عطر البارود- ملحمة الثورة " قراءة في رواية عطر البارود للكاتب الاريتري هاشم محمود
"عطر البارود- ملحمة الثورة "
قراءة في رواية عطر البارود
للكاتب
الاريتري هاشم محمود
بقلم : بهاء
الصالحي_مصر
¶|
مؤتمر"ملتقى النقد الأدبي العالمي"¶|
_ اليوم الثاني (٢٢يناير٢٠٢٣م)
تأتي تلك
الرواية المصنفة علي انها رواية حقيقة وهو نوع من الروايات يجمع بين عدة تقنيات
اولها التأصيل لحدث تاريخي ولكنها ليست رواية تاريخية ولكنها تجمع مابين الحقيقة
والتخييل وكذلك تحمل قدرا تعريفيا بالوطن خاصة وأن كاتبها هو احد المؤسسين لاتحاد
الكتاب الاريتريين بالمهجر وهو مؤسسة تم تدشينها في العام الماضي، والمعلومة تلك
تأتي تأسيس لصياغة وأسلوب العمل الروائي بحيث يتناسب مع سياق المتلقي العربي بدليل
استشهاده بأغنية فهد بلان المغني السوري وكذلك الاستشهاد بقصيدة سميح القاسم عن
إريتريا في صفحة ١٨٩ ، ١٧٧ .
وهنا تكون
القصدية كجزء من جماليات العمل الفني حيث يتوخى القاص تقديم وثيقة تاريخية عن
الثورة الاريترية ولعلنا نستند الي حرص
القاص علي طرح ملامح المكان الذي ينتمي اليه في سياق هروبه الأول كنوع من استنفار
الذاكرة خشية عدم العودة حيث يذكر في صفحة ٤٠
حيث يذكر نهر القاش العظيم الذي ينبع من منطقة ( امباطقرا) ليستقر اعمارا في مدينة تسني ويزرع علي ضفافه القطن في
مشروع ( علي قدر) ثم يمتد للسودان ومن هنا
تأتي قيمة الأنهار كصانع رئيسي للحضارة ، ويتحدث كذلك عن نهر عنسبا الذي يربط
السودان بأريتريا ،هنا التوظيف للمعلومة الجغرافية حيث يأتي كلمة مشروع علي قدر
كرابط تاريخي مابين سليمان هاكين والتاجر محمد الذي استوعبهم حال وجودهم بالمعسكر
الخاص باللاجئين،
يلجأ القاص
الي حيلة فنية ذكية من خلال تقنية الحدوته داخل الحدوته الكبري وهي قصة الثورة
التي نجحت عام ١٩٩١ ،فلو كان الغرض الرئيسي تسجيليا لأورد اسماء بعض المعارك او
اسماء أشهر القواد بها ولكنه راهن علي سمو اللغة الفنية من خلال بعض الجمل
التقريرية والتي تمثل مفتاح رئيسي في الرواية ففي صفحة ٤٧ :
هنا حيث يوجد
اللاجئون لافرق بين غني وفقير فالأرض واحدة والرؤوس تساوت
هنا دلالة عامة
حيث أن الازمة قد جمعت كل الفئات والطبقات حيث الأرض الواحدة والمصير الواحد داخل
وخارج الوطن هي العقدة الرئيسية للرواية ومن هنا تأتي الرسالة التنويرية للأدب
ولعل العنوان وتبادل الدلالات والرموز الثقافية قد تناثر عبر الرواية :
ان تكون
الأيقونة الخاصة بالرواية اسمها مريم وهو اسم شديد الدلالة الدينية كنوع من التناص
حيث مات ابوها في الحرب وامها حين ولادتها وكذلك ابراهام الذي مات في عملية حربية
لتحرير مدينة دقمحري ولولا تلك المعركة ما تحررت اسمرا ،دلالة الديانة هنا أن
إثيوبيا تقدم نفسها علي انها حامية المسيحية في أفريقيا، هنا دلالة الوطن ،وكذلك
رفض والد ابراهام الرحيل عن وطنه لأنه قرر أن يموت علي أرضه وحيدا كما مات ابي ذر
الغفاري ،هنا تصبح الثقافة جامعة للوطن وصورة منه .
هنا ملامسة
رقيقة لتاريخ الثورة الاريترية ودور النهر في خلق نقاط تماس حضارية ساهمت في دعم
الثورة الاريترية عبر كسلا ،هنا المصطلح اللغوي طور سراويت وهو مصطلح قادم من اللغة الاريترية وكأنها وشم
ورغبة من المؤلف في التعالي علي الواقع بسمو اللغة فلم يتناول الطور سراويت بألفاظ
قاسية ولكن الرغبة في التعالي علي الاخر بتجاهله والتركيز علي الروح الوطنية من
خلال تيمة العائلة التي تجاوزت الآلام من خلال مفهوم الصداقة والأسرية المتجاوزة
لخلافات الاديان حيث صهر الوطن داخله كل المعاني فلم يبقي لنا سواه .
بنية الحدوته
وقدرتها علي السبك انعكس علي الشكل الهندسي للرواية فلم يقسمها لفصول وذلك يعني
الكثير علي مستوي جماليات العمل الفني حيث يفترض كون الحدث واحد وأن طالت تفاصيله
لان السارد الافتراضي هنا هو التاريخ السارد لبطولة الأشخاص الخمس الذين تحركوا
وفق مفهوم الوطن الذي تحول لفاعل حقيقي من خلال كونه محرك رئيسي لأفعال الابطال
،هنا دور المرأة في الوطن وخارجه من خلال قدرتها علي الوفاء وحفظ كيان المجتمع في
المنفي كما في الوطن .حيث تصبح ام إبراهيم معادل موضوعي للوطن ،وكذلك قصة الحب بين
عافيت ومحمد علاوة علي النهاية المتفائلة للرواية .
هنا فكرة
التعالي علي الألم وتبقي الدلالة المعرفية للعنوان فكأن البارود الذي قتل الشهداء
قد جعل الشهداء وقود للحرية التي فاحت علي رياض الوطن المحرر .
تبقي الرواية
شاهدا وتاريخا علي دور الأدب في حفظ التاريخ الاجتماعي للاوطان وهنا الإضافة
النوعية لتلك الرواية
