سرُّ تمايُز القصةِ القصيرة
* بقلم : حامد حبيب_مصر
¶| مؤتمر "ملتقى النقد الأدبي العالمي"¶|
_ اليوم الثامن (٢٨ يناير ٢٠٢٣م)
πππππππ سرُّ تمايُز
القصةِ القصيرة πππππππ
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
* بقلم : حامد حبيب_مصر
-------------------------------
من المقولات
العتيقة التى بدَت
كأنّها نوع من السُّلطة المفروضة على الكُتّابِ والكتابة ،
هى مقولةُ
"النوع الأدبى"، والتى وقع الهجوم عليها من
جهاتٍ
متعدّدة ، إذ أنّ الانواعَ
لم يعُد لها
ثباتها القديم التقليدى ،
وأصبحَ كل نصٍّ كأنّه نوع
فى ذاته ، ولم يعد من السهل
أن تجمع مجموعة
من النصوص يمكنك أن تقول
عليها إنها تنتمى
إلى" نوع أدبى" واحد ، فقد
تضاءلت قيمةُ تحديد
النوع ، ولم تعد نظرية الأنواع
تحتلّ مكان الصدارة
فى الدراسات الأدبية الحديثة
، حيث أن التمييز
بين الأنواع الأدبية لم يعُد ذا
أهمية فى كتابات معظم كُتّاب هذا العصر، لأن الأنواع صارت فى خلطٍ ومزج ، والقديمُ
منها تم تجاوزه، أو تحويره، وتُخلَق من الحين للآخَر
أنواع جديدة ،حتى صار مفهوم النوع غير ذى قيمة، بل موضع شكّ.
فتعريف النوع يتم
وفقاً لشكله الخارجى
أحياناً (الطول_القِصَر_...)، ووفقاّ
لشكلِه الداخلى أحياناً
(الموقف_الموضوع_....)..والنوع
قد يتاسّس على وجود
سمة واحدة تشترك
فيها مجموعة من الأعمال ، أو مجموعة من
السمات مُركّبة على نحو مُعيّن ، وبناءّ
على ذلك يختلف
النقّاد حول عدد الأنواع ، فمنهم من يقترح "أن يكون
كلُّ عملٍ نوعاً فى ذاتِه ،
ومنهم من
يقترح أن يكونَ هناك نوعان: أدب ، ولا أدب ،
ويقترحون أن تكون
ثلاثة: غنائى، وملحمى ،ودراما.. ويقترحون أربعة:غنائى، وملحمى، ودراما،
وقصّ نثرى.
وعمل (التفكيكيون) على هدم مفهوم"النوع الأدبى"
وقالوا إنَّ هُويّة النوع لايُمكن تحديدها بجسم ، لأننا
فى هذه الحالة سنجرى وراء الأنواع فى إطار لعبة
"الاختلاف" التى لاتنتهى
، وتثبيت النوع ليست إلا محاولة تحكُّميّة
من صُنع الثقافة ، تعمل بها على إيقاف اللُّعبة التى لاتتوقّف.
أما (البنيويين) وأتباعهم ممّن
رفضوا مفهوم النوع،
واحلّوا مكانَه مفهوم"النّصّ" لم يتوصّلوا لمفهوم أو تعريف بنيوى
للنصّ الأدبى ، فعجزوا عن
تقديم مفهوم بديل للنوع ، وأن هناك عقبات مُستخلَصة من التفكير النظرى
، فكل نصّ يستند لجملة خصائص تسمح
ب "تنويعه".. أى إدراجه
ضمن نوع أدبى، ومحاولة تحقيق نمذجة بنوية
عامة لجميع أنواع الخطاب الأدبى ، أمرٌ مازال لم
تكتمل معالمه حتى الآن.
ونُقّاد مع بعد الحداثة، يحاولون أن يعملوا بلا نظرية للنوع .
وهناك اعتراف ضمنى
من البعض بوجود
الأنواع الأدبية وأهميتها فى
الدراسات الأدبية ،
ولكنها تتعامل مع النوع
الأدبى باعتبارِه مفهوماً
مرِناً ومفتوحاً ، يسمح بالتعدُّد
والتداخُل ، وإنه مفهومٌ يطوّر من نفسِه مع الزمن.
فالأنواعُ الأدبية مفاهيم مرِنة متطوّرة ،
بمعنى أنها تتطوّر من
عصرٍ إلى عصر ،
ومن فترة إلى فترة، ومن مدرسة إلى
مدرسة ،ومن كاتبٍ إلى كاتب.. فكل عمل جديد_ إذا كان عملاً أصيلاً_ يضيف إلى النوع
،
وكل كاتب متميّز يُغيّر من طبيعةِ النوع ،
وأمام هذا التغيُّر الدائم للنوع
الأدبى ، يسعى
النقّاد لضبط مصطلحاتهم وتنميتها ،
لمتابعة النصوص الجديدة
فالنقّادُ على وعىٍ بما
يحدث للنوع الأدبى من تغيُّر.
وقد كان (أرسطو) نفسه على وعى بإمكانية
تداخل الأنواع ، بسبب تداخل
المقولات أوالجوانب التى يتألّف
منها مفهوم النوع..،
حتى أنه لاحظ
أنّ (سوفوليكس) الذى هو كاتب دراما
أساساً ، يتداخل
مع ( هوميروس ) كاتب
الملاحم ، ويتداخل (سوفوكليس) كاتب التراجيديا مع( أرسطو
فانيس)
كاتب الكوميديا فى
طريقة المحاكاة والعرض الدرامى.
والقصة القصيرة
بين الأنواع ،
مفهوم اكثر إشكالاً،ولايكفى
لحل هذه
الإشكالية أن نقول
إنّها تبتعد عن الرواية بقدر ماتقترب
من الشعر والدراما، وإنّ هذا سرُّ
تمايُزها وهويّتها المستقلة ، وأنها_فى الوقت ذاتُه_ تقترب
من ذاتية الشاعر
ومنظوره الشخصى ، ولاتتخلّى
عن موضوعية الرواية ونثريتها ، فهى نوعٌ
"بينىّ"او "هجين".
ويصفها(فاليرى شو) بانها"توفيقٌ
بين المتناقضات،
تفاعُل بين التوتُّرات والمقاولات
المتضادّة : قصيرة لكنها رنّانة، مكتوبة نثراً لكن بها كثافة الشعر..
مصنوعة من كلمات سوداء على صفحة بيضاء، لكنها
تومض باللون والحركة ، مكتوبة لكنها تحاكى
الكلام
الإنسانى..يبدو ان العامل الوحيد المشترك فيها ، هو هذا التوازن الذى نسعى
إليه".
وقال(شكرى عيّاد) :"إنّ القصة القصيرة تبدو جامعة للنقيضين فى وقت
واحد، موغلة فى الذاتية موغلة فى الموضوعية".
وكاتب القصة القصيرة
يختار دائماً الزاوية
التى يتناول الحياة منها ، وكل
اختيار يقوم به يحتوى على إمكانية
قالب جديد.
------------------------