الرئيسية آراء Akid Bendahou ثلاثية الفن و الأدب و الثقافة

ثلاثية الفن و الأدب و الثقافة

العقيد بن دحو

من نافل القول ان اصعب القصائد القصيدة الثقافية ، و اصعب اللوحات الفنية اللوحة الثقافية ، واصعب المنحوثات المنحوثة الثقافية ، و بالقياس على سائر الفنون الزمكانية الاخرى وهلم جرى...... كونها تحمل فكرة ذات مرجعية وخلفية شبيهة بالتاريخ : اي خرافة او اسطورية او ذات خلفية او مرجعية تاريخية بالمرة. يصعب على المتتبع او القارئ العادي ان يكشف مكنوناتها ما لم يكسر قشرة الفاظها و يفصح عن لب الفكرة . ان يغوص في أغوار لجج المعاني مكتشفا عن الذرر المكنون....

انا البحر في احشائه الذر كامن *** هل سألت الغواصين عن صدفاتي.

كل هذا ليكتشف الانسان عن أسطورة عنصره وفق ثلاثية ارثه ؛ خلاصه ؛ و قضاء وقدره.

- الثلاثية الأولى: تعتبر ثلاثية الشاعر الدرامي الاغريقي ( اسخيلوس) اول ثلاثية عرفتها و شهدتها الكلاسيكيات العالمية ، ليست على مستوى الجمالية الشعرية و لا الذوق الفني ، او على مستوى رهافة الحس الشعور الوجدان الانساني ، و لا على مستوى الحلم او قوة الكلمة ، و انما على مستوى الفكر و الفعل معا.

ثلاثية اسخيلوس : ( اوريست - اجاممنون - حاملة القرابين) يكون قد اقتبسها في عصرنا الحديث المفكر الوجودي الشاعر الفرنسي الفيلسوف (جون بول سارتر) باسم الذباب او ( الندم) عام 1943 خلال الاحتلال الألماني لباريس. تؤدي دورا في المقاومة بشكل تتمثل فيه فكرة الاغراب.

جعل من الاحداث القديمة اسقاطات عن الاوضاع الجديدة. فربات النقمة يصبحن ذبابا ؛ تضرب به الآلهة مدينة ارجوس هنا هي مدينة باريس يحل العفن و العطن بين أهاليها. و الدباب هنا هو نوع من الكائنات الادمية التي تقطن داخل ثخوم المدينة.

ليست وحدها ( الاورستية) فكرة انما الثلاثية ؛ فاجاممنون يصبح فكرة ، اوريست فكرة ، وحاملة القرابين فكرة ايضا .

- الثلاثية الثانية :

حيث مزاج الفنان امثولة او انموذجا في (اناشيد مالدورور) للشاعر السيريالي (بودلير). متمثلة في النموذج الثلاث : العراف او الكاهن - الشاعر - المحارب التي بدورها تطابق الأفعال الثلاث : الكاهن او العراق فعل المعرفة - و إلى المحارب فعل القتل - و إلى الشاعر فعل الخلق او الإبداع.

تقترب الأفعال الثلاثة في الفنان الأدوار الثلاثة دور الكاهن الشاعر المحارب. نموذجا هذه الصور الثلاث تجتمع في بطله مالدورور عندما يتحد مع الوحش اي مع أنثى القرش. فهو اولا يهيمن على المشهد كما يهيمن الكاهن على طقس معقد يتكهن به و يتحكم فيه ويعرفه. ثم يشارك فيه شان المحارب في التدمير و القتل ، و هو كالشاعر يخلق من نفسه شان جديد باتحاده مع الوحش.

- الثلاثية الثالثة :

المبدأ الشعري الباطن- الملائكية نموذجا Angelisme ، ( هيرودياد ) للشاعر ملارميه نموذجا

الوجوه الثلاثة المشكلة المذهب: الملائكية - الكهانة - النرجسية

تعني ان الشاعر يخلق عالمه الخاص و يجلس فيه.

