الإنشاصية جميلة الجميلات . نظرة - ربما - على مغايرة فى قصيدة " رأيتك فى الروح " للشاعرة القديرة بنت سورية العروبة / ليلاس زرزور
محمد ابواليزيد
الإنشاصية جميلة الجميلات .
أديبات ومفكرات عربيات
معاصرات .
نظرة - ربما - على مغايرة فى قصيدة " رأيتك فى الروح "
للشاعرة القديرة بنت سورية العروبة / ليلاس زرزور .
بقلم : ابن المحروسة
محمد أبو
اليزيد صالح
الإنشاصية
ليلاس زرزور وصوفية التباريح .
( لا ينفصل التصوف الصحيح عن الواقع .)
ابن المحروسة
(. 1. )
و تكفيه الإشارة ؟؟!!
هو الشعر المتجلى فى صحائف التفرد الذى يعنينا
والذى نجوب المتون هذه الأيام بحثا عنه وقلما نظفر بشيئ . عجيج وضجيج وجعجعة و
بالكاد ينساب إلينا طحنا !!! إن لهذا الشعر المتفرد - إن وجد - أمارات وعلامات هى
حكر على صاحبه الذى يضفر وشائجه فى عروة وثقى لا انفصام لها . وتكفينا من أصحاب
هذا الشعر بضعة أبيات لأحدهم فقط من قصيدة
لنصبح على يقين من أن هذا من شعر فلان قياسا على ما اطلعنا عليه من نتاجه سلفا .
أهو قاموسه الشعرى الثرى ؟؟ أهى صوره وأخيلته منعدمة النظير ؟؟ أهى موضوعاته
المبتكرة المركبة و قد قدها قدا بعيدا عن المتعارف عليه من الموضوعات التى يصول
فيها أغلب الشعراء ويجولون ؟؟ أهى الطلاوة حتى حين تناول مطروق الموضوعات ؟؟ أهى الانسيابية فى التناول فلا وحشية ولا
التواء بل البساطة و الوضوح ؟ أهو التكثيف
الآسر برغم ذاك التبسط ؟؟ أم هل هى روحه المنسكبة عموما فى القصيدة وشخصيته
الفريدة؟؟
(. 2.
)
جرأة ولكن !!!
توافينا أشعار/ ليلاس التى اطلعنا عليها بما يمكن
أن نطلق عليه جرأة الطرح العفيف . إنها تتناول تيمة فى غاية الأهمية
فى كثير من قصائدها التى اطلعنا عليها ، و هى تيمة
الحب التى كانت تمثل مشكلة للمرأة العربية من قبل بسبب الانغلاق . تتناول ذلك
بانفتاحية( ملتزمة ) لعلها ربيبة ماحصلته المرأة العربية من حقوق ومغانم بسبب الوعى
العام الذى اكتسبته وبسبب الإنفتاح الحادث فى المجتمعات العربية ذاتها -على قلته -
.
كما ويلفتنا فى قصائد / ليلاس صوفيتها الطاغية .
والعنوان " رأيتك فى الروح " الذى تعنون به الشاعرة قصيدتها محل تناولنا
يؤكد ما نذهب إليه . إنها ترى الحبيب فى الروح ، والروح عموما فى معناها العام
وعند المتصوفة مقرونة بالشفافية والنورانية لزوال الحجب وانزياح العتامات وسياحة
الأنفس فى ملكوت الله غير عابئة بالمظهر الطينى الأرضى الكسيف الأسيف للأشياء .
