جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك

 

الفنّان.. بين الواقع والموروث

 بقلم حامد حبيب_مصر

¶| مؤتمر "ملتقى النقد الأدبي العالمي"¶|

  _اليوم التاسع(٢٩ يناير ٢٠٢٣م)

إنَّ الفنّانَ  الصادقَ  لايهدأ خاطرُه إلّا بعد أن يتحرّرَ من  الانطباعِ   المباشر  ،  ومِن  أن  يكونَ  مجرّد  آلةٍ لتسجيلِ  الأحاسيس  والمشاعر  ، ويستلزم  ذلك  أن ياخذَ نفسَه بالتنظيم ، وأن يستغلَّ قواه المُمكنة.

وفى محاولتِه تلك ،  تمدُّه  التقاليدُ   الفنيّةُ   بمعارفَ يستمدّها  من  الحياةِ  حوله  ومن   مجموعِ  تجارب  المجتمع. وهى تجاربُ موجودةٌ فى أعماقِ النواميسالأخلاقية  والنظم   الدينية   والمُثُل  العُليا  السائدة والعادات والتقاليد.

واذا كان  الفنّانُ  يعملُ  فى  حدودِ  القواعد  المُتَّبَعة والأصولِ المرعيّةِ ...وإذا كان يفيدُ من تجارب غيرِه، ولا يغفل الماضى باعتبارهِ يُلقى ضوءَه على الحاضِر،فليس معنى ذلك أنّه فقد شخصيّتَه ، بل بالعكس، قد تبدو قوّتُه فى طريقةِ انتفاعِه بهذا  التراث ، وكيفيةِ تناوُلِه له،ومايُضيفُه إليه من ذاتِ نفسِه وخصوصيات تجربتِه ولونِ مِزاجِه وطبيعةِ شخصيّتِه.

ولقد كان من التقاليد المُتَّبَعة فى  شِعر المديحِ _ فى الأدب العربي_ أن يبداَ الشاعرُ  قصيدتَه  بالغزَل  ، ثم ينتقلُ من الغزَلِ  إلى المدح  ،  وقد انتقد ( المُتنبّى )

تلك الطريقة فى مَطلَعِ إحدى قصائدِه ، فقال:

           إذا كان مدح فالنسيبُ المُقدَّم

           أكُلّ فصيحٍ قال شعراً مُتيَّم ؟

ومع  ذلك ، لم  يستطع  أن  يُقلِعَ  تماماً  عن استهلالِ كثيرٍ  من   قصائدِه   التى  نظمَها   بعد   ذلك  بالغزلِ والنسيب،لانّه كان خبيراً بقوّةِ التقاليد الفنيّةِ السائدةفى عصرِه وقوّةِ تاثيرِها ،مِن أن يخرُجَ عليها خروجاً تامّاً ويتخلّص من سُلطانِها.

فالفنّانُ  سواء  كان  شاعراً أم كاتباً  أم مُصوِّراً  أم......

وفى  وسعِ  الفنّان  أن  يفيدَ  من  التُّراثِ الفنّى، وإن ينتفعَ بجهودِ السابقين  ، ويقتبسَ  منهم  وينهلَ من معينِهم ، دون أن يُقلّلَ ذلك من طَرافَتِه..وقد يستعيرُموضوعاً   وينتفع   بفكرةٍ   سائدة    ويتبع    المنهجَ والطريقة ، ولكن عليه أن  يمزجَ  هذه  المادّة  بنفسِه، ويصُبُّها فى قالَبِه الخاص وكيانِه المُستقِلّ.

ولقد  اعترف الشاعرُ  الألمانى الكبير (جيتى)  بفضلِ السابقين  ومؤثّرات  العالَم  مِن  حولِه   على  إبداعِه، حين قال لصديقِه(اكرمان) : "  إنّها نُولَد ولنا مواهب واستعدادات،ولكنّنا مدينون بنمُوّنا الخاصّة لالافٍ من مؤثّراتِ العالَم العظيم الذى نأخذُ منه مانستطيعُ  وما يُلائمُنا  ،  وأنا  مدينٌ  بالكثيرِ   لليونان  والفرنسيين، وعلىَّ دَينٌ كبيرٌ ل ( شكسبير ) و ( ستيرن ) و(جولد سميث ) ، ولكنّى  بهذا   القولِ  لاأكشفُ  عن  مصادرِ ثقافتى ،فهذا عملٌ لاينتهى ، وفضلاً  عن  ذلك ، فإنّ   الدنيا قديمة  ،   وقد  عاش الكثيرون من الرجالِ الأعلياء واعملوا  فكرَهم  آلاف السنين ، ولم يبقَ إلا القليل ليُكشَفَ و يُعبَّر عنه"

ويقول فى حديثٍ آخَر  : " .. إننا حالَ مانُولَد ،  تبدأُ الدنيا تؤثِّرُ فينا ، ويستمرُّ هذا التأثيرِ إلى النهاية ،وماذا غيرُ نشاطِنا وقوّتِنا وإرادتِنا نستطيع  أن ندّعى ملكيَّتَهُ  ؟  إننى  لو  قدّمتُ  الحسابَ  عمّا   أدينُ   به لأسلافى العُظماء ومُعاصِرىّ ، لَما بقِىَ لِى سوى رصيدٍ ضئيل".

ومِن كلماتِه المأثورة:" إذا رايتَ  أُستاذاً  كبيراً  ، فانّك ستجد  أَنَّه  انتفعَ  بما  هو  جيِّدٌ  فى  آثارِ المُتقدِّمين السابقين ، وهذا هو ماجعلَه عظيماً".


***********************


***********************

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *