الصراع الازلي بين المدرسة او المذهب الأدبي و الحزب السياسي / ( السيريالية) نموذجا
العقيد بن دحو
الصراع الازلي بين المدرسة او المذهب الأدبي و الحزب السياسي / (
السيريالية) نموذجا
العقيد بن دحو
دعنا نقر اولا ؛ إذا كان ولابد ان نحدد تاريخيا رمزيا لظهور الادب هو سنة
1755 ، كأول رسالة نشرها و كتبها الكاتب الانجليزي (صمويل جونسون)/Sameulle johonson إلى اللورد (تشيسترفيلد)/Tchesterfeild يلتمس فيها
مساعدة مالية لنشر كتابه وطرد من عتبة بابه !.
بينما الحزب السياسي قديم قدم التاريخ بل ما قبل التاريخ.
صحيح قد يقول قائل: الأدب قديم ايضا مما قبل الميلاد ، لكن لسهولة الدراسة
الحركة الأدبية على محوري التطور التاريخي و الاجتماعي الفكري ، كان لابد من
احتمال ضبط احداثيي ؛ نقطتي ؛ فاصلتي و ترتيل الدراسة.
الصراع ازلي بين المذهب و المدرسة
الادبية و الحزب السياسي ؛ بين المذهب الكلاسيكي التقليدي و الحزب الديمقراطي او
الاورستقراطي.
ولما كانت المدرسة او المذهب السيريالي نتاج عامي (1919-1939) أقرب إلى تاريخ الظهور الرمزي
للاديب او الادب كانت المقاربة او القراءة حتى لا ابالغ و اقول الدراسة أسهل.
واذا كانت السيريالية ثورة أفكار على كل المدارس و المذاهب التي سبقتها من
الكلاسيكية التقليدية إلى التعبيرية.
تظل السيريالية او ما وراء الواقع التعبير عن خواطر النفس في مجراها
الحقيقي بعيدا عن اي إلتزام يفرضه العقل او المنطق ، ثم الإيمان بسلطان الأحلام
المطلق.
لم تسلم بدورها السيريالية من هذا الصراع الاجتماعي الأدبي الفني الفكري
الذي تحول إلى نزاع مسلح ، بين الحزب الشيوعي و بين السيريالية كمدرسة او كمدهب .
أين قدمت هذه الأخيرة القوافل من الشهداء ، ليس في سبيل استعداد حريتها على الأرض
و العرض ، و انما في سبيل استرداد حريتها الفكرية.
- الاول : لقد انتحر " جاك فاشيه" عام 1918 في " نانت" ، و احس
السيرياليون حينها الشعور بالكراهية نحو الادب و العداء نحو الفن التقليدي . و قد
مثل بنحو نموذج " المتصنع" /Dandy او وفق
التعبير الألماني و الذي استغل عبث الحياة
- اما الشهيد الثاني: في عام 1929 اطلق " جاك ريغو" النار على
نفسه. وقضيته معقدة تستعصي إلى الفهم و الحل حتى ان الاسطورة قد احاطت بها .
- اما الشهيد الثالث : هو
السيريالي " رينيه كريفيل" الذي
انتحر عام 1935 وترتبط قضيته العلاقة بين
المدرسة السيريالية في حد ذاتها و الحزب الشيوعي خاصة. كان كريفيل شابا جميلا نشطا
مرحا يحب الحياة تحيط به عارضات الأزياء و الموضات و نساء الصالونات من كل الجهات
الأربع حينما يصير متحدا مع الكون. و بعد ان صار شيوعي عاد و طرد من الحزب مع
" بريتون" و " ايلوار " عام 1933 ، لكنه برئ و اعيد إلى صفوف
الحزب . و قد انتحر بالضبط يوم افتتاح مؤتمر الكتاب للدفاع عن الثقافة / Congre' des e'crivains pour la de'fense de la culture . هذا المؤتمر الذي لم يسمح فيه للسيرياليين
بالكلام.
هذه الانتحارات الثلاث ، و التي قدمت فيها السيريالية خيرة ابنائها قربانا
و قرابين على مقام محراب الحرية ؛ إذا كان شعارها في كل هذا : " لا حرية لاعداء الحرية " !.
لم تكن عبثا ا. هو انتحار من اجل الانتحار بلا طائل لشخص سئم من عيش و ضنك
الحياة ، لا يجد بمثل فاشيه " المتصنع" ، ولعبة الحياة ، و فكرة الصدفة
الرفيع.
بينما يشير موت " ريغو" إلى الثورة ضد الفن و الحب ، و إلى
معانقة الأسرار.
اما اسطورة كريفيل فترتبط بجاذبية الوفاء وهاوية الخيبة.
على كل ، الانتحارات الثلاث او الحالات الثلاث قد اتخذت من وجهة نظر
السيرياليين صفة التعبير عن السيريالية نفسها. أقصى انواع الانعتاق. او لتعبير
سياسي حزبي هي منتهى البنائية.
واذا كان الغاية من الحزب مدرسة للتدريب و تكوين الاطر للوصول إلى الحكم ؛
ذاك الحكم الذي سماه الاغريق القديمة و الاغارقة القدماء " بالكنز" / Le pouvoir c'est un tr'esor فمن واجب ( الادب) و الجماعة الأدبية عن طريق المدارس و المذاهب
الفنية الفكرية ان يسعى إلى تكوين اطره الخلاقة المبدعة وتدريبهم على المراس الفني
الثقافي الفكري للوصول إلى ما يسمى ( بالمصلى الادبي) ، بل بدورها الوصول إلى ما
اطلق عليه بالسلطة الأدبية(المانا)/ Mana , ومنه
اشتقت كلمة (الماناليزيون) / Manaleisme.
إذا الصراع قائم بين الفكرتين الفلسفيتين السياسية و الأدبية، و لكن لن
يفقد للود قضية أن يعيشا في جو السلام و الحرية و المساواة في كنف العدالة
الاجتماعية .
في الاخير لا نقول : لماذا هذا ( الادب) مردودا عليه !؟
انما بامكان ان نقول لماذا هذه السيريالية !؟.
ستكون الإجابة:
الغربة...العدمية...التفكك...اللاانسانية...الهروب من المجتمع....و اللجوء
إلى الأسطورة و كافة مساوئ المجتمع ، التي يعجز الا نسان ان يعبر عنها الا وفق
التعبير السيريالي أين الحلم يسبق الفكرة ، و الاشارة تسبق الكلمة ، و الصورة التي
تسبق الفعل.
وبالتعبير السياسي الحزب أين يصير كل شيئ ممكنا ، الغاية تبرر الوسيلة ؛ بل
الوسيلة صارت ذاتها الغاية حتما ستصل إلى مطابقة شهيرة مختلفة.
أين يصير الأدب يلون الطبيعي بما هو خارق للعادة، و السياسة أدب يلون
الطبيعي بما هو طبيعي ، و بين الاتصالين بين ما يمكن ادراكه و ما لا يمكن ادراكه
تتولد الشعرية الخلاقة المبدعة.