اما ااكهانة : يتمثل في محافظة الشاعر على أسرار اشعاره و غيرته عليها و كذا في المسلك السحري و الأساليب الشعائرية.

اما النرجسية : هو موقف يتطلب من كل شاعر ان يكون هو نفسه ، موضوع شعره ، المبدأ الشعري الباطن الاكثر عمقا و غموضا.

- الثلاثية الرابعة :

الشعر - الفلسفة - التاريخ .

إذا كانت الوجودية كمذهب او كمدرسة تعني اكثر بالفلسفة . فإن السيريالية تعني اكثر بالشعر ، و رؤى الشعراء أعمق و اخصب بما لا بقدر من رؤى الفلاسفة. لأن الشعر مرتبط ابدا بالاسرار الكونية الانسانية الأولية الازلية ؛ بينما تغدو الفلسفة أقرب إلى التاريخ متى وضح كل شيئ وبقية الفلسفة . مالم تصبح شعرا.

الفلسفة تتناول تفكير الإنسان في الكون في مرحلة معينة من التاريخ ، بينما يتناول الشعر ما يعرفه الإنسان في الكون و ما عرفه ابدا شعوريا او لا شعوريا.

الفلسفة محدودة بزمن كالتاريخ ، اما الشعر فهو النشاط الانساني الوحيد الذي لا ينال الزمن منه . انه خلوده الوحيد . الشعر هو نفي اللحظة ؛ او اية وحدة زمنية .

فإذا ما حول الشاعر احلامه إلى صور صار شاعرا فذا ، ثم قد تأتي مرحلة الفكر و قد يصير الشاعر ناقدا او فيلسوفا. الفيلسوف هو شاعر لم يعد يعبر عن نفسه بالصور، و تعهد الفكر من اضمن الوسائل للتغلب على الغم و الهم و الضنك و الوحدة.

ووحده الشاعر الدرامي الملحمي الطبيب ( برتولد بريخت) رفض ان تظل فلسفته الدرامية حبيسة ادمغة من سبقوه ؛ و أبى الا ان يجعلها تسري بين الناس شعرا و فكرا و تاريخا وعلوما، و لكن ليست كما هي في ذاتها و انما كما يجب أن تكون ، ان تنتقل إلى الجمهور يضفي عليها من خيارات عصفه الذهني ليكون الجميع ممثلين و مؤلفين و مخرجين و جمهور في صميم و في قلب و محور العملية الدرامية التفكرية التجريبية التغييرية.

كانت هذه ثلاثية التفكير في الفن و الأدب و الثقافة ، و اذا كنا نعي بان لها ارتباطات بمراحل نمو تطور الانسان ، فحتما تعود بنا إلى أسئلة التي كانت بالبدء ، أسئلة اللغز !

ما الكائن الذي يمشي في أول النهار على اربع

وفي وسط النهار على اثنين

وفي آخر النهار على ثلاث..انه الإنسان!.

إذا ماكتب الشعر بعد سن المراهقة ؛ ثم يصير نابغة ؛ ثم يصير فيلسوفا او مؤرخا طبقا لسبق التجربة.

أسئلة " الانسان" هي أيضا بمراحل ثلاثة لتجابة واحدة تتكرر حسب كل عصر وزمان ، و كلما واجهت الانسان عوائق و عراقيل وصعوبات جمة تعيقه عن التقدم و الازدهار الحضاري بشقيه المادي و المعنوي و المادي و اللامادي منه.

هو ذاك الإنسان الذي فك لغز ( هولة) اثينا القديم ، مطالب اليوم بثلاثة اخرى او اي رقم آخر من ان يجيب عن تلك أسئلة العصر المؤجلة الفنية الأدبية الثقافية الإجتماعية السياسية الاقتصادية.

***********************

الوسوم: آراء Akid Bendahou

فنون

جديد فنون

عاجل

جديد موقع علَّم نفسك