جاري تحميل ... فنون

إعلان الرئيسية

جديد فنون

عاجل

إعلان في أعلي التدوينة

جديد موقع علَّم نفسك

جديد علَّم نفسك
آراءAkid Bendahou

لغة الخشب في زمن الديماغوجية

 

لغة الخشب في زمن الديماغوجية

العقيد بن دحو



لكن ؛ دعنا قبل هذا وذاك ان نمر عبر بوابة الاغريق حاضرة اليونان العريقة في الفن و الادب و السياسة و التاريخ و الفكر ؛ اذ لا يمكن أن (نحرق) و نتجاوز المراحل التاريخية و الشبيهة بالتاريخ و ما قبل التاريخ و حتى جنون التاريخ و الصفر التاريخي ان شئت !.

لطالما اعتبرت الاغريق " اللغة" قيمة وطنية لا يمكن التخلي عنها باي سبب من الاسباب او باي حال من الأحوال.   فعظمة الوطن من عظمة اللغة ؛ و قدسية الدين و العبادات ، و قدسية الاساطير من قدسية اللغة. لذا كانت مذاهبهم و مدارسهم الكلاسيكية التقليدية الاخلاقية لا يسمح فيها بهجو او اسفاف او سفور او اسقاط ؛ فعظمة اللغة من عظمة الآلهة و انصاف الالهة و الابطال .  اما عامة الناس والرعاع و السفلية فلهم ما شاءوا من  قوانيس ز مناجد فهارس الللهجات و اللغات الاخرى ان يتحدثون بها كما شلءوا و ابوا ؛ هذا ان سمح لهم بالتحدث اصلا !. فصمتهم احسن من حديثه- تكلم كي اراك - !.

اذ عندهم : صوت الشعب من صوت الاله ؛ وهنا يقصد بالشعب من يسمح لهم الحديث في لاكروبول او باماكان التجمعات الوطنية او الأمة الاغريقية.

ولطالما في السياسة الاغريقية اعتبر الدين و اللغة طرفان في قضية واحدة ، و لا سيما عندما صارت ديانة (زيوس) سيد النظام و الحكم اللاهوتية تقترب من ديانة البشر.

ونموذجا لنا في قصة (فيلوكتيت) للكاتب الاغريقي الشاعر الدرامي صوفوكليس (- 412 ق.م) النموذج لعبقرية اللغة الجريحة ؛ اذ العبقرية مقترنة بالمرض ؛ و اذ تصير الأدب اجمالا و الفن و الفكر هو مرض اللغة و اللغة من حيث هي المرض . بل هي مرض الإنسان؛ هذا الإنسان الذي لا يكفيه ضميره، بل ينبغي أن تقدم له إغراء انتهاك ضمائر اخرى ، ويجعله يعيش حيوات اخرى !.

يقول ( فيلوكتيت ) : " أيتها اللغة العزيزة ! ليمكن ان لا اسمع يونانيا يوجه الي الحديث الا بعد هذا الزمن الطويل !  لماذا يا بني ؟ لماذا ارسيت سفينتك في هذه الجزيرة؟ اي ضرورة اي خطة ، اي ريح مواتية دفعتك اليها؟ انبئني بكل هذا لاعلم من انت . ".

كانت هذه العبارة الصوت البعيد الانسان يأتي من مملكة اللغة ، تشعر كل كلمة فيها قصيدة مجمدة ؛ روح جماعية لا فردية ؛ و لو انها تخرج من فيه متحشرجة حسرة و الما على فراق الإخوان و الاوطان الا انها حديث بالف صوت !.

كما توجد لغة الكراسي. اللغة التي يراها ارثر ميللر الكاتب الامريكي بأنها لغة بلاجدوى و لا هدف و لاغاية. اللغة عاجز كل العجز عن الحوار و الاتصال بين الناس ؛ و ما يحدث من جدوى محتملة ما هي إلا لغة يتوهمها الناس بأنهم يتواصلون... و مع ذلك هم يكررون المكرر و يجربون المجرب مع العبث و اللاجدوى ، انه ( التفريغ) المطلق الذي يصب على الناس صبا.

كانت هذه لغة الكراسي التي توصلنا إلى ديماغوجية لغة ( الخشب) ؛ وهو مصطلح سياسي فرنسي اعلامي اعلاني يروبجندي فرنسي كان متداول ابان السبعينات و ثمانينيات القرن الماضي القرن العشرين.

لغة الخشب او / Langue de bois عندما تستخدم كلماتها المقولة، المملوءة بالاساليب الصبيانية الجمالية الجوفاء الخرقاء من المعاني السامية و الأفكار الغنائية التي لا تشير إلى تلك الفكرة التي تغير المحيط و العالم معا التغييرية التفكيرية ، تلك التي تحدد وتقدر مصير ما.

بل استخدمت ميكيافليا و بافلوفيا و ماكلوهانيا لتقديم وتخدم اغراضا دنيوية سياسية انية ؛ تموت مع موت اللحظة التي استولدتها الضرورة ؛ او الضرورات تبيح المحظورات في سياسة كل شيئ فيها ممكنا ؛ حتى اللجوء إلى الاتحاد مع الشيطان !.

