حامد حبيب
من أدبياتُ العصرِ الفرعونى
"""""""""""""""""""""""""""""
هناك أسُسٌ تَربويَّة وتعاليم عرفها الشعبُ المِصرى منذ آلاف السنين
فى العصر الفرعونى تُثبتُ مدى
أصالتِه فى هذا المجال.
والبرديات الفرعونية
القديمة تُظهرُ مدى هذه القِيَم
التربوية الرائعة ، كتلك التى أملاها ( فتاح حوتب )
على ابنِه ، ليتولّى بعده
وظيفتَه فى البلاط الفرعونى
حيثُ كان
(فتاح حوتب) مُربّياً للملك (ديد كارع )
الذى هو (أسيس) من الأسرةِ الخامسة ، وكان ثامِنَ
ملوكِها التسعة .
وعندما وصل إلى
سنِّ الشيخوخة
قال لابنِه فى أسلوبٍ
أدبىٍّ رصين :"حلَّت الشيخوخةُ
ونزلَ هذَيانُها ،
وامتلأتِ الأعضاءُ آلاماً ،وظهرت حالةُ
الشيخوخةِ كأنّها
شئٌ جديد ، وانمحَت القوّةُ
امامَ الهُزال ، وصمتَ الفمُ فلم
يعُد ينطق ، وغارت العينان
وصُمَّت الآذانُ ،
والقلبُ كثيرُ النسيان ، والعظامُ تتألّمُ
من كِبَرِ السِّنّ ،والأنفُ كتمٌ وأصبحَ لايتنفّس، والقيامُ
والقعودُ كلاهُما
مؤلمٌ،والطيِّبُ أصبحَ خبيثاً،وكلُّ ذَوقٍ
قد ولّى ، ومايفعلهُ
التقدُّمَ فى السِنِِّ مع الإنسانِ هو
أن يصيرَ حالُهُ سيِّئاً
فى كُلِّ شئ ، فلأضع عُكّازاً لِكِبَرِ
السِّنّ،ولأَدَع إبنى
يأخُذ أحاديثَ مَن يسمعونَ وأفكارَ
مَن سلَفوا".
_تلك كانت هى المقدمة الادبية الرائعة التى
سبقت
وصايا ( فتاح حوتب )
وتعاليمِه لابنِه ، والتى قال له فيها:
-" لا
تتعالَ بمعرفتِك ، ولاتَشغَل عقلكَ بأنّك عالِمٌ إذا
ارتقَيتَ بعدَ صِغَرِ
شأنِك ،وحُزتَ ثراءً بعد عوَزٍ قديم..
فلاتتنكّر لما حدث لك من
قبل ، ولا تَتَّكِل على ثرائكَ
ولاتتخلّف عن غيرِك
مِمَّن أُوتوا خطّاً أقلّ مِمَّا أُوتيت"
-"
ترفَّق حين تستمعُ إلى حديثِ الشاكى ، ولاتنهرهُ
حتى يُفضى بما فى جَوفِه
ويحكى ما جاء من أجلِه،
حتى يُنهى ظلامتَه
، والمهمومُ يُفَضَّلُ أن
يواسيَه
السامعُ عن إن يقضى له حاجتَه ،
ومِن شان حُسنِ الاستماعِ إن يُريحَ الفؤاد".
ونصحَه بأن
يُجنِّبَ نفسَه الكِبرَ
والتعالى والجشع والنَّهَم ، والحقدَ
والرغبةَ فى الانتقام ،
وأن يقومَ
بواجباتِه الضرورية
، وأن يتكفّلَ
بتأسيسِ دارِه ونفقاتِ أولادِه
وكماليّاتِ زوجتِه.
وختم وصاياه له بقولِه :
-" فإذا
عرفتَ أن تحيا بالقناعةِ أتاك
ماقدّرَه الأربابُ
لك بأكملِه".
-"
واعلَم أنَّ الرزقَ
وِفقَ إرادةِ الرَّب ، والجهولُ
مَن يعترضُ على إرادتِه ".
_______________
حامد حبيب_ مصر