بلالُ بنُ رَباح
* أوّلُ مُؤذِّنٍ فى الإسلام *
"”""""""""""""""(
مُحمَّدٌ و
أصحابُه)""""""""""""""
(٢)
حامد حبيب
_____()_____
كان ( بلالُ ) حبشياً مِن
أُمَّةِ السُّود ،
وشاءت المقاديرُ أن يكونَ عبداً ل(أُمَيَّةَ بن خلَف) أحد شيوخ "بنى
جُمَح"بمكّة، وكانت أُمُّه إحدى
إماِءِ تلك القبيلة وجواريهم .
فكان ( بلالُ ) يعيشُ عِيشةَ
الرقيق ، لاحقَّ له في
يومِه، ولااملَ له فى غدِه.
راح الناسُ فى مكة يتناقلون
أنباءَ مُحمَّد ، ويُصغى السّمعَ لأحاديث(أُميَّةَ) عنه مع أصدقائِه ، وقد
اعتراه
الغيظ والغمّ ، وامتلأ حقداً وشرّاً على محمّد.
لكن (بلالَ) سمع منهم شخصياً شهادتَهم عن
محمّد،
بأنه ماكان يوماً كاذباً ، ولاساحراً
ولامجنوناً ، وسمع
منهم عن أمانتِه ووفايئه
وخُلُقِه ورجولتِه ونزاهتِه ورجاحةِ عقلِه، وسمعهم يتحدثون عن سبب
عداوتِه رغم كل ما تقدّم .فالسببُ هو
ولاؤهم لدينِ آبائِهم،
والخوفُ على مجدِ قريش، ثم
حقدهم على بنى هاشم أن يخرجَ الرسولُ منهم دون غيرهم.
ويذهبُ(بلال)إلى رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ويُسلِم ..ويُذاعُ خبرُ
إسلامِه ، وتدورُ الأرضُ برءوسِ
أسياده وخاصة سيدُه (أمية بن
خلف)...
وتبدأُ رحلةُ تعذيبِه ، فكانوا يخرجون به في الظهيرةِ إلى الصحراء
المُلتهبة بحرارة الشمس ،
فيطرحونَه على الحصَى المُلتهب وهو عُريان
، ثم يأتون بحجرٍ كالحميم ،ينقله بضعةُ رجالٍ لِثُقلِه ، ويُلقون به فوق
جسدِه وصدره … ويتكرّرُ هذا العذابَ الوحشىّ كلَّ يوم ، دون جدوى أن يتراجعَ عن إيمانِه
ويصيحُ به جلاّدوه الذى أتعبهم تعذيبه
بلافائدة أن "اذكُر اللاتَ
والعُزّى"فمايقول سوى:"أحدٌ..أحد.."فجعلوا في عُنقِه حبلاً
وسلًطوا صبيانَهم أن
يطوفوا به جبالَ
مكة وشوارعها ، ولايتحرّكُ لسانِه إلاّ بقوله : "أحدٌ..أحد" ،
وكأنه نشيدُه المُقدّس ... لقد يئسوا منه، حتي لقد قالوا:قد تعِبنا من
تعذيبك،حتى لكاننا نحنُ المُعذَّبون،
فيهز راسَه:
"أخدٌ….أحد" فينفجرُ(أُميّة) غمّاً وغيظاً ، وفي أثناء خروجهم به
إلى الرمضاءِ بتعذيبه مرةً أخرى ، يأتى
(أبو بكر الصديق) وهم يعذّبونه ،فيصيحُ بهم : "أتقتلونَ رجُلاً أن يقولَ
ربِّىَ الله"
ثم يصيحُ في (أميّة بن خلف) : خُذ أكثرَ من
ثمنِه واتركه حُراً..وكأنما كان( أميةُ ) يغرق وأدركه
زورقُ النجاة…وباعوه لأبى بكر الذى حرّره فى الحال،ليأخذَ (بلالٌ) مكانَه
بين الاحرار،وكان عيداً عظيماً.
وبعد الهجرةِ إلى المدينة ،
راح يُشرِّعُ رسولُ الله الاذان ،فمَن يكون ذلك المؤذِن للصلاةِ
خمس مرّاتٍ كل يوم ،فوقع اختيارُه (صلى الله عليه وسلم) على (بلالٍ) ليكونَ
أوّل مؤذِّنٍ في الإسلام.
وينشبُ القتالُ بين
المسلمين وقريش فى "غزوة
بدر" ،وكان(أُميّة بن خلف) من القاعدين عن الحرب، لولا تشهير
( عُقبة بنُ أبى معيط ) به وتشبيهه بالنساء ، وكان
(عُقبة) من أكبرِ
المُشجّعين لأُميّة
على تعذيبِ (بلال) وغيرِه من
المُستضعَفين، فخرج (أميةُ ) مع
(عُقبة) لمواجهة المسلمين في
"غزوة بدر" ،التى كان شعارها"أحَدٌ..أحد" ، وتُقبِلُ
كوكبةٌ من المسلمين ،فتُحيطُ ب(أُميّة) وابنِه،لينتقمَ منه (بلالٌ) وهو يقول
:أحدٌ..أحد"، ويُقتل (عُقبة بن أبى معيط) هو الآخر.
وتاتى الأيامُ وتُفتَحُ مكّة، ويدخل الرسول (صلى الله عليه وسلم) الكعبةَ ،
مُصطحباً معه بلالاً ، ويأمرُ بلالاً أن يعلو ظهرَ المسجدِ الحرام ويؤذِّن.
وعاش ( بلالٌ ) مع رسولِ الله يشهدُ
المعارك كلَّها،
ويؤذِّن للصلاة ، وكان يزداد فى
كل يومٍ قُرباً من رسول الله،الذى كان يصفه
بأنه"رجلٌ من أهل الجنة"
وبعد ذهاب الرسول إلى الرفيقِ الأعلي ، طلب
من أبى بكرٍ أن يُرابطَ في سبيل الله حتى الموت ، فقال له أبو
بكر:"ومَن يؤذِّن لنا..؟"
فقال (بلال) وعيناه تفيضان من الدمع: "إنّى لاأؤذِّن
لأحدٍ بعد رسول الله".
وظل(بلالٌ)مُرابطاً في ثغور الإسلام،وكان آخرُ آذانٍ
له ، حين
زار ( عمر بن الخطاب ) الشام
، وتوسّل المسلمون له أن يحمِلَ بلالاً
على أن يؤذِّنَ لهم صلاةً واحدة، فدعاه(عُمر) لذلك، ورجاه أن يؤذِّن ، فصعد وأذّن،فبكي الصحابةُ الذين
أدركوا رسولَ الله وبلالٌ يؤذِنُ له، وكان(عُمر)أشدَّهم بكاء.
ومات (بلالٌ) في الشام وهو مرابطٌ في سبيل الله،
يثوى رُفاتُه في "دمشق".
بلالٌ....الذى كان من
أعظمِ رجالِ البشر صلابةً في
الوقوف إلى جانب العقيدة .
بلالٌ..الذى عرفه مئاتُ الملايين من البشرِ عبرَ القرون والأجيال،وحفظوا
اسمَه ، وعرفوا دَورَه في الإسلام.
بلالٌ..الذى تسألُ عنه أىَّ طفلٍ مسلمٍ في كلِّ بُقعةٍ من بقاعِ الأرض التى
يسكنها المسلمون،فيجيبك:
هو مؤذنُ الرسول(صلى الله عليه وسلم).. هو العبدُ
الذى كان يُعذّبه سيّدُه بالحجارةِ المُستعِرة ليرُدّه عن
دينِه ،فيقول:" أحَدٌ..أحَد ".
جعل الإسلامُ العبيدَ أحرارا
والمُستضعَفين أقوياء ، وتُذَلّ أعناقُ العُتاةِ المجرمين المُشركين ،
ويُصبحُ العبيدُ والمستضعَفون هم القوّاد والولاة والعلماء وخير من مَشَوا على الأرض.. تفخرُ بهم الدنيا
والتاريخ والأجيال ، ويذهبُ
المجرمون الطّغاة إلى جهنّم صاغرين.
رحمَ اللهُ بلالاً..
رحمَ اللهُ كلّ الذين صمدوا دفاعاً عن عقيدتهم .
ورحمَ اللهُ شُهداءنا
—-----------
حامد حبيب_مصر