إنها (أى الروح )وأصحابها الخلص المخلصين هما من يعنيان بالمخبر والسرائر ، وهذا يحيلنا
إلى قضية شيوع الحكم على الناس فى مجتمعاتنا العربية من خلال المظاهر الخادعة
فقط والطقوس الشكلية البعيدة عن روح الدين
ولبه . فقد يكون المرء البسيط على تصوف عظيم فى خفاء ، وقد يكون الغنى بالغ الثراء
على تصوف عظيم سرا وقد ينصرف من بمكنته الثراء عن ذلك طائعا مختارا فى سبيل الله
كأطباء لهم من علو الشأن والشهرة نعرفهم يداوون مرضاهم بالمجان دونما من ولا أذى (
صوفية نعنى ) ، وكذا قد يكون الشرقى الذى يحيا بين شعوب الغرب على تصوف أيضا ؛ إنه
الجوهر والمخبر والسرائر لا المظهر والشكل والعرض . ونحن نعتقد أن جل المفكرين
الحقيقيين الذين يعملون على إصلاح حال الثقافة وإزالة ما علق من شوائب بالدين من
المتصوفة . إن للتصوف الحق عندنا عميق إرتباط بالواقع المعاش وإلا ما كان تصوفا
كما ذكرنا قبلا فى غير هذاالمقام . إن التصوف المعتبر يجود الواقع الطينى ويرقيه
ويسمو به ، وتصوف / ليلاس على شاكلة ما أدرجناه للتو . فالحب البشرى المتعارف عليه
بطينيته وأرضيته عندها فى تمازج بنورانية الروح التى تجعله شفيفا رقيقا رفيقا
رهيفا بعد تخليصه من أدرانه الأرضية . إذن ليتنا جميعا على تصوف صحيح ليتبدل بنا
الحال .
إن /
ليلاس تمزج الأرضى الدنيوى بالروحى النورانى
ولندقق فى مزجها الذى تكون فيه الغلبة للروحى النورانى ( بوعى منها أو بلا
شعورها ) . إنها تفعل ذلك كناتج دينى شرقى ثقافى أصيل يتخللها لم تتخل عنه ؛ بل
إنها ترضاه و تزكيه وتدافع عنه ، وبهذا فهى كشقيقاتها من الأديبات والمفكرات
العربيات تثبت لنا إنه مع الحداثة يمكن الحفاظ على الموروث الصحيح لنا ، وتلك قضية
عويصة لا يزال يتنازعها الكثير من أهل الحداثة الفجة و أصحاب التراث المحض و أرباب التوفيق بينهما
من العقلاء . وبما أننا نمقت الغموض فإننا نوضح فنقول إنه برغم أن / ليلاس
ورفيقاتها حصلن على مكتسبات حديثة ماحصلن عليها فى غابر الأيام و برغم جنوحهن نحو
الحداثوية فإنهن لم ينسين صحيح تراثهن و لم يطمسن شرقيتهن وحافظن على مشاربهن
الدينية والقومية والوطنية المحلية . ينطبق ذلك على كل الفضليات ممن اطلعنا و
تناولنا أعمالهن ؛ فهاهى / أحلام الحسن
تعالج مشكلاتنا القومية العربية وكذا / أميمة منير جادو و / تغريد بو مرعى و /
ولينا صاحبة الفكر الأنيق و الأديبة الشابة / إيمان رجب سعد ومن ننوى الكتابة عنهن
فى قادم الأيام إضافة إلى ليلاس زرزور محل بحثنا اليوم .
لنؤكد ما قلناه فلنتامل القصيدة سويا لنجد أن
الشاعرة تستخدم اللغة العربية ؛ لغتها القومية
( برغم ماقد تتقنه من لغات أجنبية أخرى ) و تستخدم الفصحى السهلة وليست
اللغة المعجمية المتكلسة وهذا مايتطلبه الخطاب الأدبى العربى الآن وهو مطلب قومى
للنهوض بلغة الضاد عموما ، و وفى ذلك انتماء وحداثوية بحسب رأينا . وهى توظف التراث
اللغوى الصوفى العربى الإسلامى فى القصيدة وفى ذلك
أصالة منها . كما و أنها تتناص تناصا ( تاريخيا ) مع الأندلس وفرسانها وهذا تفاعل
منها مع أحداث التاريخ الذى صاغها بنى جلدتها من العرب . ويبقى هناك تناصا فريدا
مقدسا التزمت فيه الشاعرة بالقرآن الكريم وقصة النبى / موسى عليه السلام مع سحرة
فرعون .