لغة الخشب ؛ تمتاز بما يمتاز به الخشب ، الخشب (السيليلوزي) يطفو فوق السطح بفعل كتلته الحجمية او وفق (دافعة ارخميدس) التي تدفع كافة الاجسام التي تغمر بالماء فوق السطح !.

واذا كان المال الاخير للخشب او الاتلاف او الحرق  فإن لغة الخشب بعد ان تؤدي غرضها الستاري او الحجاب؛ لتغطية عن مشكلة ما  ، تدفن كسائر النفايات الصلبة او تحرق تتحول إلى كربون او فحم متحجر . .

ما اكثر اليوم أولئك الوجهاء الذين يحدثون الناس من أمام الشاشات التماثلية او الرقمية وهم بخاطبون الناس بلغة الخشب ، يشدك - مللا وكللاا و ما لا اقل و ما لااجل ؛ بلغة فضفاضة ، و المتتبع المستمع ينتظره عن كثب لعله ينطق بجملة تنتهي بفائدة بلاطائل ؛ و مع هذا الناس تصفق ..  و تتبع و كان على راسها الطير ؛ خوفا من ان يقال فيها ان لم تفهم حرفا واحدا او كلمة واحدة !.

زمن لغة الخشب لكراسي فارغة و لجمهور فارغ عن  فكرة مسبقة لماذا حضر و لمن توجه في هذا المكان البائس لتملا عليه اكبر عمليه مسخ إنسانية. انسان يدعي بأن يعي و لا يغي شيئا ؛ يسمع و لا يسمع شيئا ؛ يرى و لا يرى شيئا . معطل الحواس وتداعي و تراسل الحواس و الخواطر بالوعي و اللاوعي . مخدرا يجلس طيلة الساعات المبرمجة للغة الخشب مع ( الكوتش) الخشب؛ يتم فيه ( تخشيب) كل شيئ !

ويظهر الجميع كانهم خشب مسندة!.

" الخشبويون " هم أناس كانوا يشبهوننا ؛ اغتربوا عنا فجأة وصارت لهم لغة خاصة ؛ حالة خاصة ؛ يمتازون بالمطولات قولا وفعلا ؛ لكنهم سرعان ما يخافون حول آراء و افكار خشية؛ من حيث اللغة لم تعد لوحدها صوت الخشب و انما الأسلوب ايضا ، و من حيث الأسلوب هو الرجل الخشب بل المجتمع....(...) حسب راي فكر (بوفون) !.

كم هي الأساليب اللغوية التي يحدثوننا بها مسؤولين او من يقوم مقامهم او حسابهم، او ناطقهم الرسمي باسماءهم ؛ كيما يحجبون عنا اللغة العزيزة التي ينتطرها منهم الشعب كما انتظرت الاغريق القديمة و الاغارقة القدماء عودة ( فيلوكتيت) ليخلصهم من عذابات القهر و الدل و الاستبداد الاستعماري الاستدماري ؛ و يشارك في الحرب و مع الجيش الاثيني العظيم بما ورثه من سلاح فتاك حارق خارق " درع و سهام هرقل المجنحة و بعد ان يشفى من علته العضوية و الاجتماعية " العليين؛ علة المرض الجرح في قدمه و جرح النفي عن الأوطان و الاخوان  .

خاطبوا الشعب بما يفهمون بعيدا عما يدور في الغابة من أشجار و اخشاب ، عندما تصير للخشبة لغة و للغة خشبة. لذا لا غرو ان خص الجزائريون الهاتف النقال غير الرقمي بالهاتف المحمول

 الخشبة !

الغريب عندما يحف المواطن نفسه بالخشب، سيكون بالداخل اقل قتامة ، يهرب اليه خوفا من يتحول إلى انسان الخشب او نقار الخشب !.

ساعتئذ سيتاكد لنا كاتب التر ميللر ان ( الكراسي) كانت ارحم من لغة الخشب.

ان البطل يقف وحده وسط الكراسي الفارغة ، و التي يستخدمها ليست أكثر من كلمات فارغة ،  وزوجته التي يخاطبها ليست أكثر من رجع صداه ، و الجمهور الذي ينتظره ليس اكثر من أشباح. انه عالم فارغ او عالم مليئ بالفراغ ، عالم تتم فيه اكبر عمليه ( تقريغ) هائلة. تفريغ الكراسي ، و تفريغ الكلمات ، و تفريغ الحاضرين ، و تفريغ لكل شيئ.

بل قل ( تخشيب) الالفاظ ، تخشيب التخشيب ، تخشيب اللغة ، تخشيب القيم ، تخشيب الهواتف المحمولة الذكية و الغبية منها ، تخشيب الجمهور ، تخشيب نقار الخشب ، و تخشيب اكل شيئ !.

كم كنت صادقا و كاتبا استشرافيا ؛ تكتب من ذاكرة المستقبل يا " ارثر ميللر" لنشهد اليوم تداعيات مسرحيات على الالسن الخشبة تخاطبنا بلغة الخشب وباصداء ظلام لغة الخشب !.


***********************


***********************

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

اتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *