الدكتور نجيب العوفي : - مبدع كوني موسوعي ...
محمد الكلاف من المغرب
لا يختلف اثنان على أن النقد هو مظهر من مظاهر الإبداع الأدبي الثقافي
والفني والاجتماعي ، إبداع على إبداع ، ويشمل مختلف الأجناس الأدبية ، ومدى قدرته
على بلورة الوعي الإبداعي ، والتعبير عن الواقع الاجتماعي ، والمساهمة في تطوره
وتحديثه ...
نجيب العوفي ... درويش من دراويش المغرب العميق ، وأيقونة من أيقونات
الإبداع الأدبي...
هو القادم من عبق ترانيم الإبداع النقدي ، والتجنيس القصصي بكل أطيافه ،
بحثا عن مظاهر التحديث في اللغة النقدية... السردية... الشعرية... والنثرية ...
فهو لم يكن ليتبنى أية أيديولوجية فاسدة فساد التوجهات السياسية المارقة
، ليكتفي بموالاته للأدب والإبداع ، من
خلال تطوره الفكري ، في ظل وجود كثرة المارقين والمتملقين ...
فهو ... ينعتونه بالسهل الممتنع ... وليس المتمنع ... لكني أجده سهلا في
السهولة ، ومتمنعا في المطبات والمصطبات الإبداعية ، إن صح لي هذا التعبير ... سهل
في مناولة المناهج الأدبية ، انطلاقا من الواقع الفكري ، على غرار المنهجية
الغربية ، وانطلاقا كذلك من الواقع الاجتماعي ، من خلال العلاقة التلاحمية التي
تجمع بين الأول والثاني ، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال التنكر لها ، ما دامت
تمثل الهوية الإبداعية والفكرية للأدب في كليته ...
فهو من خلال أيديولوجيته الإبداعية والنقدية ، خاصة في مجال القصة ، يرصد
صيرورتها ومنذ أربعينية القرن الماضي إلى الٱن ، والتي فصلها وجزأها إلى مراحل ،
وسم بدايتها بمرحلة التأسيس ، تلتها مرحلة التجنيس ، حيث وضع كل مرحلة في إطارها
التاريخي والقيمي ، نتجنب الٱن الخوض فيها لنترك المجال لمبدع ٱخر ...
فنجيب العوفي يتميز بالنظرة النقدية الثاقبة ، الذاتية والموضوعية في ٱن ،
متبنيا المنهج الواقعي والجدلي ، الذي يعتمد الأخذ والعطاء لاحتواء النص الإبداعي
... الواقعي...
وحيث أنه متعدد ، فله أيضا أيديولوجيته النقدية الخاصة حول الشعرية
المغربية ، والقصيدة العربية بصفة عامة ، والمراحل التي قطعتها ومنذ العصر الجاهلي
، مرورا بالعصر الوسيط، وانتهاء بالعصر الحديث...
وفيما يخص القصة ، فهو يرى بأن القصة تعتمد الواقع المفتوح ، وليس المطلق ؛
واقع مطعم بالخيال ، لتصبح القصة ٱسرة للمتلقي بلغتها الإيحائية والتجريدية
والحوارية والجدلي ، لذلك اعتبر جدليا وبنيويا في ذات الوقت ، انطلاقا من كتابه
القيم : - ( درجة الوعي في الكتابة ) ، الذي يثبت انتماءه للجدلية البنيوية ،
التشكيلية والشكلانية الموبسانية: " موبسان" كما ذهب إلى ذلك الكثيرون ،
متبنيا المشروع الدلالي ل : - لوسيان غولدمان ، في توجهه النقدي والأدبي عامة ،
والقصصي بوجه خاص ، وحتى الشعري والمسرحي إن أردنا التعميم ... بعيدا عن التعتيم
... ما دام يعتبر مبدعا كونيا وموسوعيا ...
ولذلك فقد زاوج بين المنهج الجدلي والمنهج البنيوي كما سلف ، تأسيسا للمنهج
البنيوي التكويني ، في إطار من التلاقح الثقافي والإبداعي ، ما دامت تنصب جميعها
في دراسة الأنساق ، وتفكيك البنيات الدلالية وتحليل النصوص وفهم أبعادها الفنية ،
والإنصات لهواجسها الداخلية والخبيئة ، الغاية من كل ذلك ؛ تشريح النص المنتقد
ومساءلته ، لمعرفة مدى مقاربته للواقع...
فهو كما سبق ، يتبنى المنهج الجدلي في فلسفته النقدية ، لقدرته على احتواء
النص الإبداعي ، والإلمام به وبواقعه ، من خلال رؤيته الشمولية ( الماركسية)
افتراضا...
منهج يتغيى من خلاله دراسة الإنتاج الأدبي ، وتفحص دلالاته الإبداعية بكل
موضوعية ، من خلال العلاقة المادية القائمة بين النص ومبدعه ، وبين النص والواقع ،
لاستنباط الواقع الاجتماعي المتضمن وإشكالياته ، من خلال كذلك ، رصد العلاقة بين
النص والمحيط ، المكاني والزماني ، في إطار التلاحم والتكامل...
ترك الدكتور نجيب العوفي إلى حد كتابة هذه السطور ذخيرة مهمة من الدراسات
النقدية والإبداعية المفيدة نذكر منها : -
# ( درجة الوعي في الكتابة)
دراسة نقدية ...1980 .
# ( جدل القراءة ) ملاحظات ...
1996 .
#. ( مقاربة الواقع في القصة
القصيرة المغربية ؛ من التأسيس إلى التجنيس) ... 1987 .
#. ( ظواهر نصية ؛ عيون
المقالات ) ... 1992 .
#. ( مساءلة الحداثة) ... 1996 .
#. ( عوالم سردية ... متخيل
القصة والرواية بين المغرب والمشرق ) ... 2000 .
أتمنى أن أكون قد وفقت ووفيته ما يستحق في هذه الورقة المتواضعة تواضعه ،
راجيا من الله أن يثيبه أحسن ثواب ، على ما جاد به على القارئ المغربي والعربي من
فصيح النقد والٱداب ...
محمد الكلاف من المغرب