العقيد بن دحو
الحرب الإقتصادية العالمية الثالثة
تعددت
الأسباب و الحرب واحدة ، فليست الحرب دائما يوم التقاء الجمعان ؛ ويعد كل طرف ما
استطاع من اسلحة تدميرية خفيفة و ثقيلة و
الردعية منها ؛ يسود فيها منطق جنون التاريخ ، حين يفكر المنظرون ومزلفي وعرابي
الحرب وفق قوتهم التدميرية و لا سباب (ميكيافلية) الغاية فيها تبرر الوسيلة ، او
لأسباب(ماكلوهانية) الغاية هي ذاتها الوسيلة!.
ومادامت هي
كذلك لا أحد صار بمناى عنها ، بل تفرض فرضا على الضعيف و القوي ؛ و على المؤيد او
المنتمي او المعارض او المحايد. مادامت الشركات العالمية تسعى إلى النجاح ؛ آله
العصر الحديث المادي.
لقد شهد
العالم أزمة اقتصادية الأولى من نوعها اشتدت من سنة(1929 -1939) عشرية كاملة ضاقت
بها الولايات المتحدة الأمريكية الآخرين ووصل امتداداتها إلى القارة الأوروبية
واسيا و دول الخليج ، كون الدولار هو عامل العملة المشترك بين كافة هذه الدول
المنتج و المستهلكة بالميزان التجاري و المتداول في مصارفها و بنوكها العالمية و
المحلية على حد سواء.
كما شهد
العالم ايضا أزمة مالية ترقى إلى درجة ان تكون حربا عالمية ثانية دامت سنة واحدة
اشتدت من سنة ( 2007 - 2008) أوصلت العالم الحر و غيره إلى ما وصل اليه.
اما الحرب
الروسية الحالية على أوكرانيا عملت بالحرب العالمية الثالثة ، حيث اختلال ميزان
تجارها، حابلها بنابلها ، وتدخلت المصالح و جماعة الضغط العالمي و كذا اللوبيات و
تجار الأزمات دون إهمال مصالح الشركات العالمية العملاقة الضاربة لوحدي الزمان و
المكان. التي لا يهمها الذي يموت بقدر ما
يهمها الذي يحيى. .
شركات عالمية
برعاية اممية و دولية ؛ وقد نلمس هذا اكثر عندما تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية
بكل ثقلها المالي و المادي ، و العسكري و الأمني و الاستخبارات وكذا إعلاميا الرهيب الاعلاني البروبجندي الذي
بدوره يضغط بالصورة المعادل الصوتي ، جاعلا منها أقوى سلاح.
وكذا من خلال
الولايات المتحدة الأمريكية أوروبا الغربية حينما تبحث في المعسكر (البروستورايكي)
القديم عن حق تاريخي و عن مجال حيوي فردوس مفقود و حتى ان لم تجده تصنعه ، تارة
باسم مكافحة الإرهاب و الرهاب الدولي ؛ و تارة اخرى باسم حقوق الإنسان و مكافحة
الدول المارقة كروسيا حاليا و كوريا الشمالية !.
مما عملت هذه
الحرب الروسية على أوكرانيا بداية أولى طلائع قطب او معسكر شرقي جديد صيني كوري
تقوده روسيا مما سببت بحرب اقتصادية عالمية طرفيها التضخم و ارتفاع اسعار النفط
العالمي...تبدو فيها المصلحة خيوط ساحر أسر متحكم باللعبة بجميع خيوطها السياسية ،
الاجتماعية، الثقافية سرعان ما ينقلب السحر على الساحر ، بل يؤسر هذا الساحر .
عندما تبدأ
ساكنة العالم تشعر بالارتفاع التدريجي للاسعار إلى أن تصير قدرة الدول تتجاوز طاقة
الدول والعرض اكبر من الطلب ، وبالتالي لم يعد الانتاج العالمي متحكما فيه تمة نصل
إلى ما يسمى بتوقف ( الكعكة) الإقتصادية العالمية عن النمو.
الحصار
الامريكي او الغربي على روسيا و لا سيما الاقتصادي منه ، وكذا
التضخم
الناتج عن الحرب الروسية الاوكرانية والارتفاع في الأسعار الأولية و المعدات و
الخدمات طرفان متلازمان في قضية واحدة .
يخطئ من يظن
انها خارج أقاليم الدول البعيدة جغرافيا عن المعسكر الشرقي الاتحاد السوفياتي
سابقا ، بل في ظل العولمة او الكوكبة او الامركة العالم صار قرية صغيرة.
بتخذ من
البضاعة ( الكتلة) موضوعا ومن العالم موضعا ويجعل من وقته هو العصر المعاصر !.
نتساءل في خجل : أين الإنسان من بين الحرب و السلم وجراء كل ما يحدث من تغيرت و
تحولات و تنقل تجرى بمشرط طبيب جراح اقتصادي تجاري على هذا العالم المريض بالواقع
التي تحول كل شيئ إلى رقم و سجل تجاري معياره الربح و الخسارة بل النجاح ( اله
العصر الحديث)!؟
نحن نعيش
مخاضا عسيرا عالميا جديدا ، كان جراء كل
أزمة جديدة ضمن مشروع كوني ؛ نظام عالمي جديد !. بالطبع كما جرت العادة
ضحاياه من العالم الثالث ؛ ان بقي لهذا العالم من ثالث و لا من اول و لا من آخر !.
كما ان نظرة
بسيطة ساذجة سذاجة البداية عندما نجد على مسطرة هذا العالم الحديث الذي وولد ولادة
قيصرية قبل اوانه ، أنبوب النفط العابر للقارئ هل يعبر بارض الجزائر او المغرب ،
تماما كالقصة السرمدية : من أسبق للوجود
البيضة ام الدجاجة. ؟!.
السذج اعينهم
على الانبوب و الجغرافيا ، بينما من خطط و استشرف ونفذ وقرر عيناه على الملايير من
الدولارات و نصيبه من هذه الكعكة التي
نزلت على
الشركات متعددة الجنسيات مائدة من السماء - فيما مد افلاطون اصبعه ليشير إلى القمر
لاحظت الحمقى الإصبع- لم نعد نتفرج وراء شاشات تبث لنا خبرا مقدسا و تعليقا واجبا
هذه الحرب الإقتصادية غير المقدمة و غير الواجبة ، عبر شاشات التلفزيونات (
زووووم) التي كانت تخلق من الحبة قبة و من المتحدة نحنة و من التقني نعمة !. وإنما صرنا جزءا من هذه الحرب ، نتفرج على
أنفسنا كيف نصاب يوميا في جيوبنا والراتب ثابث والوحيد المتغير إلى أعلى اسعار
البضائع ، لكنه موت بالتقسيط مؤجل حين البضاعة تصير هي الزبون و الزبون هو البضاعة
فمن يشتري و يبيع وقتئذ مادام تجار الحرب
سطروا لكل شيئ سلفا داخل حجم نظام جديد فيه البقاء اللأقوى. !؟
نتساءل
لأمناء الارض وحراسها و شفعائها هلةانبوب النفط المزعوم هذا العابر للقارات هل
ينقل النفط فقط او ينقل القيم ايضا !؟.
هل ينقل حكم
افريقيا ( هامباته امبا) ، و حكمة ( سيزار سانغور)... و هل ينقل ثقافتنا إلى آخر
او ان منطق الدولار أقوى لم يترك في الإمكان إبداع اكثر مما كان !.
حين يذوب
الاستغلال التجاري في الاستغلال الفني و التقني سيظل شعارا إلى أن يثبت العكس و
تتوقف الحرب!؟