جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

ما بعد الرواية

العقيد بن دحو

* - " اتبعوا أمثلة الاغريق و اعكفوا على دراستها ليلا كما اعكفوا على دراستها نهارا " / (هوراس) ق: (-5ق.م).

من يوم إلى آخر يتأكد لكل مثقف لقف ، ولكل ناقد بديع ، و لكل باحث مكين ،  لا يمكن لأي مبدع اليوم ان ينمو بعيدا عن الأسطورة/ الميثولوجية و لا سيما الاغريقية الرومانية منها ، على اعتبار الأسطورة ميراث الفنون كما يقول "نيكولاس فريده".

صحيح هي لا تمنح هدايا لامعة لاشباه الأدباء و لاشباه المثقفين ؛  و لا لانصاف المتعلمين ، انما هي زاد معين لا ينضب للافكار المبدعة ، و للصور المبهجة و للمواضيع الممتعة ، للاستعارات ، و للكنايات . ا تهب كل امرئ شيئا (...). بل انها تشجع اللامعين ، ومن لهم مواهب أكبر مثل (سبنسر) ؛ ( بلزاك) ؛ (جونسون) ؛ ( كافكا) ؛ ( لويس) ؛ ( كوكتو) ؛(جويس).... ليشيدوا عمارات جديدة من النتف و البنايات التي تخلف من أساطير مختلفة متنوعة تاريخية و شبه تاريخية ، ما قبل الميلاد و ميلادية.

 و كما يمكن ( مؤارخة) الأسطورة يمكن احالة الأسطورة إلى تاريخ و الحديث قياس.

الأسطورة نفس جماعية لا فردية حديث بالف صوت ، فما بالك ان كان الحديث رواية....!

الأسطورة خلاص ، إنقاذ، و لان الأدب بصفة عامة و الرواية بصفة خاصة وصلت إلى درجة (التشبع)  ، توقف محور تصاعدها و بدأ في النكوص، و لان لم يعد في الامكان ابداع اكثر مما كان ، و لان الرواية بكل انواعها واجناسها ومدارسها و مذاهبها الادبية استنفذت خصائص و قيم المجتمع المادية و المعنوية ، الإنسانية و العلمية و التاريخية الفلسفية الإقتصادية الثقافية. لم يعد أمام الروائيبن و الكتاب الا الأسطورة لا نقاذ ما يمكن انقاذه. اذ ليست كل خرافة محلية او حكاية شعبية أسطورة. فالاسطورة ما جاء ذكرها وصفها و تحفظ سيرها الذاتية لفظا و لحظا و اشارة ، رسما و نقشا  و انطباعا و أيقونة ، تماثيل عظمة الشخصيات الابطال و انصاف الآلهة و الآلهة.

الأسطورة ما لمحت لها أمهات الملاحم الإنسانية " الاوديسا " ، " الاليادة " ، " الانيادة " ، " الشاهنامة " ، " المهابهارته "... و كذا ما ورد على لسان الدراما الشعرية الكلاسيكية التقليدية الاخلاقية التراجيدية و الكوميدية " ثلاثية اسخيلوس" ، " اليكترا " ، " اونتجون " ، " اوديب ملكا " ؛ " فيلوكتيتيس" ، " اياس" و غيرهم كثير او ما يسمونها بالعقد ، سواء كانت العقدة عند الرجل او عند المراة !.

كل هذا جعلت من الرواية ان تعبر خط الفن الروائي الى ما وراء الرواية او ما بعد الرواية ، حين يكتشف الروائي الموهوب مجددا ارثه هناك قضاء و قدره.

ولعل أسطورة " ديدالوس " و ابنه " ايكار " مكنت الاثنين معا الرواية و الروائي العبور او الطيران ما وراء برزخ الرواية.

ديدالوس : تقول الأسطورة الاغريقي : مهندس اغريقي بنى تلافيف متاهة جزيرة " كريت" حيث سجن " المينوتور" . ثم سجن هو نفسه بامر من " مينوس" . لكنه تمكن من الفرار.  اذ صنع لنفسه جناحين من ريش لصقهما بالشمع. و اصطحب معه في طيرانه ابنه " ايكار " . وحين حلقا اقتربا كثيرا من الشمس فذاب الشمع و سقطا في البحر.

بمعنى هذا ،  وبهذين التحليقين ، يحقق الروائي ما بعد الفن او روائي نهاية الفن و نهاية التاريخ ، بالطيران في اتجاه الاعالي اولا ،  حيث يعيد أسطورة ديدالوس ويصير الإنسان الطائر ، ثم يغوص في الاعماق ثانية حيث يعيد أسطورة يوسف و يصير الإنسان الحالم المؤثر . لقد قاوم الروائي كما قاوم ديدالوس و يوسف الخضوع للواقع.!

اذن بقدر ما كانت الرواية عبارة عن نقل آثار قديمة رفيعة إلى نثر شعري عاطفي و مسلسلات شعبية

تصل الرواية إلى ما وراء الرواية - حيث مجز بالحياة مجاز الحياة - إلى مرحلة من مراحل تصورها يفلت فيها الأثر الفني من مواصفات السرد النمطي الكلاسيكي التقليدي ؛ ليسامت الآثار الأدبية ذات التصورات الفلسفية السرية الأسرة الساحرة الصوفية ،  التطهيرية التكفيرية ( الكاتارسيزية) / Cathsrsis من ادران انفعالات النفس. كالاليادة هوميروس و الكوميديا الآلهة لدونتي او الأقدار الثلاث ( Parque - Athropos -Clothos )  وجدت الرواية نفسها و هي تعود -  مجبرة لا بطل -  إلى روائع الفكر الانساني بعيدة عن اقوالها التقليدية السردية و الترفيهية و خصائص المتعة إلى حفظ السر و القلق ووسوسة الدوار و الدوخان مجددا التي تمنحه إلى قارئ متبصر لما يحدث حوله بالعالم ، و ما حدث  ، و ما سوف يحدث . الأثر و ما بعد الأثر و الأثر الذي يخلفه الحدث.

من الصعب اليوم على روائي لم يدرس الآثار الكلاسيكية الاغريقية ومصادرها ؛  تاويلاتها النفسية و الاجتماعية و المعالجات الاخرى... كيما يمسك بتلابيب الرواية اليوم. فالموهبة وحدها لا تكفي و تشكرات و مجاملات الخلان و الاحباب سراب إذا ما اصتدمت كل هذا بصخرة الحياة المرة التي تلين و يصبح مذاقها لينة شبما إذا ما  اضيفت الميثولوجيا كسكر زيادة !

" وشحال يكفيك من استغفر الله يا بايت بلا عشا "  او كما يقول المثل الشعبي الجزائري.

الواقع ان التفكير اللاهوتي الديني الاغريقي غني و خصب ، و امتاز الإنسان فيه بما امتاز به الآلهة من تنوع وتعدد صفتها و خصائصها حتى قال الأستاذ( كروازييه) / Croisiet : " ان في خيال اليونان فكرا وفي شعوره روحا وفي شهواته روية ، فانتج ادبا انسانيا نشعر فيه بقوة يقربنا من حياتنا و بامعان في تفهم مشاكلنا في نغم جميل محبب إلى النفس  ، له وقعه على القلوب الصادمة وقعا مباشرا  " .



***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *