حامد حبيب
نحتاج ثورةً علميةً وصناعيّة
تحاولُ كلُّ دولةٍ أن تستفيدَ
من تجاربَ الآخرين ،
وخاصّةً
الذين نجحت تجاربهم
وأذهلت العالم ، فصار لهم السّبق
فى التقدُّم.
وقد
كان للعلمِ والحريّة
والاستقرار السياسى والعزيمة ، الفضل الأوّل فى هذا التقدّم ..وقد سبق أن قدّمنا
مقالة عن الإنجازات
العلمية فى القرن السابع عشر ،
وسنرى كيف قادت هذه الانجازات إلى
ثورة
صناعية خطيرة فى
اوربا، خاصّةً بريطانيا،
التى
كان لها السبق ، واستطاعت أن تستثمر الجهود
العلمية فى نجاح ثورتها الصناعية فى القرن الثامن عشر.
فقد
اقترن الاستقرار السياسي
بتوفير الحُريّة الاقتصادية والحريات
السياسية والفكرية والتسامح الدينى ، مما
ترتّب عليه تحوّل
بريطانيا إلى مأوىً لكثيرٍ من الجماعات المُضطهَدة فى أوربا.
وكان
العامل الثانى ،
هو توافُر راس
المال اللازم للتصنيع وإنجاح
الثورة ، لأن
تشجيع الاختراعات واستثمارها وتنفيذها
يحتاج بالطبع إلى
أموال طائلة.
لذا
قامت الثورة في
البداية على اكتاف مجموعة صغيرة من
رجالٍ أغنياء من
ذوى الأرواح الحُرّة المستقلّة ،
وكان الإنجليز يطلقون
على الشخص منهم اسم "السيّد" الچنتلمان ، كما لعبت
الجامعات دوراً بارزاً فى
هذا الشان ، حيث واصلت الجمعية
الملكية
_ التى تأسّست
عام ١٦٦٢م _
أبحاثها
واختراعاتها
، وأحدثت طفرة
كُبرى فى المجال الرياضي ،
وأحدثت نموّاً فى
الميكروسكوبات والتلسكوبات ، وعلم
التشريح ، وعلم الچيولوچيا، وعلم المعادن
الذى عاد بالفضل
العميم على المخترعات ، فظهرت
الماكينات العظيمة.
ولأنّ
الحاجة أمّ الاختراع ،
فحينما وجد أصحاب مصانع الحديد
أنَّ كميات الخشب المستخدمة فى صهره
ليست كافية ،
توصّلوا لاستخدام الفحم الجيرى ، وعندما
وجدوا أن اعماق
تلك المناجم تغمرها المياه ، تمكّنَ ( توماس نيوكومن Tomas
Newcomen )
عام ١٧١٥م من اختراع طلمبة بخارية كابسة لضخّ
هذه المياه ، ثم
قام ( چيمس وات James Watt ) بتحسينها
وتطويرها عام ١٧٦٣م،وبالتالى
تخلّصوا من هذا العائق فى استخدام الفحم الجيرى.
ولما كانت آلات الغزل والنسيج يتم
تشغيلها بالقوة اليدوية ، فكانت
بطيئة وكثيرة التكاليف ، وكان لابد
من تغطية احتياجات
السوق المتزايدة ،
تمكّنَ المخترع الانجليزى ( چيمس
هارجريفز Jame
Hargereaves )
من اختراع آلة
للغزل تتحرّك بواسطة عجلة
يدوية تغزل ثمانية
خيوط قطنية
فى وقت
واحد ، ثم ادخل عليها تعديلات تزيد من عدد الخيوط، حتى استطاع
العامل الواحد أن ينتجَ
مايقوم به٢٠٠عامل قبل ذلك ، كما اخترع (
ريتشارد
أركريت Richard
Arkwright )
آلة أُخرى للغزل عُرِفَت باسم " الإطار المائى Water fram
" وقد تميّزت بمتانة خيوطها
..واخترع(صمويل كرونبتون
Samuel
Cranpton
عام١٧٧٩م
اختراع آلة للغزل ، كانت
أساس الآلات
المُستخدَمة
فى العصر الحديث........وفى ١٧٨٤م ، اخترع (إدوارد
كارترايتE.Cartwright) أوّلِ نُول متحرّك، وبناءً عليه ، أُنشئ اول
مصنع للنسيج به ٤٠٠ نول.
وفى عام ١٧٩٣م ، تم اختراع آلة لحلج القُطن . وفى
عام١٧٨٣م
، اخترع ( هنرى كروتH.Crot ) وسيلة لمزج
الأكسجين بالحديد المنصهر، ليُكسبه مرونة، فيسهُل تشكيلُه ، مما أحدثَ تقدُّماً فى
صناعة الآلات المعدنية.
وفى ١٨١٤م
، استطاع المخترع الانجليزى ( چورچ
ستيفنس George Stephenson) إن يخترعَ
اول قاطرة بخارية، تسير بسرعة ٤٤ كم/الساعة، وانسان مصر ثانى خط سكة حديد
فى العالم بين القاهرة والإسكندرية عام ١٨٥٢م، وتكاثرت
السكك الحديدية بعد ذلك فى اوربا.
ثم ظهر التلغراف الكهربى عام١٨٣٥م ، وتمّ
مدّ أوّلِ سلك بحرى
"كابل" بَرقى تحت
البحر بين انجلترا وفرنسا عام١٨٥١م، ثم عمّ نظام البرق
العالم المتمدين
كلّه.
واخترع (
فرنرفون سيمنز ) أوّلِ دينامو ، أو
مُولّد كهربى عام ١٨٦٦م ، وأديسون
يخترع المصباح الكهريى ١٨٨٩م
( وإن
كان ذلك نُسِبَ لغيره مؤخراً) كما تم توليد الكهرباء
من مساقط المياه
باستعمال التوربينات ، وفوجئ العالَم بالنور والحرس الكهربى، وساهم ذلك فى مخترعات اخرى
كثيرة.
فكانت أسبقية انجلترا فى الثورة الصناعية تعود إلى
اهتمامها بالاختراعات والأبحاث العلمية
واسبقيتها
على الآخرين فى تلك الاختراعات، لمحافظة القانون
الانجليزي
على حق الاختراع
والتملُّك ، وكانت الجمعيات العلمية
تمنح مكافآت مالية
كبيرة للمُخترعين ، واهتم
أصحابُ رءوس الاموال بالاختراعات ،
وكان هذا التشجيع
اطمئنان للمخترعين بان جهودهم لاتذهب سُدى.
_توافرت كل العوامل من
بحوث علمية واختراعات ورءوس أموال
واستقرار سياسى وحريّة فى كافة المجالات ، فكانت
النهضة التى جعلت
بريطانيا تسيطر على اجزاء كبيرة
من العالم ، وان تكون لها الهيمنة
الكبرى.
______________________
# اين نحنُ من كل ذلك؟
لاتنقصنا عقول ولاموارد طبيعية ولابشرية ...
فعلماؤنا يملأون تلك الدول المتقدمة ، ومواردنا بدلاً من استغلالها
نصدّرها خاماً لتلك الدول
لتحويلها لصناعة ، ونصبح دول مستهلكة
لا مُنتِجة، وأبناؤنا يشكون البطالة ، والدول العربية الغنيّةِ
تستثمر فى الخارج ، والحريات
التى تكفل الابداع
فى شتى المجالات غير
متاحة لابناء الوطن
العربى القادر _وببساطة_ على
تحقيق هذا الحلم، إذا ماتمّ تفعيل بعض
الاتفاقيات التى نصّت
عليها جامعة الدول العربية بخصوص التكامل والتعاون والوحدة.
لكن
بما اننا لانمتلك
سوى الكلام ، فذاك حلمٌ بعيد
المنال ، وسيظل أقصى مانخترعه
هو الشيبسى والكاراتيه واللبان
بطعم الفراولة والبرتقال
ولبّ البطيخ والخُبّيزة .
# كم
أتمنّى صحوة وثورة
كتلك التى أحدثتها إنجلترا والمانيا وفرنسا
وأمريكا....... وسنتحدث عن ثورتهم الصناعية
فى النشر القادم إن شاء الله.
#غيورٌ على وطنى
______________
حامد حبيب_مصر