لنبرهن على مانقول فإننا نحيل المتلقى إلى البيت
الأول بداية بعدما تناولنا العنوان باجتهادنا من قبل . تقول الشاعرة فى البيت
الأول :
سأملأ عمرك وردا وفلا
لأنك عندى من الروح أغلى
فلا شك أنها تخاطب الحبيب مازجة الحب بالروح (
روحها الدنيوية الأرضية ) ثم تستدرك على ذلك فتعمد إلى ترقى حبها وروحها ذاتها إلى معارج سماوية طوباوية
مثلى وكأنها تخلصهما من ترابيتهما الأرضية بالكامل فتستخدم لغة صوفية بحتة تأمل
البيت الثانى وما يليه :
أأنت أنا؟ أم أنا أنت قل لى
فكلى بك عشقا تجلى
أذوب ببعدك ذوب الشموع
وحبك عندى من الشهد أحلى
إلى أن تقول لتتناص تناصها التاريخى مع الأندلس
وأيام العرب هناك :
وقد جئت لى فارسا قرطبيا
رأيت بسيماك طهرا ونبلا
ولتتناص أيضا مع المقدس ( القرآن الكريم ) وتحديدا
قصة النبى / موسى - عليه وعلى نبينا وكافة الأنبياء السلام - وسحرة فرعون .
رميت عصا العشق فى نبض قلبى
لقفت بها كل من مد
حبلا
هذا والقصيدة ثرية ثراء صاحبتها ، ولكن ليس
بمقدورنا تجلية كل مواطن الفرادة فيها فى عجالتنا تلك ... إلى القصيدة :
رأيتك فى الروح
سَأمْلأُ عُمـْرَكَ وَرْداً وَفُـلّا
لأنّكَ عندي منَ الرُوحِ أغلى
أأنتَ أنا؟ أمْ أنا أنتَ قُلْ ليْ
فكُلّي بكُلّكَ عِشْقاً تَجَلّى
أذوبُ ببُعدِكَ ذَوبَ الشُموع
وَحُبُّكَ عند ي من الشَهْدِ أحْلى
فأنتَ الرَحيقُ وَأنتَ الحَريقُ
بقلبي. فسُبحانَ رَبّي وَجَلّا
وأنتَ الرياحُ وَأنتَ الجَناحُ
بحبّكَ طِرْتُ مِنَ النَجْمِ أعلى
رَأيتُكَ في الرُوحِ قبلَ العُيون
فكُنتَ كذلكَ رُوحاً وَشَكْلا
وَقد جئتَ لي فارساً قُرْطُبيّاً
رَأيتُ بسيماكَ طُهْرَاً وَنُبْلا
وفي الوَهْمِ أنظُرُ في مُقلَتيك
فألمَحُ فيها سُيوفاً وَخَيلا
رَمَيتَ عَصا العِشْقِ في نَبْضِ قَلبي
لَقَفْتَ بها كلَّ مَنْ مَـدّ حَبْلا
فكُنتَ الحقيقةَ دونَ ارتياب
وأثبَتَّ حُبَّكَ قَولا وَفِعْلا
وَإنَّكَ عَوَّدْتَني الإبتسام
وَصِرْتَ لعَيني ضياءً وكُحْلا
أحبُّكَ قَبلَ وُجُودِ الوُجُود
وَعَنكَ إلى الحَشْرِ لنْ أتَخَلّى
وَأكثَرُ منْ قَطَراتِ السَحاب
إذا هَطَلَ الغَيثُ زَخّاً وَوَبْلا
لقد لامَني البَعضُ لمّا عَشِقتُ
فقلتُ لمَنْ لامَ كَلّا وَكلّا
تَوَلَّهْتُ فيكَ لحَدِّ الفَناء
فلَمْ يُبْقِ حُبُّكَ في الرَأسِ عَقْلا
إذا جُنَّ قَيسٌ بماضي الزَمان
أرى الآنَ جُنَّتْ بعِشْقِكَ ليلى
تَنوحُ على الغُصْنِ مُنذُ الصَباح
لَعلَّ الحَمامَةَ تشتاقُ خِلّا
ولو أنّني مثلُها لي جَناح
لَطِرْتُ إليكَ معَ الريحِ عَجْلى
ليلاس زرزور
وم بإعدادها والتحكم فيها.