المفرجي الحسيني
نـــزهـــة بيـن أمـواج اللـيل
لم تكن نزهة ،نتزاحم في الصفوف ،ادخلونا الزنزانة
،لم تسع الارض فاقتسمنا الوقوف ،منعوا عنا الخبز والماء والدواء ،يقتسمون ليالي
الفنادق
يتقيؤون احلامهم في المرافق ،مساء وصباحا ،يعشقون
الحرام بكل انواعه
امسنا صامتا ،نتحدث عن الموت ،نغادر ،ننهض
،المحطات فارغة والمنازل ،للموت ذاكرة ،وانا لي ذاكرة ،التّحف بها من البرد ،ادعو
لها اصدقائي ،لكن لا زاد عندي ،تبتسم عيونهم ،يتذكرون انهم ميتون ،حقائبهم مشدودة
،ينتظرون القطار ،مرّ القطار ،نبقى في الوحدة ،يوقظنا العشاق
لا حقائب عندهم ،وقف العاشقون ،وغنوا ،كالدم سال
الغناء على الرصيف ،فرشوا اصواتهم على الرصيف وناموا ،كل شيء نام ،ايقظني المار
سبيل في الظلام ،كذلك المغنون ،بيني وبينهم ظلام ،وجثة وصرخة
لفّنا كفن ،والتفت حول اعناقنا الحبال ،ميتون بدون
اتهام ،لم ارَ وجهي ولا وجه الاصدقاء ،سالت دمائهم ،بين الممرات وواجهات
المحاكم... تشربني امواج الليل بصمتٍ شرهٍ ،تثير آلامي ،تأمرني ،ترغمني على آلام
الصمت
أتيه في ملكوتي أني أموت ،في خوالجي حالك الموت
،وآهات واحزان
البؤس بلا مأوى ،بلا طعام ،حزن وكآبة ،غيوم الخريف
،والأسى والاختناقات ،يزدحم الوحل ،يهمس الفراغ ،يذوب ،يتهدل ،يأبى الاّ الصمود
،ملآى بأشلاء الكبت ،انهارت أدميتنا ،وحدي الوك الرياح
وارتدي عرّي وانوح ،ولدت في بيت البؤس ،لازمني
الموت في كل ركن
حتى رصيف الزقاق ،تخفق الاشلاء كذكرى ،ونحلم في
ميعاد المحشر
نهارنا رماد ساخن ،ودخان احلامنا الاسود ،هل تدري
قريتي بعدد الصرعى ،كيف انطفأوا؟ ماتوا واقفين كالنخل ،في يوم مشهود
كي يولدوا من جديد ،نظل نموت ونحيا ،ونموت لكي
تحيا قريتنا اكثر
**********
د.المفرجي الحسيني
نزهة بين امواج الليل
العراق/بغداد