلك إنه لاعلاقة للإهداء بما جاء فى قصائد الديوان ، لكن ربما تكون هناك علاقةٌ  خفيّة  يحسها

القارئ ، برغم وضوح الرسالة فيما يختص بالأبناء  ،

والتى توحى بالمرارة التى عاشها الشاعر.

________________(تحياتى لكم)

حامد حبيب_مصر


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *