حامد حبيب
العَرب و..الكشوف الجغرافية
و..جواسيس البرتغال فى زىّ تجار للوصول إليها
_ابن ماجد يقود سفينة فاسكو دى جاما إلى الهند_
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
كان العربُ
شعباً يُحبُّ التّرحال
، وكان التوسُّعُ العظيمُ لدولتهم فى خروجِهِم لبلدان عديدة
جعلهم
دائمى السَّفر ، مما كان له عظيم الاثر عليهم فى
جمع
المعلومات الصحيحة ، ومقابلة العلماءَ النابغين منهم
والأخذ
عنهم ، وكتابة تقارير
مفصّلة فى وصف البلدان التى زاروها ، وبهذا
بدأ علم الجغرافيا عند العرب ياخذ
الشكلَ العلمى الصحيح ، بعد
أن كان بعضهم كالخوارزمى
يعتمد على مانُقِل
من تراث اليونان لبطليموس .
وبينما كان الغربُ فى ظلُماتِه ، لايدرى عن ذلك شيئاً،
كان عالمٌ ک(المَقدسى) _مثلاً_ يجوبُ الأرضَ
ليكتُبَ
كتابَه
" أحسن التقاسيم فى معرفة
الأقاليم " فى جغرافية الارض
وشعوبها ، مُتّخذاً مادّتَه من تجارِبِه
ومشاهداتِه.
كما استطاع الجغرافيون امثال(البنانى) و(البيروني)
أن يُحدّدوا بدقّةٍ متناهية
الموقع الجغرافي للبلدان
الهامّة بالنسبة لخطوط الطول والعرض.
وراح ( الاصطخرى ) فى كتابِه " المسالك والممالك" يتجرّد من
منهج اليونان الجغرافي
فى تقسيم الأقاليم ،واعتمد على
جغرافية رسم الخرائط ، وتبعه
( ابنُ حوقل ) فى كتابه "صورة الارض" و (البلخى)
فى كتابه"صور الأقاليم" ، و(ابن خردانية)
و( قدامة
بن جعفر) .
وعرف
الجغرافيون العرب أنّ
الأرضَ كرويّة، واستخدموا مقاييس
جديدة فى حساب
الطول والعرض ، بجانب اعتمادهم
على المقاييس الأخرى،
مثل
: الفرسخ واليوم
والشهر ، كما
جمعوا بين الجغرافيا والتاريخ
، فيما عُرِف
ب " الجغرافيا التاريخية".
فكان
للعرب الفضل العظيم
فى حركة الكشوف الجغرافية ، إذ كان الملاّحون العرب قد
عرفوا الكثير
عن
المُرشدات الملاحية والخرائط
البحرية منذ القرن العاشر الميلادي
، وكانت لهم تجاربهم الملاحية فى المحيط الهندى والملايو وأرخبيل
وبحر الصين
وكذلك
البحر المتوسط والبحر الأحمر ،
واجزاء من المحيط الأطلسى حيث تطلّ
عليه الأندلس وشمال غرب إفريقيّة.
كان
ذلك مما ساعد الرحلات الكشفية الأوربية من
خلال
البرتغاليين الذين سعَوا
سعياً مُحكماً ، للحصول على علوم
العرب ، فاستعانوا بالتُّجّار اليهود
فى
الأندلس الذين قاموا
بدور الجواسيس فى الحصول على معلومات العرب
وتقديمها لاسيادهم البرتغاليين ،
واستطاعوا الوصول لمصر وسائر البلاد العربية
فى لباس التجار
، للحصول على
خرائط عربية عن المحيط
الهندى ، وتفاصيل التيارات البحرية والرياح
الموسمية فيه ،
وقدّمت بعثة الجواسيس تلك معلومات
وخرائط بحرية للسلطات الحاكمة في
لشبونة ، والتى
ساعدت فى وصول البرتغاليين بحراً إلى
الهند.
وحينما
وصل ( فاسكو دى جاما ) إلى
موانى شرق افريقيا فى مارس ١٤٩٨م ، اخذ يجمع معلومات عن اقصر وأسهل
خط ملاحى يؤدّى
إلى الهند ، ارسل إليه حاكم ثغر
"ماليندى" التابع بكينيا
الحالية ملّاحاً
عربياً ، هو ( أحمد بن ماجد ) صاحب النشاط الواسع
فى المحيط الهندى، خاصةً في المنطقة الواقعة بين
الساحل الشرقى لأفريقيا وبين الهند، وكان على حظٍّ
وافر
من الخبرة الملاحية ، وقد ترك للتراث العربى
الملاحى
ثورة قيّمة من
المؤلفات العلمية في التكنولوجيا البحرية وفنون الملاحة.
وفى أوّل مقابلة
تمّت بين ( فاسكو دى جاما ) وبين
(أحمد بن ماجد) ، إطَّلَع الملّاح
البرتغالى على عدّة آلات وادوات
بحرية،وبوصلة بحرية وآلة رُبع دائرية لقياس
ارتفاع الإجرام السماوية
فوق الأرض ، واسطرلاب عربى
من المعدن ، والتى
عندما رآها ( فاسكو دى جاما ) أخذته
الدهشة ، كما
اطلعها
( ابن ماجد)
على خرائط عربية
دقيقة ، تجعل التعرُّف على الطريق
أمراً سهلاً وميسوراً.
وسرعان
ماأدرك ( دى جاما ) إنه ملّاح
قدير ،عليمٍ
بالطُّرُق
الملاحية وفنون البحرية ، فعزم
على عدم التفريط فيه ،
ولم يمضِ يومان
حتّى كان (ابن ماجد) يقود السفينة وعليها ( فاسكو دى جاما ) من ثغر "ماليندى"
فى كينيا قاصداً الهند ، وحقّقت بعثة
(دى جاما ) اهدافها بفضل جهود الملّاح العربى
( ابن ماجد).
#أين نحنُ الآن من التقدّم التكنولوجى
العالمى ؟